اقتصاد دولي

إلى أي مدى يمكن للعملات المشفرة تجنيب إيران العقوبات؟

قال خبير إن المشكلة بالنسبة لإيران والأطراف المقابلة في أن المعاملات في العملات المشفرة ليست مجهولة الهوية حقًا- CCO
قال خبير إن المشكلة بالنسبة لإيران والأطراف المقابلة في أن المعاملات في العملات المشفرة ليست مجهولة الهوية حقًا- CCO

اقترح مسؤول إيراني استخدام العملات المشفرة للالتفاف على المشاكل المرتبطة بالعقوبات الدولية المفروضة على طهران، خلال مناقشة البرلمان لتقرير يحدد حجم سوق العملات المشفرة في إيران وأفضل السبل لاستخدام هذه التقنية.

واعتبر غلام رضا مرحبا المتحدث باسم لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان الإيراني، أنه لا يمكن للإيرانيين أن يبقوا لامبالين تجاه "ظاهرة" العملات المشفّرة. 

وأضاف بحسب وكالة أنباء "إسنا" أن "تحويل الأموال بواسطة العملات المشفرة يمكن أن يكون وسيلة للالتفاف على العقوبات وتخفيف آثارها" على الاقتصاد.

وجاءت تصريحات المسؤول الإيراني بعدما اعتمدت دولة السلفادور عملة بتكوين المشفرة كعملة رسمية، ما يدفع للتساؤل: هل يمكن أن تنجح إيران في تجاوز العقوبات عبر استخدام العملات المشفرة؟ وما إمكانية تحقيق ذلك عمليا؟

يرى محلل الأسواق المالية وليد أبو هلال، أنه "يمكن أن تنجح إيران في استخدام العملات المشفرة للالتفاف على العقوبات، سواء عبر بيع النفط وقبض الثمن بهذه العملات أو شراء احتياجاتها بها".

وأوضح أبو هلال خلال حديث لـ"عربي21"، أنه "يمكن القيام بهذه العمليات التجارية عبر العملات المشفرة كونها لا تمر عبر البنوك وهي تتبع نظام اللامركزية، وبالتالي فإن من الصعب تتبعها من قبل الولايات المتحدة والدول التي تفرض عقوبات على إيران".

وأشار إلى أن "طريقة عمل ذلك تعتمد على نفس طريقة تعامل الأفراد، عبر إنشاء حساب لها في محفظة وتستلم عليها من زبائنها بالعملات المشفرة مثل البتكوين وحتى لو استلمت بالدولار فإن بإمكانها تحويلها إلى عملة رقمية مشفرة مثلا البتكوين ووضعها بالمحفظة".

وحول ماذا يمكن لإيران أن تفعل في حال رفضت الدول والشركات التي تشتري النفط الإيراني استخدام العملات المشفرة في عمليات البيع، قال أبو هلال: "يمكن لطهران اعتماد وكلاء لها في هذه الدول وهم يستلمون أثمان النفط بأي عملة ويحولوها إلى عملة مشفرة ويتم وضعها بمحفظة إيران الإلكترونية".

 

اقرأ أيضا: مسؤول إيراني يقترح الالتفاف على العقوبات بالعملات المشفرة

حل غير مجد

 

من جهته أشار أستاذ الاقتصاد بجامعة جنوب كاليفورنيا، روبرت ديكل، إلى أنه" سيتعين على إيران أولاً العثور على جهة ما تبيعها العملات المشفرة، ثم يتعين عليها العثور على جهة أخرى تقبل ببيعها البضائع بالعملات المشفرة وليس بالعملات النقدية".

واعتبر ديكل خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "المشكلة بالنسبة لإيران والأطراف المقابلة في أن المعاملات في العملات المشفرة ليست مجهولة الهوية حقًا كما يشاع، حيث يمكن كشفها في بعض الحالات، وبالتالي فإنه يمكن اكتشاف انتهاكات العقوبات التي تمت عبر التجارة بهذه العملات، بالطبع إذا رغبت السلطات في ذلك".

وأوضح أنه "يمكن تتبع استخدام التشفير في العملات المشفرة، ومثال ذلك اكتشاف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي القراصنة الذين حصلوا على فدية تم دفعها بالعملات المشفرة في الولايات المتحدة".


بدوره، أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا الكندية، باتريك ليبلوند، أن "استخدام العملات المشفرة في عمليات استيراد السلع الخاضعة للعقوبات إلى إيران، لن يغير أي شيء".


وأوضح أن "الشركات التي سوف تبيع لإيران بضائعها ستخضع للعقوبات والغرامات الناجمة عن التعدي على العقوبات الاقتصادية، بغض النظر عن وسيلة الدفع".


