هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انطلقت
منذ شهرين مسيرات حاشدة في مدينة أم الفحم الفلسطينية المحتلة عام ١٩٤٨؛ رافضة
لاستمرار جرائم القتل المغلفة بتواطؤ مع شرطة الاحتلال؛ والتي وجهت أصابع الاتهام نحوها
في تشجيع هذه الجرائم خاصة بعد استهداف قيادات في الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا.
فمنذ
إصابة القيادي السابق في الحركة سليمان أحمد اغبارية بعدة رصاصات في جريمة جديدة قبل
ثمانية أسابيع؛ انطلق ما سمي بالحراك الفحماوي الموحد في كل جمعة؛ والذي قوبل بقمع
من شرطة الاحتلال في أحيان كثيرة نتجت عنه اعتقالات وإصابات.
فما
مدى نجاح هذا الحراك في تغيير سياسة الاحتلال وإحراجه أمام المطلب الشعبي بالتوقف عن
دعم جرائم العنف وتغذيتها؟
العمل
الشعبي
الباحث
في العلوم السياسية مهند مصطفى رأى بأن الحراك الفحماوي جاء جراء حالة الإحباط التي
سادت الجمهور العربي من دور الأدوات التقليدية في الضغط على الشرطة في موضوع الجريمة.
وقال
لـ"عربي٢١" إن الحراك الشبابي الحالي جاء ليطرح موقفا نضاليا شبابيا ضد هذه
الجريمة والعنف التي تعجز الشرطة عن مواجهتها أو تتخاذل في ذلك، مبينا أن الحراك الشبابي
جاء ليقول إن الشباب الفلسطيني في الداخل متمسك بقضايا عديدة.
وأشار
إلى أن دور الحراك يتمثل في استنهاض العمل الشعبي في الداخل، وعودة العمل الشعبي إلى
الواجهة بعد تراجعه في السنوات الأخيرة، كما يمثل الحراك فرصة لمواجهة "الأسرلة"
في صفوف الشباب العربي، على حد تعبيره.
ولكنه
أعرب عن اعتقاده أن الحراك لا يرى في نفسه بديلا عن أي عمل سياسي آخر، فهو حراك من
شباب حزبي وغير حزبي، وليس له موقف حزبي، وأيضا هو حراك ضد تقاعس الشرطة وتخاذلها في
مواجهة الجريمة والعنف.
وأضاف:
"بشكل غير مباشر يحمل (الحراك) مقولة أن الحل لمشاكل المجتمع لا تكون إلا بالعمل
الشعبي والنضال الجماهيري وليس البرلماني".
وحول
مدى تأثير الحراك على مشاركة الفلسطينيين في الكنيست الإسرائيلي؛ أكد مصطفى أن موضوع
التصويت أو لا، يتعلق بأمور أخرى لا يؤثر الحراك عليها كثيرا، رغم أنه يحمل في جوهره
نقدا لكل العمل السياسي التقليدي.
رسائل
عدة
الشيخ
محمد أمارة أحد المشاركين في الحراك وخطيب الجمعة فيه قال لـ"عربي٢١" إن
الحراك الجماهيري "المقدس" جاء نتيجة للعنف الذي يستشري في المجتمع الفلسطيني؛
والذي يتهم الفلسطينيون في الداخل الشرطة والمؤسسة الإسرائيلية بأنها ترعى الجريمة
والعنف وتسهل له الطريق.
وأكد
أن شرطة الاحتلال لم تقم بواجبها القانوني في منع هذه الجرائم ومحاربة المجرمين وجمع
السلاح ومقاومة عصابات الإجرام؛ بل هي الشرطة نفسها التي تقوم بقتل الفلسطينيين والتنكيل
بهم في كل زاوية.
واتهم
أمارة شرطة الاحتلال بأن لها أذرعا غير رسمية تمارس الإجرام بحق الفلسطينيين، فجاء
هذا الحراك من أجل رفض كل هذه الوسائل.
