هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال رئيس الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية، نصر الحريري، إن الثورة حققت جانبا من أهدافها، ولا تزال لديها أهداف أخرى في طريق الإنجاز.
وأكد في حوار خاص لـ"عربي21"، بمناسبة الذكرى
العاشرة على اندلاع الثورة، أن الاهتمام الدولي بالملف السوري تراجع عن ما كان عليه
في بدايات الثورة، واصفا ما يجري من جهود تهدف إلى إحداث تقارب ما بين تركيا والسعودية
وما بين تركيا ومصر، بالشيء الإيجابي، بما فيها الاجتماع الثلاثي (القطري، التركي،
الروسي) الذي جرى مؤخرا في الدوحة.
وشدد الحريري على رفض المعارضة لكل المعالجات المنقوصة
للملف السوري، قائلا: "لا يمكن لبشار الأسد بعد كل الجرائم التي ارتكبها بحق السوريين،
أن يكون موجودا في أي صيغة لأي حل في سوريا".
وتاليا نص الحوار كاملا:
- عشرية مرت على الثورة السورية، ولم تحقق أهم رهاناتها للآن، ونقصد إسقاط النظام، وبناء دولة الحرية والكرامة، لماذا؟ وما هي أسباب الانتكاسات التي تعرضت لها الثورة، داخلية كانت أم خارجية؟
نعتقد أن الثورة حققت رهاناتها، فالثورة عندما قامت ضد
نظام الدكتاتورية والاستعباد حققت أهدافها، وقد تمكنت من إسقاط النظام منذ وقت طويل،
وبالرغم من أن النظام استعان بالميليشيات من روسيا وإيران وحزب الله ومرتزقة متعددين، فهو لم يتمكن إلا من أن يحافظ على نفسه شكليا حتى
هذه اللحظة.
المسألة في سورية تعقدت كثيرا، ومواجهة الشعب السوري
لهذا التعقيد وللقوى المتعددة المتدخلة، قابله استهتار من المجتمع الدولي وتراخ في
طريقة التعامل، إضافة إلى تحديات داخلية، ظهرت خلال السنوات الماضية، مثل وجود مناطق
محررة تحتاج إلى إدارة وحوكمة، والحاجة لتوفير المواد الأساسية، والعمل على ضمان الأمن
والاستقرار، إضافة إلى مهام تنظيم المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية وباقي المؤسسات
التي يمكن من خلالها أن نحقق نجاحات.
وعلى الرغم من المحاولات الكبيرة لإنشائها ودعمها والوصول
بها إلى مستوى متقدم، وعلى الرغم من أنها حققت نجاحات مهمة، إلا أننا نعلم أنها حتى
الآن لم تصل إلى المرحلة التي نستطيع أن نقول بها أنه تم الانتهاء من هذا المشروع.
الثورة حققت جانبا من أهدافها، ولا تزال لديها أهداف
أخرى في طريق الإنجاز، وهي على طريق التحقق، ولكن هناك تحديات داخلية وتحديات خارجية،
ساهمت في عدم تمكننا من مواجهة كل الاستحقاقات التي تواجه الثورة السورية على المستوى
أو القدر المطلوب، في ظل حالة التعقيد الكبيرة.
- هل كان بإمكان المعارضة السورية العمل بشكل أفضل من النهج السابق، وتحديدا المعارضة السياسية؟ وهل لا زالت الفرصة سانحة لتدارك الخلل، إن كنتم تعتقدون بوجوده؟
نعم، عندما نراجع حصاد السنوات الماضية، نستطيع أن نؤكد
أن هناك قطاعات حيوية مهمة عملت المعارضة عليها، ونجحت نجاحا مقبولا، وكانت نتائجها
أكثر من مقبولة في زوايا مختلفة من العمل السياسي الثوري، ولكن من جوانب أخرى لا شك
أن هناك بعض النقاط التي يمكن نقدها والإشارة إلى مواطن الخلل فيها، ولا تزال لدينا
فرصة موجودة وكبيرة في أن نصحح كل ما اعترى مسارنا خلال الفترات الماضية وفق رؤية واضحة،
وبرنامج عمل محدد وجدول زمني نستطيع من خلاله الانتقال إلى الأمام، وتمكين قوى الثورة
والمعارضة من إمساك عوامل قوة ذاتية داخلية وخارجية للاستمرار في مواجهة هذا النظام
حتى تحقق الثورة كامل أهدافها.