وتابع ليبلوند في حديث لـ"عربي21": "القضية تتعلق بالمدفوعات، أي تجاوز النظام المالي الدولي الذي تعتبر أمريكا قلبه، وهذا يعني أن تكون قادرًا على شراء العملات المشفرة في المقام الأول من أجل استخدامها لشراء سلع أجنبية، وللقيام بذلك، فإنك تحتاج إلى استخدام بورصات العملات المشفرة التي لا تعمل في البلدان التي تطبق العقوبات، ثم تحتاج إلى معرفة العملات الفعلية التي تحتاجها لشراء العملات المشفرة المستهدفة".


وأضاف: "مثلا هل تحتاج إيران إلى الدولار الأمريكي أو اليورو أم يمكنها استخدام الريال الإيراني لشراء العملات المشفرة؟ وما هي العملات الإلكترونية التي يمكن لها أن تشتريها بالريال (إذا كان ذلك ممكنًا)؟ لا تتمتع جميع العملات المشفرة بنفس القيمة أو المصداقية كوسيلة للتبادل".


وأردف: "أيضا ما هي العملات المشفرة التي تكون الشركات الراغبة في تصدير البضائع إلى إيران جاهزة لقبولها كدفعة مقابل سلعها؟ لذلك، فإنه ليس من الواضح بالنسبة لي كيف أن استخدام العملات المشفرة وسيلة موثوقة لتجاوز العقوبات، في أحسن الأحوال، ستكون طريقة محدودة للغاية لتجنب العقوبات".


ورد أبو هلال على ليبلوند بالقول: "هناك بعض الصحة في كلامه، ولكن ذلك إذا ما كانت العقوبات تشمل الشركات التي تبيع لإيران، لكن إذا قبضت إيران أثمان مبيعاتها للخارج بالعملات المشفرة، وقبلت الشركات التي تخشى العقوبات إذا باعت لإيران قبض الثمن بالعملات المشفرة، فإنه عندها يمكن الالتفاف على العقوبات".


لكن يبقى السؤال الأهم: لو وافقت الدول التي تشتري النفط الإيراني بالدفع لطهران بالعملات المشفرة فهل يمكنها ذلك؟


أجاب أستاذ الاقتصاد باتريك ليبلوند على هذا التساؤل بالقول: "نعم، هذا ممكن، لكن تبقى هذه الصفقات معرضة للعقوبات، حيث تنطبق العقوبات أيضًا على العملات المشفرة وبورصاتها.. علاوة على ذلك، ماذا ستفعل الحكومة الإيرانية بالعملات المشفرة التي تتلقاهامقابل نفطها؟ هل يمكن تحويلها بالريال؟ أو هل يمكن استخدامها لاستيراد البضائع من البلدان التي لا تطبق العقوبات (أو الشركات التي تعمل فقط في هذه البلدان وليس في البلدان التي تطبق العقوبات)؟ هنا تكمن المعضلة.

 

اقرأ أيضا: السلفادور أول دولة تشتري "بتكوين".. و"المبيعات تتسع"

وخالف أبو هلال، ديكل في الرأي فيما يتعلق بإمكانية تتبع العملات المشفرة، معتبرا أن "كلامه من الناحية النظرية غير صحيح".

وأوضح أنه "لو لم تكن العملات مشفرة ولا يمكن تتبعها لما خسر المسؤولون عن المحافظ التي يتم تخزين هذه العملات فيها زبائنهم في حال فقدوا رموز المرور لها، بعكس البنوك العادية التي يمكن بكل سهولة إعادة الأموال لأصحابها".

وحول العقوبات التي ذكرها الخبير الاقتصادي باتريك ليبلوند، أشار أبو هلال إلى أن "العقوبات تنقسم إلى قسمين، الأول يتعلق بالشركات التي تبيع لإيران، وهذا صعب الالتفاف عليه، إلا من خلال طرف ثالث (third party)، وفي هذه الحالة يمكن للعملات الرقمية فعل أي شيء".

وأضاف: "أما القسم الثاني، يتعلق بالتبادل النقدي والتحويلات، وهذا يمكن الالتفاف عليه، لإنهم في النهاية ليسوا مضطرين لاستخدام البنوك وأنظمة الدفع التقليدية المسيطر عليها من أمريكا (مثل شبكة سويفت) هذا من ناحية، ومن ناحية آخرى يكفي أن إيران أو غيرها لن تكون مضطرة للمرور بالبنوك الأمريكية أو التحويل من خلالها، التي تقوم عند حدوث أي مشكلة سياسية بتجميد أرصدتها في بنوكها".
0
التعليقات (0)