صحافة دولية

الغارديان: قصة الأثرياء وحصولهم على جواز مالطا "الذهبي"

أعلنت مالطا عن خطة بيع المواطنة قبل ثمانية أعوام مما قاد إلى مظاهر قلق من الاتحاد الأوروبي- جيتي
أعلنت مالطا عن خطة بيع المواطنة قبل ثمانية أعوام مما قاد إلى مظاهر قلق من الاتحاد الأوروبي- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعده كل من ديفيد بيغ ولوك هاردينغ، وسايمون غودلي، عن استخدام أثرياء سعوديين وصينيين وروس ثغرات في برنامج الإقامة المعروف بـ"جواز مقابل مال" في جزيرة مالطا.

 

وكشف التقرير الذي ترجمته "عربي21"، عن وثائق مسربة لسماسرة الجوازات والتي تضم آلافا من الرسائل الإلكترونية من شركة "هينلي أند بارتنرز" عن صورة حول البرنامج الذي يعرف باسم "الجواز الذهبي" والذي تبيع فيه الدول الجوازات للأثرياء الأجانب.

 

وكشفت التسريبات أن بعض المتقدمين لشراء الجواز المالطي عبر برنامج الاستثمار الحكومي كانوا قادرين على خلق حجة "الإقامة" في البلد لعام كامل عبر استئجار شقق سكنية ثم تركها فارغة.

 

وسمحت الثغرة هذه لبعض العملاء بدفع مليون يورو بناء على البرنامج والزعم لاحقا أن لديهم صلة بالبلد- وهو مطلب رئيسي للحصول على الجواز المالطي، وقاموا بقضاء بعض الإجازات بالجزيرة مع عدد من اللفتات مثل استئجار يخت أو التبرع لمنظمة خيرية محلية. 


وتقول الصحيفة إن الكشف سيثير قلق المفوضية الأوروبية والتي بدأت في الفترة الأخيرة خطوات وإجراءات قانونية ضد مالطا وبيعها الجواز الذهبي.

 

واتهمت المفوضية مالطا ببيع الجوازات لأفراد تسمح لهم بالدخول إلى الاتحاد الأوروبي، وبدون أن تكون لهم صلة بالبلد.

 

وترفض مالطا أي مقترح أن يكون برنامج الإقامة مقابل الاستثمار مزيفا، وتقول إنها هي المخولة باتخاذ القرار النهائي وليس الاتحاد الأوروبي وأن المتقدمين للحصول على الجنسية تم فحص سجلاتهم الأمنية قبل منحهم الإقامة.

 

لكن ملفات هينلي تكشف أن عددا من المتقدمين للجنسية أخبرتهم الحكومة في بداية البرنامج أن عليهم أن يقيموا علاقات سطحية مع البلد، حيث كشف بعضهم أنهم يخططون لقضاء أسابيع في مالطا خلال فترة الإقامة وهي 12 شهرا. 


وقدمت المعلومات إلى "الغارديان" وغيرها من المؤسسات الإعلامية مؤسسة كارونا غاليزيا. وأنشئت المؤسسة غير الربحية قبل عامين وأطلق اسمها على اسم المحققة الاستقصائية في قضايا الفساد والتي قتلت في 2017.

 

وأعلنت مالطا عن خطة بيع المواطنة قبل ثمانية أعوام، مما قاد إلى مظاهر قلق من الاتحاد الأوروبي وأن من يشترون الجواز سيحصلون على منافذ كاملة لمنطقة شينغين والتي يسمح فيها بحرية الحركة بين الدول.

 

اقرأ أيضا : مالطا تصادر عملات ليبية "مزورة" لصالح حفتر.. وروسيا تعلق

 

وفي كانون الثاني/يناير 2014 قدم المتحدث باسم مفوض العدل بالمفوضية الأوروبية خطابا شجب فيه المقترحات وأكد على ضرورة تقديم الدول الأعضاء جوازات سفر لأفراد لهم "علاقة صادقة" مع بلادهم.

 

وتم حل المأزق عندما أصدرت المفوضية الأوروبية ومالطا بيانا مشتركا اشترط إقامة عام على كل من يتقدم بطلب المواطنة في الجزيرة وإظهار علاقة حقيقية مع بلدهم الجديد.

 

وجاء في البيان: "لن يتم تقديم شهادة تجنيس حتى يوفر المتقدم أو المتقدمة إثبات إقامة في مالطة لمدة 12 شهرا ومباشرة وقبل صدور شهادة الجنسية".

 

لكن برنامج الجواز الذهبي لم يقدم تعريفا للإقامة، حيث أبدى المسؤولون الحكوميون مراوغة حول نسبة إقامة المتقدم في البلد خلال فترة العام. 


واطلعت "الغارديان" على 250 رسالة قدمها عملاء شركة هينلي طلبوا فيها الإقامة وشرحوا فيها للحكومة طريقة إنشاء جذور لهم في البلد. ولم يقض عدد من الذين حصلوا على إقامات لاحقا أي التزام بالإقامة في البلد والمدة التي سيقضونها. 


