هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يحمل تاريخ 30 حزيران/ يونيو من كل عام الكثير من الوعود على لسان رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وحكومته ومحافظيه، وهو تاريخ المظاهرات التي خرجت ضد الرئيس الراحل محمد مرسي، تمهيدا للانقلاب عسكريا على أول رئيس مصري مدني منتخب.
من مصر الجديدة إلى مصر الحديثة والجمهورية الجديدة، تتوالى الوعود بدخول المصريين عصرا ذهبيا في دولة مدنية متقدمة ديمقراطية، التي يترجمها نظام السيسي في آلاف المشروعات، أغلبها طرق ومدن جديدة، بتكلفة آلاف المليارات من الجنيهات.
تُقدر الحكومة المصرية عدد المشروعات بنحو 31 ألف مشروع بتكلفة 5.8 تريليون جنيه مصري (نحو 372 مليار دولار، بحسب آخر تصريحات مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال افتتاح مشروع الفيروز للاستزراع السمكي بشرق التفريعة بمحافظة بورسعيد.
وأضاف أنه "يتم إنجازها منذ شهر حزيران/ يونيو 2014 حتى الآن، والتي تعمل عليها الدولة لتحقيق "الجمهورية الجديدة"، تقدر بنحو 5.8 تريليون جنيه، فضلا عن أنه يتم العمل على 22 مدينة وتجمع عمراني جديد، ضمن مخطط استراتيجي يضم 30 مدينة جديدة".
ويقول خبراء اقتصاد وسياسيون لـ"عربي21": لكن الواقع يختلف تماما عما تقدمه الحكومة من وعود، وكان هناك تحسن، فهو محصور في خدمات بعض الطرق السريعة خارج التكتل العمراني، وانتظام بعض الخدمات كالكهرباء والغاز، ولكنها بالأسعار العالمية".
وأكدوا أن ما يتم الترويج له ليس لصالح جميع فئات الشعب المصري، إنما للطبقة الحاكمة والأغنياء وأصحاب السلطة، مشيرين إلى اقتراب نسب الفقر رسميا من 30 بالمئة، و استمرار التدهور في خدمات الصحة والتعليم، و ارتفاع الأسعار، وتراجع حجم دخول المصريين، وزيادة الديون وأعبائها بشكل تاريخي غير مسبوق.
اقرأ أيضا: أوقفوا الإعدامات.. حملة معارضة لأحكام الإعدام في مصر
مغالطات تاريخية
يقول أستاذ إدارة التغيير والتخطيط الاستراتيجي، الدكتور حسام الشاذلي: "للأسف لقد نجح السيسي ونظامه في إدخال مصر والمصريين في معادلات من المغالطات الاقتصادية والسياسية المحبوكة، على الرغم من وقوع أكثر من 60 بالمئة من المصريين تحت خط الفقر، ووصول العملة المصرية لأسوأ قيمة لها في حكمه، وارتفاع الدين الداخلي والخارجي لمستوى تاريخي".
وأضاف: "ما زالت جميع المؤسسات المالية الدولية تساعد النظام المصري الحاكم بدعم لا ينتهي من اللوبي الإسرائيلي المسيطر، ومنحه تقارير وردية عن النمو الاقتصادي والمستقبل الواعد".
وتوقع في حديثه لـ"عربي21" أن "يستمر السيسي في تطبيق سياساته المالية التي تتركز على الاقتصاد الكلي، وقد بدأ مرحلة جديدة تركز على الخدمات الموجهة للمواطن، كالمترو وتجميل الشوارع وخصخصة النقل العام وغيره، ما سيزيد من تعقيد المعادلة الصفرية لمدة أطول".
وذهب المستشار السياسي والاقتصادي الدولي إلى القول إن "الحل الوحيد أصبح هو حدوث انفجار شعبي غير منظم قد لا يحدث أبدا في ظل اليد الحديدية الأمنية للنظام ، وقد تكون عواقبه إذا حدث غير محمودة ولا مطلوبة".
صناعة الوهم
في معرض تعليقه، قال وكيل لجنة الإسكان بمجلس الشعب سابقا، عزب مصطفى، إنه "بعد مرور سبع سنوات على الانقلاب العسكري في مصر، فإن مستقبل الأمة المصرية في يد مجموعة تنتهج سياسات مقصودة تخدم مصلحة محددة متفقا عليها ومجمعا عليها داخل الدولة".
وتابع في حديثه لـ"عربي21": "تجعل هذه المجموعة عملية التغيير غير ممكنة، حيث إن تعامل النظام اقتصاديا هو احتواء الأزمات، وكسب الوقت، وضمان ألا يحدث من الغضب الشعبي نتيجة هذه الأزمات، وكذلك ليست هناك أي نخبة معارضة حقيقية، كل ما يسعى إليه النظام هو استعادة الدولة".
وفند مزاعم حكومة السيسي الاقتصادية، وقال: "لا توجد إنجازات للمواطنين لكنها للنظام؛ فمعدل الفقر من 40 إلى 50 بالمئة وليس 30 كما يزعم، وفق تقديرات أخرى، وتضاعفت القروض، وتجاوزت 4.5 تريليون جنيه مصري، وحمل المواطن البسيط فاتورة رفع الدعم وارتفاع الأسعار، إلى جانب فشله على مستوى الأمن القومي والمائي والثروات الطبيعية".
"وعد السيسي في 2016"
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، أن "وعود نظام السيسي للمصريين هي للاستهلاك الإعلامي، وجميعها تبخرت فيما يخص المواطنين، ليست المتعلقة بتحقيق الرفاهية فقط، بل والأخرى التي وعد فيها بعدم زيادة أو رفع الأسعار، وموجودة بالصوت والصورة".
ودلل على حديثه بالقول في حديثه لـ"عربي21": السيسي تعمد فرض الكثير من الضرائب والرسوم أكثر من مرة، وكذلك الجمارك والخدمات، وأزال الدعم عن الوقود والكهرباء والمياه بخلاف ارتفاع الأسعار"، مشيرا إلى أن "مجمل سياسات السيسي أدت إلى إفقار المصريين والحديث عن الرفاهية هو رفاهية في حد ذاته".
وأكد الاقتصادي المصري أنه "لا توجد مؤشرات حقيقية على أرض الواقع تؤكد تحسن أوضاع المصريين، ولن تتحسن في ظل تلك السياسات القائمة على أمرين، الجباية والديون، والحقيقة أن السيسي يلجأ إلى تضخيم الأرقام والمشروعات، وكلها تتعلق بمشروعات بعيدة كل البعد، أو ليست ضرورة ملحة بالنسبة لأولويات المواطنين، والدليل مرور كل هذه السنوات وعدم تحسن مستوى حياتهم، بل تراجعت إلى حد كبير، والمستقبل لن يحمل أي جديد".
اقرأ أيضا: تورط برلمانيين ورجال أعمال بتهريب الآثار المصرية