- سوريون يتحدثون عن خلل واضح في العلاقة بين الائتلاف السوري والأجسام السياسية الأخرى والداخل السوري، ما مرد هذا الخلل؟ وما هي طرق تدارك ذلك؟
لا مجال للمبالغة في هذا الموضوع، اليوم هناك ائتلاف
وطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وهو الممثل الشرعي والمحاور الأساسي باسم الشعب
السوري، وفقا لما نصت عليه قرارات الجامعة العربية وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة،
وهناك على الساحة، تيارات وأحزاب وقوى مجتمع مدني ونقابات، داخل وخارج سورية.
وهناك كذلك أجسام متخصصة مثل هيئة التفاوض التي يشكل
الائتلاف المكون الرئيسي فيها، بالإضافة إلى اللجنة الدستورية، وهناك أجسام انبثقت
عن الائتلاف أو تشكلت تحت مظلته كالحكومة السورية المؤقتة الذراع التنفيذي للائتلاف،
وكذلك وحدة تنسيق الدعم، ولجنة الحج العليا واللجنة الأولمبية والمجالس المحلية والجيش
الوطني.
علاقة الائتلاف التشابكية مع كل هؤلاء هي علاقة قوية
ومتميزة، وقد عمدت قوى الثورة والمعارضة السورية إلى مبادرات لتوحيد الجهود، كما جرى
في مؤتمري "الرياض1" و"الرياض2" ، حتى نوحد جهودنا ونوجه البوصلة
ضد هذا النظام وصولا لإنجاز عملية التغيير الحقيقية التي نسعى إليها في بلدنا، وقد
حققنا في ذلك نجاحات، وأردنا بهذا رفع أي عوائق أو عقبات في طريق تحقيق الحل السياسي.
لكن، للأسف على الرغم من كل ذلك، كان فشل الأمم المتحدة
وتقصير المجتمع الدولي هو العنوان الأساسي الذي منع وقف هذه المأساة وعطل تحقيق التطلعات
الكاملة للشعب السوري.
-على ذكر المجتمع الدولي، حظيت الثورة بعد انطلاقها بتأييد دولي واسع، لكن يبدو أن هذا التأييد قد تراجع، ما التفسير لذلك؟ وهل لضعف الموقف الأمريكي صلة؟ وهل تبلور لديكم موقف إدارة جو بايدن حيال الملف السوري؟
هناك محورين واضحين، الثورة السورية والدول التي وقفت
إلى جانبها ودعمت مطالبها من البداية إلى هذه اللحظة، ومحور آخر هو المحور الذي وقف
إلى جانب النظام، أقصد إيران وروسيا والصين.
بالنسبة للمحور الذي وقف إلى جانب الشعب السوري، فقد
جرى تأطير عمله في مجموعة سابقة سميت مجموعة أصدقاء الشعب السوري، وقد تعرضت لتحولات
وانتقالات ووصلت حاليا إلى ما يعرف بالمجموعة المصغرة، التي لا تحتوي كل هذه الدول.
ويمكن القول بأن إدارة هذه المجموعة كان فيها خلل، فرغم
أنها وقفت إلى جانب الشعب السوري في المحافل الدولية سياسيا وإنسانيا وحتى عسكريا في
بعض المراحل، إلا أن جهودها لم تصل إلى الحد المطلوب، كما أن دعمها لا يمكن أن يقارن
بالدعم الذي قدمته الدول الداعمة للنظام، فإيران وروسيا دعمتا النظام سياسيا وعسكريا
وماليا وبشريا بأقصى ما تستطيع، وتدخلوا إلى جانبه بغطاء جوي جرى خلاله استخدام مختلف
أنواع الأسلحة المحظورة دوليا، كما تم دعمه سياسيا بفيتو متكرر منع من توجيه حتى أبسط
لوم للنظام، ومنع من اتخاذ أي إجراءات حاسمة ضده.
