هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال خبير عسكري إسرائيلي إن الحرب الداخلية التي شهدتها سوريا طوال العقد المنصرم، أضاعت فيها إسرائيل العديد من الفرص، سواء إمكانية الإطاحة بالأسد عبر إجراء اتصالات مع عناصر محلية، أو تنفيذ نشاطات هجومية من أجل منع التواجد العسكري الإيراني.
ولفت إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه سوريا كانت واضحة، لكنها فشلت في تحقيق كل أهدافها التي رسمت.
وأضاف رون بن يشاي وثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية، وغطى معظم الحروب العربية الإسرائيلية، بمقاله المطول بصحيفة يديعوت أحرونوت، ترجمته "عربي21" أن "وزيرا إسرائيليا رفيعا أبلغه، مخفيا هويته، أن إسرائيل أخطأت بعدم اتخاذ إجراءات للإطاحة بالأسد ونظامه حين كان ذلك ممكنا".
وقال إنه وفي السنوات الخمس الأولى من الحرب، كان يمكن التسبب في فقدان النظام العلوي بقيادة الأسد لزمام السلطة، وبتر ذراع مركزي وخط أنابيب الأكسجين التشغيلي واللوجستي للأخطبوط الإيراني وأتباعه.
وأشار إلى أن "إسرائيل لو قررت مساعدة المعارضة السورية، "غير الإسلامية"، وعملت معها في قنوات سرية، قبل التدخل الروسي في سوريا، لكان سقوط نظام الجزار في دمشق متاحا، وربما كان وضع إسرائيل الأمني في الساحة الشمالية الشرقية للبنان وسوريا أمام المحور الإيراني أفضل بكثير مما هو عليه اليوم، لأن سوريا اليوم باتت وحدة عسكرية وصناعية وعلمية ولوجستية مهمة للغاية في مجموعة القوات الموالية لإيران".
مع أو ضد الإطاحة بالأسد
وأكد على أن "الإطاحة بالأسد كانت ستنشئ نظامًا جديدًا مدعومًا من الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة، وحينها يمكن توقيع اتفاق سلام معه دون التنازل عن الجولان، مع وجود محاولات إسرائيلية لإقناع المستوى السياسي الإسرائيلي بالتدخل في الوقت الفعلي، خاصة في المرحلة الأولى من الحرب، لا سيما وأن هيئة أركان الجيش الإسرائيلي توفر لديها تيارا كبيرًا من كبار المسؤولين المؤيدين لمبادرة الإطاحة بالأسد ونظامه".
وأوضح أنه "في المقابل، نشأ هناك تيار إسرائيلي كبير، وأقل إثارة للإعجاب، عارض خطوة الإطاحة بالأسد، وحجج أولئك المعارضين لأي تحرك إسرائيلي مباشر للإطاحة بالأسد، أو تقديم مساعدات ضخمة لمعارضيه لتحقيق هذا الهدف، بدت مقنعة، لأن أي إسرائيلي لا يضمن أن تحالف المنظمات والكيانات السياسية التي ستصل السلطة بدلاً من الأسد ستكون أقل عداءً وخطورةً لإسرائيل من إيران".
اقرأ أيضا : التايمز: هكذا قلبت الحرب في سوريا موازين القوى بالمنطقة
وأشار إلى أنه "على العكس من ذلك، فإن البديل الجهادي الذي ظهر في سوريا في ذلك الوقت ليس أقل تهديدًا من إيران، ولعبت تجربة إسرائيل السيئة في حرب لبنان الأولى 1982 دورًا رادعًا عن التفكير بتثبيت بشير جميل جديد في سوريا، كما فعل ذلك أريئيل شارون في حينه، حين خطط لتنصيب حلفاء إسرائيل المسيحيين على بلاد الأرز، ثم يوقع اتفاقية سلام معهم، لكن السوريين أحبطوا هذه الخطوة الاستراتيجية بقتل جميل".
التخوف من الجهاديين السنة
وأكد أنه "في عامي 2012-2013، عندما كانت الانتفاضة في سوريا في مهدها، بدت نافذة الفرصة للإطاحة بالنظام في دمشق مفتوحة على مصراعيها، لكن حتى في ذلك الوقت، امتلأت الساحة السورية بمئات التنظيمات السنية، يعمل بعضها فقط بالتعاون مع الجيش السوري الحر، وسرعان ما تولى الجهاديون زمام الأمور، ودفعوا جانباً بذلك الجيش "المعتدل"، وأخذوا زمام المبادرة في الميدان".
وأشار إلى أن "الرؤية الإسرائيلية تجاه الوضع السوري تمثل بانقسام وعدم وجود قيادة واضحة بين الثوار، وهو أمر لم يعد إلا بشيء واحد في حال سقوط النظام، وتتمثل بالفوضى المزمنة، وانعدام الحكم الذي سيستمر لسنوات حتى بعد انحسار الثورة، والثأر بين الثوار أنفسهم، ومع العلويين، وكان يمكن أن يتضاءل خطر التهديد الإيراني، لكن هذا الوضع يجذب عناصر قاتلة تزدهر في ظل ظروف انعدام الحكم".
السلاح الكيماوي
وأوضح أن "الخطر الذي تمثله منظمات الجهاد العالمي والإخوان المسلمون على إسرائيل لا يقل خطورة، وربما أكثر من ذلك، عن المعسكر الشيعي الإيراني، ولكن مع ظهور داعش في 2014، ووصولها لذروة قوتها، ثم وصول الروس في 2015، أُغلقت نافذة الفرصة الإسرائيلية لإسقاط النظام السوري، واستبداله بآخر ودي، مع وجود أوساط في الساحة الدولية، أبلغوا إسرائيل بأنها لا تستطيع أن تنحي النظام السوري في الشمال".
وأضاف أن "هناك العديد من العوامل الدولية والإقليمية التي منعت إسرائيل من الإطاحة بالنظام السوري، فإيران وروسيا والصين ساعدته، وتركيا والسعودية وقطر والإمارات والأردن، ساعدت مجموعات مسلحة مختلفة، وهذه العوامل لم تسمح لإسرائيل بأن تصوغ الوضع في سوريا كما ترغب، بالتزامن مع فشل إدارة أوباما مرتين في سوريا بطريقة مخزية".
واستدرك بالقول إن "إسرائيل كانت المستفيد الأكبر من تدمير الاحتياطيات الهائلة من الأسلحة الكيميائية السورية بعد ارتكاب النظام لمجزرة الكيماوي، وهي إحدى الفوائد الكبيرة التي حصلت عليها من الحرب السورية دون سقوط شعرة من أحد جنودها، لكن الدرس كان واضحا، وهو أنه إذا فشلت الولايات المتحدة في تحركاتها في سوريا، فإن ذلك يعني عدم وجود فرصة أخرى لإسرائيل".
وختم بالقول إن "هناك حجة إسرائيلية أخرى ظهرت دائمًا في النقاشات حول إجراءات الإطاحة بنظام الأسد، وهي أنه من الأفضل لإسرائيل أن تكون لها سيطرة على الأسد الضعيف في دمشق، أفضل من أن يأتي طرف أو ائتلاف آخر مكونا عناصر غير متوقعة".