وتكشف الرسائل الإلكترونية عن الأسئلة التي طرحها الزبائن عن المدة الزمنية التي يجب عليهم قضاؤها في البلد.

 

وبعدما طلب ممثل لزبون من الشرق الأوسط معلومات تفصيلية، في حالة تعود إلى 2014 سأل موظف مديره إن كان "قضاء فترة ما بين 7- 14 يوما (وهي الحد الأدنى) كافية للحصول على جواز سفر بيومتري/إلكتروني واستخراج هوية الإقامة". ورد المدير أن "الحكومة تريد رسالة مرفقة مع كل طلب تظهر كيف سيحصلون على الإقامة وعلاقة حقيقية مع مالطا" و"لا تريد طباعة إقامات عديدة وهو أمر يتسبب بالغضب محليا".

 

وقال التقرير "إن لم تتسن الزيارات الطويلة فإن فتح حساب أو التبرع لجمعية خيرية أو عضوية في ناد محلي ستظهر علاقة بالبلد وفي الواقع لن يتم رفض أي طلب بناء على الرسالة المرفقة مع طلبه". 


وفي نصائح أخرى كشفت أن إقامة أسبوعين ستكون كافية لإثبات الإقامة الحقيقية في البلد. وقدمت نصيحة لزبون "من أجل إقامة علاقة حقيقية في جزر مالطا (فالحكومة المالطية) ستكون ممتنة لمعرفة عدد الأيام التي ستقضيها في البلد. ويجب أن تكون 14 يوما".

 

وفي كل الرسائل التي اطلعت عليها الصحيفة فعدد الأيام التي عبر فيها المتقدمون بطلب الجنسية كان بمستوى 16 يوما. 


وكجزء من التزامهم ببلدهم الجديد وارتباطهم به، كان يطلب من المتقدمين للجواز الذهبي استثمار 1.15 مليون يورو، في البلد بما في ذلك استثمار في العقارات، إما بشراء بيت بقيمة 350.000 يورو أو استئجار بيت بعقد خمسة أعوام بقيمة 80.000 يورو.

 

وبعض البيوت التي تم استئجارها صغيرة الحجم مقارنة بحجم العائلة لو قررت الإقامة فيها. وفي حالة استأجر صيني شقة من غرفتين بـ 1.500 يورو مع أنه تقدم بطلب إقامة لـ 12 شخصا منهم ستة أولاد.

 

ورفض رجل أعمال من جنوب أفريقيا دفع رسوم إدارة الشقة للشركة، لأن أحدا لن يزورها "إنها لن تستخدم ولن يذهب إليها أحد طوال العام". و"لو فحصتها هينلي وكانت في حالة جيدة، فماذا سيحدث؟ وسيأخذها صاحبها كما كانت عند توقيع العقد". 


وفي حالة أخرى طلب زبون من هينلي البحث عن عقار صغير وتحدث عن السعر الذي وضعه وغرف النوم الصغيرة وضرورة أن تكون مطلة على البحر "ولا يهمني لو كان السعر منخفضا طالما التزم بالبرنامج".

 

ولم تنف شركة هينلي حقيقة إقامة بعض الزبائن في مالطا لمدة قصيرة. وقال مدير بارز في الشركة: "اختار بعض عملائنا قضاء مدة طويلة في مالطا، أما البقية فأقاموا الحد الأدنى المطلوب".

 

وقالت إن العلاقة الحقيقية ليست محددة في قانون الاتحاد الأوروبي وأن الحكومة المالطية هي التي "وضعت القوانين واتخذت القرار النهائي في ظل طلبات الجنسية".


ورفض المفوض المالطي في بريطانيا جوزيف كول "الوصف غير الصحيح" بأن فترة الإقامة 12 شهرا في البلد هي تزييف.

 

ولم تنف الحكومة المالطية ما ورد في تقرير الصحيفة باستثناء تأكيدها على التدقيق في طلبات المتقدمين والتحقيق في هوياتهم.

 

وفي بيان من شركة هينلي قالت فيه إنها واعية بالمخاطر النابعة من متابعة طلبات المتقدمين وأنها "استثمرت وقتا مهما ومالا في السنوات الأخيرة لبناء عملية متابعة بمعايير عالية ودقيقة".

 

وأكدت أنها اتبعت القوانين المحلية في الدول التي تعمل فيها ونصحت الحكومة المالطية بإنشاء هيئة تنظيم مستقلة للبرنامج.


ويدير الشركة رجل الأعمال السويسري والمؤلف كريستيان كالين، وهي الشركة التي اخترعت مصطلح صناعة "تخطيط المواطنة"، وتقدر قيمتها السنوية بـ 3 مليارات دولار.

 

وكان أول زبون لها هي حكومة سانت كيتس ونيفيس في الكاريبي التي استأجرتها في 2006 للإشراف على برنامج المواطنة.

 

ولعبت دورا في برنامج الجواز الذهبي، وظلت تتعامل مع الطلبات حيث تم تخفيف دورها بعد احتجاجات سياسية.

 

0
التعليقات (0)