هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا تزال فصائل الحشد الشعبي العراقي تتوافد على مدينة سنجار غرب الموصل، حيث اتخذت من مبان عدة داخل المدينة ثكنات ومقرات عسكرية لها، ولا سيما المدارس والمنازل غير المأهولة، بالتزامن مع إعادة حزب العمال الكردستاني "بي كاكا" انتشاره في المدينة.
الانتشار المكثف للمليشيات الشيعية الولائية (موالية للمرشد الإيراني علي خامنئي) جاء بعد توعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشن عملية عسكرية على سنجار لمطاردة حزب العمال الكردستاني، وذلك بعد العثور على 13 من الرهائن الأتراك مقتولين في منطقة غارا شمال العراق.
وفي منتصف شباط/ فبراير الجاري، قال أردوغان إنه "بعد مجزرة غارا لم يعد بإمكان أي دولة أو مؤسسة أو كيان أو شخص مساءلة تركيا عن عملياتها في العراق وسوريا. ولم تعد قنديل ولا سنجار ولا سوريا مكانا آمنا للإرهابيين بعد الآن"، كاشفا عن اتفاق مع حكومتي بغداد وإقليم كردستان على "اجتثاث منظمة بي كاكا من جذورها".
"إعادة تموضع"
وتعليقا على تداعيات انتشار الحشد الشعبي في سنجار، قال عضو لجنة الأمن والدفاع ببرلمان العراق، كاطع الركابي، إن "التهديدات والقصف التركي أمر تعودنا عليه منذ سنوات، وكذلك دخول قواتها إلى الأراضي العراقية، لكن حتى اليوم رد فعل الحكومة العراقية خجول تجاه ذلك".
الركابي أكد في حديث لـ"عربي21" أن "التحشيد العسكري للحشد الشعبي، ليس ردة فعل على اتفاقية سنجار، والتي يبدو أن الحكومة العراقية ماضية فيها بالاتفاق مع حكومة إقليم كردستان، لكن تهديدات أردوغان قد تكون هي المدعاة لإعادة تموضع الجيش والحشد والكثير من القوات في هذه المنطقة".
وحول علم الكاظمي بتحرك الحشد، قال الركابي: "لا أعلم إذا كانت هناك أوامر عسكرية لهذه القوات بالتحرك صادرة من رئيس الحكومة باعتباره قائدا عاما للقوات المسلحة، لكن من المفروض أن تكون كذلك طالما هناك تهديدات تركية باجتياح المدينة".
اقرأ أيضا: تحركات واستعدادات من بغداد بعد رسالة تركية بشأن سنجار
واستبعد الركابي جرّ الحشد الشعبي العراق إلى حرب مع تركيا، بالقول: "لا يمكن أن يفكر الحشد بتوريط الحكومة العراقية في قضية هي بعيدة عنها، لأن الحشد قوات نظامية تابعة للحكومة وتأتمر بإمرة القائد العام، فمن غير الممكن أن يتحرك الحشد باتجاه أي منطقة إذا لم تكن هناك أوامر".
وبشأن إعادة انتشار العمال الكردستاني في سنجار، قال الركابي: "نرفض دخول أي قوات غريبة إلى الأراضي العراقية سواء الجيش التركي أو (بي كاكا) أو أي جهة أجنبية أخرى، والبرلمان العراقي أصدر قبل أكثر من عام قرارا بإخراج جميع القوات الأجنبية من الأراضي العراقية".
"اغتيال الاتفاق"
من جهته، قال الكاتب والباحث السياسي من إقليم كردستان العراق، كفاح محمود، لـ"عربي21" إن "التهديدات التركية باجتياح سنجار استغلتها الأطراف التي حشّدت عسكريا في سنجار"، لافتا إلى أن "التحشيد العسكري، يمثل اغتيالا وإلغاء لاتفاق سنجار الموقع بين بغداد وأربيل، الذي نص على إخراج الحشد الشعبي وحزب العمال الكردستاني من كامل سنجار".
وفي 9 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أُبرم اتفاق بين حكومتي بغداد وأربيل لإدارة سنجار بصورة مشتركة، وإخراج جميع الجماعات المسلحة منها، وعلى رأسها حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" ، و"الحشد الشعبي"، تمهيدا لعودة النازحين.
الكاتب الكردي أكد أنه "جرى اللعب على اتفاق سنجار في بداية الأمر، وتحويل عناصر حزب العمال الكردستاني إلى فصيل في هيئة الحشد الشعبي تدفع رواتبه وتسلحه قيادة الحشد، واليوم استخدم التهديد التركي كطريقة لإعادة السيطرة الكلية على سنجار وإنهاء الاتفاق بين بغداد وأربيل".
وأوضح محمود أن "قوات الحشد الشعبي التي وصلت إلى سنجار احتلت مبانيَ حكومية خالية، لأن الحياة في المدينة لم تعد إلى طبيعتها منذ عام 2014 (اجتياح تنظيم الدولة)، وحولوها إلى مقرات لهم في مركز وأطراف سنجار الشمالية والجنوبية".
سيطرة إيرانية
وأعرب عن اعتقاده بأن "هذه القوات هي ذاتها التي تقوم بعمليات القصف الروتيني المبرمج سواء على السفارة الأمريكية في بغداد أو مدينة أربيل، وبمسميات متنوعة، فهم لديهم أذرع بتسميات مختلفة ومنها (سرايا أولياء الدم)".
اقرأ أيضا: أردوغان يؤكد احتمالية العملية العسكرية بـ"سنجار" العراقية
وشدد الكاتب الكردي على أن "عودة قوات الحشد الشعبي للسيطرة على سنجار الهدف منها إبقاء المدينة تحت السيطرة الإيرانية كونها منطقة حيوية وتعتبر حلقة وصل بين العراق وسوريا".
وبخصوص جرّ الحشد الشعبي العراق إلى حرب مع تركيا، قال محمود إن "تركيا ليست بهذه السذاجة حتى ترسل قواتها إلى سنجار التي تبعد عنها ما يقرب من 200 كيلومتر، فالأمر ليس كما يحصل في منطقتي قنديل وزاخو المتاخمة للحدود التركية".
وكان السياسي العراقي محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي، قد حذر خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة "السومرية العراقية"، السبت الماضي، من أن بعض الفصائل من الحشد الشعبي تريد فرض قرار الحرب على الدولة العراقية، مؤكدا أنها تستطيع القيام بذلك.