في الجانب الذي دعم الثورة، لا يمكن أن نضع كل الدول في
سلة واحدة، فمجموعة أصدقاء سورية للأسف تفككت، وأصبحت كل دولة تتعامل مع الملف من وجهة
نظرها ووفقا لمصالحها، إلى أن وصلنا إلى انقسامات ومحاور ودول تواجه بعضها بعضا، وتعمل
ضد بعضها البعض في الملف السوري.
وهنا لا بد من الإشارة إلى شراكات لا تزال قائمة وموجودة
على رأسها التحالف الذي يربط قوى الثورة والمعارضة السورية مع الجانب التركي، وقد سطرنا
في ذلك ملاحم وبطولات وحققنا نجاحات، واستطعنا من خلالها أن نحرر مساحات من الأرض السورية
ونطرد تنظيم الدولة (داعش) وحزب العمال الكردستاني، والتنظيمات الإرهابية، واستطعنا
كذلك أن نواجه النظام والميليشيات الإيرانية ونمنع تقدمهم إلى مساحة جغرافية مهمة من
سورية.
لدينا تحالف وعلاقات شراكة مع كثير من دول العالم، أمريكا
والدول الأوروبية، بريطانيا فرنسا ألمانيا، بلجيكا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي،
ولا تزال تربطنا علاقات وثيقة مع الأسرة العربية، وخاصة الدول التي لها اهتمام بالملف
السوري، مثل المملكة العربية السعودية وقطر والأردن والكويت، ومصر والمغرب ودول أخرى.
وأنا أوافق بأن الاهتمام الدولي بالملف السوري كان في
البداية أكثر من الآن بكثير، ومرت مرحلة من البرود، ومرحلة من الصمت عما يجري بسبب
فشل إدارة عمل الدول التي تدعم الشعب السوري حتى نحقق أهداف حاسمة.
يجب أن نلاحظ أيضا، أن ما وقع من متغيرات في الملف السوري
مثل الوجود الإيراني، أو ظهور الإرهاب، أو تفاقم أزمة اللاجئين والمهجرين، يدفع الدول
للانخراط في الملف السوري ويمنعها عن إهماله، أرادت ذلك أم لم ترد.
بعد الفترة التي حقق فيها الروس تقدما عسكريا على الأرض،
حاولوا الترويج لأكذوبة أن النظام انتصر وأن الثورة انتهت، بعد ذلك، وعندما ثبت أن
هذا غير صحيح، وأن النظام وروسيا لم ولن يستطيعوا كسر إرادة الشعب السوري، وكذلك حسم
المعركة عسكريا، نجد الآن أن هناك اهتمام متزايد في الملف السوري، وليس أدل على ذلك
من الاجتماع الثلاثي الذي جرى قبل أيام في العاصمة القطرية الدوحة، بحضور روسيا وتركيا
وقطر، إضافة إلى اجتماعات أخرى تجري في أكثر من مكان لمناقشة الملف.
-في ظل ما يبدو تراجعا للدعم الخارجي للمعارضة، أو التخلي عن دعم الثورة، ما هي استراتيجية الائتلاف لإسقاط النظام، وهل لديكم خطط بديلة في حال فشلت هذه الاستراتيجية؟
الائتلاف
يعمل باستراتيجية كاملة، أساسها نقطتان، النقطة الأولى: أن ننطلق من الداخل السوري،
يبقى الحراك الثوري السوري هو المحرك الأساسي الذي من خلالها انجذب العالم إلى هذا
الملف.
انطلاقا من هذا قام الائتلاف باتخاذ خطوات لزيادة تواجده
على الأرض السورية، وفعليا فالائتلاف متواجد منذ وقت طويل من خلال أذرعه التنفيذية،
كالحكومة السورية المؤقتة والمجالس المحلية والجيش الوطني، بالإضافة إلى مقر الائتلاف
المتواجد في الداخل، وكان يتم إجراء زيارات مستمرة، لكن الآن التواجد أكثر.
لدينا الآن مقر دائم، ووضعنا حجر أساس لبناء جديد، ولدينا
أعمال نقوم بها ونتواصل مع مختلف شرائح الشعب السوري للاطلاع على احتياجاتهم والتفاعل
مع هذه الاحتياجات لتلبيتها، ولدينا لجان ودوائر تتواصل سياسيا مع مختلف هذه الشرائح
وتؤسس لشبكة تواصل وتشاور ومشاركة في القرارات والاستحقاقات التي تواجه السوريين.
