قامت الدنيا ولم تقعد، على مشهد في مسلسل يسخر من الراحل العظيم إسماعيل ياسين.
مع احترامنا بقيمة وتاريخ وموهبة إسماعيل ياسين وبرغم انحيازي، لاحترام تاريخ القامات
الفنية؛ ولكن أرى أن هذا الصخب وحالة الاستنكار التي سادت الرأي العام - بمواقع التواصل الاجتماعي - وصلت إلى حد التقديس. ليس من المقبول ولا المعقول أن ينشغل الرأي العام بمهاجمة المسلسل وبطله لمجرد مشهد تعرض لإسماعيل ياسين بالسلب.
نعم الاحترام مطلوب، ولكن ليس لحد التقديس. المسألة خاضعة لوجهة نظر فنية بالضرورة ولا تعبر بوجه من الأوجه بالتزام تاريخي، أو سرد معلومات مغلوطة. المسألة لا يجب أن تأخذ مأخذ الجد، أو ينظر إليها بعين الغضب أو التقديس. وصلت الأمور إلى درجة المطالبة بإلغاء المسلسل ومقاطعته، إلى آخر هذه الأمور؛ والتي تعبر عن ديماغوجية غير مقبولة.
يذكرني هذا الموقف بما حدث للمخرج الأمريكي الشهير كوينتن ترانتينو، في فيلمه الأشهر "حدث ذات مرة في هوليوود"، بطولة ليوناردو دي كابريو وبراد بيت؛ عندما ظهر براد بيت في مشهد يُنازل فيه بروس لي ويوسعه ضربا، مما أدى إلى غضب محبيه، وقتها تحركت ابنته بشكوى ضد الفيلم.
كانت الشكوى اعتراضا على ذلك المشهد، وتوصفه بأنه يهز صورة والدها الأسطورية. ذلك دفع السلطات الصينية - وهي مسقط رأس بروسلي - إلى أن تمتنع عن توزيع الفيلم بدور العرض الصينية. بذلك خسر الفيلم سوق الصين الكبير، إلا أن كل هذا لم يدفع المخرج كونتين ترانتينو لأن يتنازل عن المشهد ويحذفه؛ لأن هذا هو خياله على حد وصفه.
نفهم من هذا:
أولا: أن الفنان يجب عدم فرض ضغوط عليه.
ثانيا: أنه لا تقديس للبشر.
أما الأهم من كل هذا، فإنه من العجيب أن تهب مواقع التواصل الاجتماعي بزوابع من هذا النوع، ولا تحرك ساكنا لقضايا الأمة الكبيرة.