وأشار
إلى أن الاحتلال أراد قمع الحراك الفحماوي من خلال التصدي للمسيرات السلمية؛ حيث استخدمت
الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية ورش المياه العادمة وإطلاق الرصاص المعدني المغلف
بالمطاط؛ مما أدى لإصابة بعض المشاركين بجروح خطيرة، كما تم الاعتداء على رئيس البلدية
وأعضاء في البرلمان وغيرهم العشرات.
ورأى
أن هذا القمع الذي مارسته المؤسسة الإسرائيلية كان في باطنه خير للمشاركين؛ حيث ضاعف
من قوة الحراك ومن التضامن الشعبي معه من شتى بقاع القرى والمدن في الداخل المحتل.
وأضاف:
"تحول الحراك بما لا تشتهيه سفن المؤسسة الإسرائيلية إلى حراك مع زخم شديد كبير؛
وخاصة المسيرة القطرية التي انطلقت يوم الجمعة في حراك سلمي يندد بجرائم الشرطة الإسرائيلية،
لنقول لهذه المؤسسة إننا لن نسكت أكثر من ذلك على الفوضى والإهمال التي ترعاها في المجتمع؛
فكان القمع خيرا لنا رغم الجراح والتنكيل إلا أنه حمل لنا رياح تغيير كبيرة في مجتمعنا".
أما
رسائل الحراك فهي كثيرة حسب الشيخ أمارة؛ حيث كانت رسائله الداخلية للمجتمع الفلسطيني
أنه يجب أن يكون أكثر وحدة وتماسكا؛ لأن المؤسسة الإسرائيلية لا تفرق بين مدينة فلسطينية
وأخرى ومجموعة وأخرى؛ وأنه يجب البدء بترتيب قواعد التعامل من جديد بأن يتم التعالي
على كل الخلافات السياسية وغيرها؛ والاجتهاد في بناء قواسم مشتركة لمقاومة ما يحاك
ضدهم من مؤامرات لاقتلاعهم من جذورهم، حسب تعبيره.
وأوضح
أن هذا الحراك يرسل هذه الرسائل إلى كل زاوية فلسطينية بأنه يجب عليهم التعالي على
جراحهم وخلافاتهم وتنفيذ مشروع حراكي موحد بجميع مشاربهم ومدارسهم وخلفياتهم الفكرية وأن يتوحدوا كي تكون لهم قوة وبنيان مرصوص.
وتابع:
"هذه فرصة يجب أن نستغلها ونحسن استثمار الحراك ونخبر المؤسسة من خلال ذلك أنها
لن تستطيع الاستفراد بنا؛ فجميعا سنتضامن مع الجريح والأسير ومن يهدم بيته ويظلم، حتى
تتعامل معنا شعبا كاملا ولا تستفرد بنا".
أما
عن تأثير هذا الحراك على مشاركة الفلسطينيين في الكنيست؛ فقال إن "قمع الاحتلال
لهم وعدم التفريق بين مواطن وعضو برلمان ومنتخبين يجب أن يوصلهم لاستنتاج أن اللعب
داخل لعبة الكنيست لن يجديهم نفعا، ولا حصانة لعضو برلمان ولا ثمار طيبة حقيقية جنوها
من هذه اللعبة".
وأكد
أن الحراك الحالي "يجب أن يشعل فكرا جديدا لدى الفلسطينيين بالتوجه للعمل الشعبي
والمجتمع العصامي وأن يخدموا أنفسهم بأنفسهم؛ وأن يتيقنوا أن الكنيست لن يأتيهم بخير
وأن هذه الدولة لن تحترمهم حتى لو كانوا أعضاء في هذا البرلمان أو غيره".
وأضاف:
"الاحترام الوحيد سيكون لقوتنا وإصرارنا وقوتنا وعملنا على أرض الواقع، لعلها
تكون الصفعة التي نتلقاها تباعا من هذه المؤسسة أن اللعب في زواياها لن يجدينا نفعا،
ويجب أن نلعب في دوائرنا ونتعاطى بأدواتنا وندافع عن حصانتنا المجتمعية؛ لأن وحدتنا
هي التي تكفل لنا تحقيق أهدافنا وضمان حقوقنا".
اقرأ أيضا: عشرات آلاف الفلسطينيين يحتجون ضد عنف شرطة الاحتلال وتقاعسها