المحور الثاني يتعلق بتمتين بنية الائتلاف، من خلال النظر
في كل ما لدى الائتلاف، من عضوية وبنية ووثائق ولجان ودوائر ومشاريع وأفكار تصلح من
أجل تعزيز فعالية الائتلاف وتمكينه من أداء دوره داخل سورية وخارجها، هذا من جانب،
أما من الجانب الآخر فهو التواجد والحضور الدولي العربي والإقليمي وباقي دول العالم،
وكذلك العلاقة مع الأمم المتحدة لأننا نؤمن بأن الحل السياسي هو الخيار الأمثل للملف
السوري، وبأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، وفي هذا الإطار تربطنا علاقات وثيقة،
وقد قمنا بتعيين سفراء وممثلين لنا في الفترة الماضية، في نيويورك وبرلين وباريس وبريطانيا،
وبروكسل والاتحاد الأوروبي، وفي الزيارة الأخيرة استطعنا الاتفاق على افتتاح ممثلية
للائتلاف في إقليم كردستان العراق.
الخطة هي استمرار معركتنا ضد النظام وصولا إلى تحقيق
أهداف الثورة، بالتوازي مع استمرار الحضور الدولي والتمسك بعوامل القوة التي لدينا
سواء كانت استمرار العزلة الدبلوماسية للنظام ومنع عودة العلاقات معه مجددا.
ما نريده وما نهدف إليه هو إيقاف معاناة الشعب السوري،
والاستمرار بملفات المساءلة والمحاسبة وتحقيق العدالة تجاه هؤلاء الذين ارتكبوا الجرائم
بحق الشعب السوري.
- لوحظ مؤخرا وجود حراك إقليمي للدفع لإحياء حل في سوريا، ورغم تباين القراءات والمواقف، لكن من الواضح أن ما يجمع بين مواقف هذه الدول، هو الرغبة بحل الملف السوري، هل تنظرون بإيجابية لهذه التحركات؟ وما التوقعات من كل ذلك؟
هناك حراك إقليمي، وهناك دول تسعى إلى استعادة دورها،
ونحن نرحب بذلك، ومن هذه الدول دولة قطر، ونأمل أن يكون هناك دور سعودي فاعل، ودور
مصري فاعل، لأننا نريد إحياء وإبراز دور عربي في الملف السوري يتبنى مطالب الشعب السوري
كما كان سابقا، ويسعى لدعمنا من أجل الوصول إلى حل سياسي وفق القرارات الدولية، ووقف
معاناة السوريين، ويساعد الدول الأخرى المنخرطة في الملف السوري وعلى رأسها تركيا.
ما جرى في المنطقة سواء من المصالحة الخليجية لترتيب البيت الخليجي والعربي عموما، أو
من جانب جهود التقارب ما بين تركيا والسعودية وما بين تركيا ومصر، نراه أمرا مفيدا،
بما فيها الاجتماع الثلاثي الذي جرى مؤخرا في قطر، نأمل من خلال كل هذه الجهود أن يتم
دفع العملية السياسية في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة لتحقيق بيان جنيف والقرار
2254 وخاصة الإفراج عن المعتقلين وتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية
والسعي لوضع دستور جديد للبلاد، وأن يتم بناء على كل ذلك إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية
بإشراف الأمم المتحدة.
نحن ننظر بإيجابية إلى هذه التحركات، ونتفاعل معها ونريد
أن تكون جزءا من الجهد الجماعي بين هذه الدول مجتمعة بحيث يمكن أن يكون ذلك أداة ضغط
أقوى من ما كان موجودا خلال الفترة الماضية، للضغط على الروس وإقناعهم بعدم جدوى الخيار
العسكري واستحالة الحسم العسكري لهذا الملف، وأنه لا بد من الجلوس على طاولة المفاوضات،
ولا بد من أخذ مطالب الشعب السوري بعين الاعتبار لأنه خرج صادقا في سبيلها، وقدم تضحيات
كبيرة في هذا الطريق، ولا يمكن العودة إلى الوراء، ولا يمكن للشعب السوري إلا أن يحقق
هدفه في بناء نظام ديمقراطي حقيقي، وأن يغير هذا النظام وعلى رأسه المجرم بشار الأسد.
