تناول تحقيق لموقع "دويتشه فيله"
الألماني، الاستراتيجية التي اتبعتها وزارة أمن الدولة، في عهد ألمانيا الشرقية
المسماة "
الشتازي" والتي قامت على استراتيجية "التدمير
النفسي" لمواجهة المعارضين، وكيف تم تصديرها إلى
دول عربية.
وأشار التحقيق إلى أن وثائق الشتازي كشفت
للعلن، بعد سقوط مقراتهم إثر انهيار جدار برلين، وتوحيد ألمانيا، وأتيحت للعامة،
وكان من أهم وسائل هذا الجهاز، "الجنس".
ومن بين الوثائق المنشورة، وثيقة تركز على
طريقة استهداف منظمة غير حكومية تحمل اسم "فريدنسكرايس بانكو" (مجموعة
السلام في بانكو) أسسها معارضون في ألمانيا الشرقية، لديها خلفية دينية كنسية، وتهدف
للتشجيع على السلم العالمي، علما بأن بانكو، كان آنذاك أحد أحياء برلين الشرقية.
وتعرّضت المنظمة لعمليات تجسس واسعة منذ نشأتها
وكُتب اسمها في قائمة التنظيمات المعادية للدولة. وضع الشتازي خطة لتدميرها،
واستطاع اختراق عدد من الفعاليات التي نظمتها، إلى أن تمكن من وقف جلّ أنشطتها.
ولأجل بلوغ الهدف، قام الشتازي باتباع أساليب
قذرة لزعزعة العلاقات الاجتماعية لأفراد المنظمة، إذ تشير الوثيقة الرسمية إلى أنه
على المندس أن يتحدث مع عضو معين من المنظمة حول علاقة جنسية بين زوجته وعضو آخر
من المنظمة، ويعترف الشتازي بأن الهدف هو "إرباك العلاقة وكسر الثقة بين
الزوجين".
كما سيقوم مندس آخر بالتغلغل في المنظمة
والتظاهر أنه أضحى من الأعضاء المتدينين، ليشرع لاحقاً في نشر إشاعات بوجود علاقات
خيانة زوجية ووجود حياة فاسدة لعدد من أعضاء المنظمة، ولأجل ذلك يقوم بإظهار صور
مفبركة يصممها قسم خاص في الشتازي، حتى يتمكن العضو المندس من زعزعة الثقة بين
أفراد المنظمة.
بل خطط الشتازي لإرسال عميلة مندسة لأجل دفع
أحد المستهدفين إلى علاقة جنسية، حتى يستطيع الجهاز الحصول على أو خلق مواد يمكن
استخدامها للتأثير على العلاقة الزوجية للشخص المستهدف.
ولفت الموقع إلى أن الكثير من استراتيجيات
الشتازي، وأساليبه استخدمت في الدول العربية، عبر صحافة التشهير، التي تنشر صورا وفيديوهات شديدة الخصوصية لمعارضين أو منتقدين للسلطة، وهي مواد لا يمكن الحصول
عليها إلا بدعم من السلطة أو التستر من قبلها.
ورغم إتلاف قادة الشتازي آلاف الوثائق قبل سقوط جدار برلين، إلا أن
المتعاونين مع الجهاز احتفظوا بكم كبير من الوثائق، وكشف عن علاقات وثيقة مع أجهزة
استخبارية عربية، وخاصة الاشتراكية منها في ليبيا وسوريا.
ووفقا للوثائق فإن هناك روابط مباشرة بين سوريا والعراق ومصر وإيران
ومنظمة التحرير مع ألمانيا الشرقية، ولم تكن تلك الروابط سرية، بفعل وقوفهم في
تحالف مضاد لإسرائيل.
وأشار الموقع إلى تشابه أساليب الشتازي مع
ما كانت تقوم به تونس، من خلق صعوبات لنشطاء حقوق الإنسان في حياتهم لوقف
فعالياتهم بعيدا عن الاعتقال، إضافة إلى ما كانت تقوم به أجهزة الأمن في مصر، من
كشوفات العذرية، والتي خلقت فضيحة دولية للنظام المصري.
وتعتمد استراتيجية "التدمير النفسي"
على محو أيّ آثار لتدخل الدولة وعدم استخدام العقوبات القانونية من الأصل. لكن في
المقابل، تنامى مؤخراً استخدام أساليب اعتقال المعارضين بناءً على تهم من القانون
الجنائي، خاصة تهم الجرائم الجنسية، وهو تكتيك قديم جديد يهدف إلى تقليل تعاطف
الرأي العام مع المستهدفين وخلق حالة من الجدل حول إذا ما كانوا بالفعل قد اقترفوا
هذه الجرائم أم لا.
وقال الموقع إن "أساليب شتازي كانت متاحة
للعالم، بعد إتاحة أرشيف هذا الجهاز للجميع إثر سقوط نظام ألمانيا الشرقية، وكل
هذا الكم من الوثائق استفادت منه أجهزة أمنية حول العالم، خصوصاً حول إنشاء أجهزة
أمنية سرية خاصة بها شديدة التعقيد في عملها وشديدة التقدم".