هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتحت حادثة مقتل 44 إسرائيليا خلال احتفال ديني خاص بالمتدينين، بمنطقة جبل الجرمق في الجليل المحتل شمال فلسطين، باب التساؤلات حول هذا الجبل، ومكانه وموقعه، بوصفه يمثل أعلى قمة جبلية في الأرض المحتلة، وتتربع في الجهة الشمالية الغربية لمدينة صفد.
ويعد جبل الجرمق من مرتفعات منطقة الجليل الأعلى التي تتصل بجبل عامل، وتتشابه معه في الصفات الطبيعية، وهذه المرتفعات تمتد لما يقارب خمسين كيلو مترا من أطراف سهول عكا المحتلة غربا إلى بداية طبريا شرقا، وتمتد لمسافة مقاربة من الشمال حيث حدود لبنان، إلى سهل مرج ابن عامر جنوبا .
ويتمتع الجبل بمناظر أخاذة وهواء عليل، وإطلالة جميلة، ويبلغ ارتفاعه عن مستوى سطح البحر ما يقارب 1208 أمتار، أيّ ما يقارب 3963 قدما، ويتفرع عنه أودية عديدة ممتدة من الشمال الغربي وحتّى الشمال الشرقي، إلاَّ أنه لا يوجد أي وديان تمتد إلى الجهة الجنوبية منه.
أصل التسمية
أصل تسمية جبل الجرمق تعود لأكثر من رواية، تقول الأولى بأنّه سميّ كذلك نسبة إلى وجود الشجر الذي يُعرف باسم شجر الجرمق والذي يتواجد بكثرة في هذا الجبل، أمّا الرواية الثانية، فإنّها تقول بأنّ تسمية الجرمق تعني المكان ذا الارتفاع، ونظرا لكونه جبلا مرتفعا، بل أعلى الجبال في فلسطين، فإنّه سمي كذلك، أما الرواية الثّالثة فإنّها تنسب التسمية إلى القبيلة العربية الشهيرة الجرامقة، التي رحلت منذ العصور القديمة من اليمن، واستوطنت في القسم الشمالي من فلسطين وجنوب لبنان.
اقرأ أيضا : 44 قتيلا على الأقل بانهيار جسر بمستوطنين في الجليل (شاهد)
تكسو الجبل الثلوج في معظم فصل الشتاء، أما أمطاره فإنّها تبلغ 1000 مليمتر، ويتميز بهوائه العليل، إضافة لخصوبته، إذ تكثر فيه الأحراش ذات الكثافة العالية بالأعشاب .
قال عنه يا قوت الحموي إنّه واد تكثر فيه فاكهة الأثرج ( احد انواع الحمضيات) وأيضا أشجار الليمون، وإنّه قد قُتِلَ فيه علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن جميع الغساني أخو أبي الحسين، وكان ذلك في عام 450 للهجرة.
تهجير سكانه
طرد سكان الجرمق من قريتهم على دفعتين: الأولى بعيد سقوط صفد في يد الهاغاناه بتاريخ 10 أيار / مايو 1948 , و الأخرى في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر بعد أن احتلت القرية نفسها.
وبحسب روايات تاريخية، فإنه من الجائز أن يكون بعض سكان صفد في أثناء الهجمات عليها لاذوا بالجرمق أو "ميرون" كما يطلق اليهود عليه، في أوائل أيار/ مايو وذلك استناداً إلى المؤرخ الإسرائيلي بني موريس.
ويورد المؤرخ الفلسطيني نافذ نزالة أدلة غير مباشرة على أن الجرمق هوجمت من الجو، فقد قصفتها ثلاث طائرات إسرائيلية لمدة قصيرة قبيل حلول ليل 28 تشرين الأول/ أكتوبر.
وبحسب كتاب "تاريخ حرب الاستقلال الاسرائيلي"، فإن "وحدات لواءي شيفع (السابع) وكرملي واجهت صعوبات في احتلال الجرمق بفعل مقاومة المدافعين عنها.
اليوم، وبعد تدمير القرية، لا تزال بعض جدرانها تشهد على وجود السكان العرب فيها، أما فيما عدا ذلك. فإن الأعشاب والأشجار تغطي الموقع الذي بات جزءاً من "مستعمرات ميرون".
مصير القرى المجاورة
بعد أواسط تشرين الثاني\ نوفمبر 1948 قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي أن يخلي الحدود مع لبنان من السكان العرب.
وصدرت الأوامر إلى سكان المنصورة المحيطة بجبل الجرمق بإخلائها فعبر بعضهم إلى لبنان غير أن معظمهم نقل بالشاحنات إلى الرامة التي كانت تقع إلى الجنوب.
في شباط \ فبراير 1949 وجهت الكنيسة المارونية نداءًا إلى حكومة "إسرائيل" نيابة عن سكان القرية تطلب فيه السماح لهم بالعودة إلى منازلهم غير أن هذا النداء قوبل بالرفض.