-مع تعذر الحل السياسي، شاهدنا أكثر من محاولة لفتح مسارات بديلة، والسؤال هنا ما هو موقفكم في حال حدث توافق دولي ما، على فرض حل مؤقت ينص على التشاركية بين النظام والمعارضة، لكن ببقاء الأسد بصلاحيات محدودة؟
لا يمكن لقوى الثورة والمعارضة الممثلة للشعب السوري،
ولا يمكن للشعب السوري أصلا أن يقبل بمعالجة منقوصة للملف السوري، ولو كان يقبل ذلك
لما قام بالثورة أصلا، ولو كان يقبل ذلك لما استمر في ثورته لمدة عشر سنوات.
اليوم توجد مشتركات تجمع السوريين جميعا، داخل سورية
وخارجها، في البيوت وفي المخيمات وفي بلدان اللجوء، وعلى رأس هذه المشتركات تحقيق انتقال
سياسي حقيقي.
لا يمكن لبشار الأسد بعد كل الجرائم التي ارتكبها بحق
السوريين أن يكون موجودا في أي صيغة لأي حل في سورية، وآن الأوان أن يقتنع العالم كله،
وخاصة الدول التي تقف إلى جانب النظام، بأن هذه الأمر خط أحمر بالنسبة للسوريين مهما
كانت النتائج، ومهما كانت الوسائل التي تضغط على السوريين لا يمكن أن نقبل إلا بحل
سياسي وفق بيان جنيف وقرارات مجلس الأمن 20118 و 2254، يضمن رحيل المجرم بشار الأسد
وكبار معاونيه، وتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة كل من تلوثت يده بدماء السوريين،
وكل من ارتكب الجرائم ضدهم، وإرساء أسس صحيحة لحياة ديمقراطية حقيقية، بناء على دستور
جديد وهيئة الحكم الانتقالي والانتخابات التي نقول أنها يجب أن تتم بإشراف الأمم المتحدة.
الروس لم يغيروا حتى اللحظة موقفهم تجاه النظام، هم يوفرون
التغطية السياسية والعسكرية والاقتصادية للنظام المجرم، ويصرون على إنكار كل ما جرى
في سورية خلال عشر سنوات، ويحاولون فرض هذا النظام وأجهزته العسكرية والأمنية على الشعب
السوري، من هنا هم يماطلون في العملية السياسية، حتى لو تحدثوا عنها، لا يبدون أي جدية
في إنجاح تطبيق بنود القرار 2254 أو حتى إنجاح اللجنة الدستورية، محاولين استخدام ذرائع
من أجل إقناع العالم لإعادة علاقاته مع النظام، أو البدء بعمليات إعادة الإعمار، أو
رفع العقوبات أو التغاضي عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي قام بها النظام
ضد السوريين.
المسار السياسي حتى اللحظة لا يمكن وصفه بأنه متوقف لأنه
لم يبدأ فعليا، كل ما يجري هو محاولات لإنشاء عملية سياسية، لم تبدأ العملية السياسية
حقيقية حتى اللحظة.
والروس يسعون إلى الفصل ما بين المسار السياسي وما بين
الانتخابات، يحاولون أن يوصّفوا المسرحية الانتخابية التي سيجريها النظام بأنها مسار
مختلف عن مسار العملية السياسية.
نحن نؤكد أن هذه المسرحية غير شرعية، ولن نعترف بنتائجها،
وندعو جميع السوريين إلى عدم المشاركة بها، ونعمل مع المجتمع الدولي عموما على بلورة
موقف واحدة من أجل مواجهة هذه الانتخابات اللاشرعية.
الانتخابات الوحيدة التي نعمل من أجلها والتي سنعترف
بنتائجها هي التي تجري وفقا لما نصت عليه قرارات مجلس الأمن، انتخابات تحت مظلة هيئة
الحكم الانتقالي، بناء على دستور جديد، تحت إشراف الأمم المتحدة، في مرحلة انتقالية
لا يكون فيها بشار الأسد ولا أركان نظامه جزءا من هذه السلطة.
