مقالات مختارة

فيها إنّ وأخواتها

يوسف غيشان
1300x600
1300x600

أعشق الذاكرة الشعبية وأحترم سطوتها على اللغة وأساليب الحياة ومصطلحاتها، وأجد نفسي منساقا في البحث عن أصول بعض العبارات ومفاتيح الكلام التي نستخدمها دوما، دون أن نفكر في مكان نشأتها وترعرعها، وقد وجدت هذا الأسبوع حكاية تتحدث عن أصل عبارة (فيها إنّ)..... ما أصل هذه العبارة، التي توحي بأنك تعرف معلومات خطيرة تجعلك تشكك بما هو معروف وعادي وطبيعي؟


 يُقال إن أصلها يرجع إلى رواية مصدرها مدينة حلب، حينما هرب رجل اسمه علي بن منقذ من المدينة خشي أن يبطش به حاكمها محمود بن مرداس لخلاف جرى بينهما، فأوعز حاكم حلب إلى كاتبه أن يكتب إلى ابن منقذ رسالة يطمئنه فيها ويستدعيه للرجوع إلى حلب ، ولكن الكاتب شعر بأن حاكم حلب ينوي الشر بابن منقذ فكتب له رسالة عادية جدا. ولكنه أورد في نهايتها  «إنّ شاء الله تعالى» بتشديد النون، فأدرك ابن منقذ أن الكاتب يحذره حينما شدد حرف النون ، وذكره بالآية القرانية: «إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ»*. فرد على رسالة الحاكم برسالة عادية يشكره أفضاله ويطمئنه على ثقته الشديدة به، وختمها بعبارة: «إنّا الخادم المقر بالأنعام». ففطن الكاتب إلى أن ابن منقذ يطلب منه التنبه إلى قوله تعالى: «إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا»*،  وعلم أن ابن منقذ لن يعود إلى حلب في ظل وجود حاكمها محمود بن مرداس.


من هنا صار استعمال (إنَّ)  المشددة دلالة على الشك وسوء النية!!


(2)


أما قصة المثل الشعبي الشامي: (اللي بدري بدري واللي ما بدري بقول كف عدس)، بمعنى الذي لا يعلم بالحكاية يعتقد أنها من أجل حفنة من العدس، فيعود أصله  إلى رجل يعود ليلا إلى بيدر العدس في الخلاء ، حيث ترك عنده زوجته، فيجد عندها رجلا ، فيلحقه وهو يصرخ، وقد استهجن الناس هذا الانفعال من هذا الرجل ، واعتقدوا أنه يبالغ، في اللحاق بالرجل الذي لا يمكن أن يسرق أكثر من ملء الكف من العدس... لأنهم لا يعلمون أنه يلحقه لأنه وجده عند زوجته وليس من أجل كف العدس... لذلك قال الرجل عندما لاموه: (اللي بدري بدري..واللي ما بدري.......)!!

 

الدستور الأردنية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل