هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الحذر واجب تجاه حديث
إثيوبيا المفاجئ عن استعدادها للعودة إلى التفاوض حول سد النهضة، لأن ما أعلنه
المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية بهذا الشأن يبدو وكأنه دعوة إلى جولة جديدة من
جولات استهلاك الوقت التي أدمنتها حكومة آبي أحمد في أديس أبابا!
المتحدث الإثيوبي يتكلم عن
تمسك بلاده بالتفاوض تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وهو يعرف أن التفاوض تحت هذه
المظلة جرى على مدى عام كامل كانت جنوب إفريقيا خلاله ترأس الاتحاد، ثم لم يتحرك
الملف من مكانه خطوة واحدة إلى أن انتقلت الرئاسة إلى الكونغو الديمقراطية الشهر الماضي!
ونحن نذكر أن آبي أحمد هو الذي دعا إلى أن
تكون جنوب إفريقيا هي الوسيط.. كان ذلك قبل انتقال رئاسة الاتحاد إليها بأسابيع،
والأمر يبدو الآن وكأنه كان اتفاقا بينهما، لأن السنة الماضية هي سنة ضائعة
بالكامل من عمر الملف، الذي أعطته جنوب إفريقيا للكونغو كما تسلمته دون أي إضافة!
ولا تفسير لحديث إثيوبيا المفاجئ عن استعدادها
للعودة إلى التفاوض والوصول لاتفاق، سوى أنها تريد احتواء الحركة التي جرت مؤخرا
على المستوى المصري- السوداني.. فهي قد رأت مريم المهدى، وزيرة الخارجية
السودانية، تأتي إلى القاهرة في الثاني من هذا الشهر.. وهي قد رأت الوزيرة المهدي
تتحدث من القاهرة بلهجة قوية تكاد تكون عنيفة.. وهي قد رأت القاهرة تشارك الخرطوم
اللهجة ذاتها وتتحدثان لغة واحدة!
ليس هذا وفقط.. ولكنها أيضا رأت اتفاقا
للتعاون العسكري المصري- السوداني يجري توقيعه في العاصمة السودانية في ذات يوم
وصول الوزيرة إلى القاهرة.. ثم هي تسمع عن زيارة مرتقبة للرئيس إلى السودان، بكل
ما تحمله زيارة كهذه من حيث توقيتها من المعاني!
هي رأت هذا في مجمله وتابعته وقرأت ما بين
سطوره، ومن الوارد أنها رأت أن أفضل طريقة لاحتواء ذلك كله هو الدعوة إلى العودة
للتفاوض!.. تماما كما تتصرف إسرائيل إزاء القضية في فلسطين كلما وجدت نفسها أمام
ضغوط لا تتحملها!
ولا حل معها إلا أن تكون العودة التي تريدها
مشروطة، وأن يكون للتفاوض سقف زمني يتحدد مسبقا للتوصل إلى اتفاق.. وإلا.. فالجولة
الجديدة ستكون امتدادا لما سبقها من جولات بالروح الإثيوبية نفسها، وستكون نوعا من
أنواع الهروب للأمام!
(عن صحيفة المصري اليوم)