وطوال أعوام لاحقة ثابر سكان المنصورة الذين بقوا في فلسطين على مراجعة السلطات الإسرائيلية لكن من دون جدوى.
قرية أخرى تقع على منحدرات الجرمق، هي سعسع، والتي تعرضت لثلاث موجات من العنف الوحشي من قبل العصابات الصهيونية والقوات البريطانية في الفترة بين 1938 و 1948، وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي في أعالي الجليل وبالقرب من الحدود اللبنانية.
ففي نهاية ثورة 1936-1939 قامت القوات البريطانية بنسف 12 بيتا من بيوت سعسع بالديناميت عقابا لمن اتهمتهم بمسـاعدة الثوار، ثم أحاطت القرية بالأسلاك الشائكة وأبراج المراقبة.
وفي 15 شباط/ فبراير 1948 لم تقم الوحدة الثالثة من قوات البلماح اليهودية بإخلاء البيوت من سكانها كما فعل البريطانيون، بل تسللوا إلى القرية في ساعات الليل وزرعوا الديناميت في 10 بيوت ثم فجروها على رؤوس أصحابها وهم نائمون، فقتل 11 شخصا (5 منهم أطفال).
وقد صرح موشيه كيلمان قائد العملية في مذكراته أن تلك العملية "زرعت الرعب الشديد في قلوب سكان القرى المحيطة."
الموجة الثالثة من الحرب على سعسع جاءت حين سقطت القرية في أيدي الكتيبة السابعة من قوات الهاغاناه ليلة 30 تشرين الأول/ أكتوبر 1948، فتم إعدام عدد من رجال القرية وطرد من بقي من أهلها إلى لبنان. ويعيش اللاجئون من سعسع الآن في مخيمات نهر البارد والرشيدية في لبنان، وعدد قليل ممن غادروا القرية قبل احتلالها يعيشون في قرية الجش في الجليل الأعلى.
وبرغم ذلك، ما زال يقع على منحدرات الجرمق قريتا الجش وبيت جن العربيتان الفلسطينيتان.
وبلدة الجش ذات غالبية مسيحية تتجاوز 63 بالمئة، فيما البقية مسلمون، وفيها آثار دينية عديدة.
فيما ينتمي غالبية أهالي بيت جن إلى الطائفة الدرزية، وهي أعلى قرية في الأراضي المحتلة عام 1948 بارتفاع يتجاوز 1030 مترا.
أهميّة جبل الجرمق بالنسبة لليهود
يقصد العديد من اليهود هذا الجبل، خاصة في يوم يعرف عندهم بـ" لاك بعومر" فيخيمون في سفوح الجبل، كنوع من طقوس الحجيج بالنسبة لهم، ويعود ذلك خاصة بزعم وجود قبر الحاخام اليهودي (شيمون بار يوخاي) في هذا الجبل.
يعرف الجبل في العبرية بجبل هرميرون، وتقول دائرة المعارف البريطانية إن "لاك بعومر" عيد يهودي صغير يصادف اليوم الثالث والثلاثين لعيد الفصح، وأصله غامض.
ومن بين العديد من التفسيرات حول أصول هذا العيد أن المن والسلوى أول ما سقطت من السماء كانت في هذا اليوم، كما أن هناك تفسيرا آخر يقول إن الطاعون الذي انتشر بين أتباع الحاخام عكيبا بن جوزيف قد توقف في مثل هذا اليوم، بحسب دائرة المعارف البريطانية.
وتشير دائرة المعارف البريطانية إلى أنه يحج إلى قرية هرميرون في الجيل آلآلاف من اليهود الأرثوذكس، حيث موقع دفن الحاخام الكبير شمعون، وقد كان هذا الحاخام من بين المؤسسين للتصوف اليهودي، وهو مؤلف كتاب الزوهار.
وفي هذا العيد، يتلقى الأطفال الصغار قصات شعرهم الأولى كجزء من احتفال شعبي يتضمن اللعب بالأقواس والسهام والرقص حول نار في الليل.
ويقول موقع وزارة خارجية الاحتلال إن هذا العيد يعرف أيضا بـ"عيد الشعلة"، إذ توقد فيه طوال الليلة التي تسبقه شعلات تقليدية إحياء لذكرى ثورة اليهود بقيادة شمعون باركوخبا ضد الرومان.
ومن التقاليد البارزة التي يتسم بها هذا العيد إقامة العشرات من حفلات الزفاف حتى أنه يُسمى شعبيا بععيد الزيجات، ذلك نظرا لأن هذا اليوم هو اليوم الوحيد الذي يجوز فيه إقامة حفلات الزفاف خلال الأسابيع السبعة التي تفصل بين عيد الفصح (بيساح) وعيد الأسابيع (شفوعوت).
ويذكر أن اليهود يحتفلون أيضا بمناسبة وطقوس العيد ذاتها في كنيس الغريبة في جربة بتونس.