-كما أسلفت، النظام يجهز لإجراء انتخابات رئاسية رغم الأوضاع الاقتصادية المأساوية، ويبدو أن روسيا قد حسمت أمرها بالاعتراف بنتائج هذه الانتخابات، كما أكدت مصادر مقربة من الكرملين، وذلك بعد جولة لافروف الأخيرة في المنطقة، أمام هذا الواقع الجغرافي المقسم، هل سيكون البديل من جانبكم هو التوجه لصياغة علاقة جديدة مع "الإدارة الذاتية" ربما، وكنتم قد أجريتم زيارة إلى إقليم شمال العراق مؤخرا؟
موقفنا واضح من التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها حزب العمال
الكردستاني وداعش والقاعدة.
من وجهة نظرنا لا يوجد فرق بين الـ PKK والـ PYD وقسد والـYPG، كل هذه المسميات لتنظيم واحد، هذا التنظيم هو تنظيم إرهابي، يسيطر
على مساحة جغرافية مهمة من سورية بدعم دولي مؤسف استثمر الحرب على داعش من أجل تجذير
وغرس جذوره في بنية الجغرافية السورية والمجتمع السوري.
هذا التنظيم يحمل أجندة لا يمكن للسوريين أن يقبلوا بها،
وله مشروع انفصالي خاص يعرفه جميع السوريين، ويهدف إلى اقتطاع قسم من هذه الأرض.
يقاتل في صفوف هذا التنظيم مقاتلون أجانب موجودون على
الأرض، وهو يسعى لاحتكار السلطة السياسية والعسكرية والأمنية في المنطقة وربما في سورية
مستقبلا، لذلك هذا التنظيم لا يمكن للسوريين أن يقبلوا به، وهو مرفوض قطعا من قبل الائتلاف
ولا يمكن أن يقبل بتأسيس أي علاقات شراكة معه.
الحل هو إلغاء وتفكيك هذه التنظيمات، وإخراج كل المقاتلين
الأجانب خارج سورية، وحل جميع الملفات في سورية يستند إلى إتمام المسار السياسي وفق
قرارات مجلس الأمن وبيان جنيف.
خلال زيارتنا إلى إقليم كردستان وضحنا هذه العلاقة، ولدينا
مع حكومة الإقليم مواقف مشتركة، تجاه مختلف التحديات التي تواجه المنطقة، وتجاه ضرورة
الوصول إلى الحل السياسي، ونحن متفقون على أن هذا التنظيم لا يمكن أن يكون جزءا من
حاضر سورية ولا مستقبلها.
- ختاما، كلمة للشعب السوري، الذي يحتفل بذكرى الثورة.
كان المشوار طويلا، وكان الثمن غاليا، وبالوقت نفسه فإن
الغاية والهدف غال أيضا، فالديمقراطية والحرية والكرامة هي سلعة غالية.
الثورة السورية حققت أهم أهدافها تجاه النظام، ونحن في
الطريق لإتمام هذه الأهداف وتثبيتها بشكلها النهائي.
لن تستطيع الدول الداعمة للنظام والتي تقف إلى جانبه،
أن تفرض هذا النظام على السوريين مجددا، الشعب السوري دفع من الأثمان الباهظة ما يجعله لا يفكر أبدا بأي عودة للوراء، ولو لخطوة
واحدة.
لا توجد نصف ثورة في العالم، بل هي ثورة واحدة حتى تحقق
أهدافها، نحن لدينا يقين، ونعمل باستمرار من أجل أن تحقق هذه الثورة أهدافها كاملة،
وصولا إلى الدولة المدنية الديمقراطية التعددية التي يجد فيها كل سوري متسعا له، دولة
مبنية على المواطنة المتساوية وسيادة القانون، وإبراز دور كبير لكل شرائح ومكونات الشعب
السوري، بما فيه دور المرأة والطفل والشباب، وأن نفتح صفحة جديدة حتى نؤسس لحياة كريمة
لنا ولمن يلحق بنا من أجيال.
أتمنى أن يكون هذا آخر عيد للثورة نحتفل فيه قبل إنجاز
الانتقال السياسي، وأن يزول هذا النظام في أقرب وقت وترحل قوى الاحتلال والتدخل التي
دعمته، وأن نحتفل جميعا بالنصر النهائي.