هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال دانيال دي بتريس، في مقال نشره موقع "بزنس إنسايدر"، إن على الرئيس المنتخب جوزيف بايدن أن يتذكر أي نوع من الصداقة يريد مع السعودية.
وقال بتريس في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن بايدن فعل أثناء حملته الانتخابية ما فعله المرشحون منذ زمن وهو إطلاق الوعود.
وقال إن الولايات المتحدة ستعيد احترامها في العالم وستتم محاسبة روسيا ورئيسها المخابراتي فلاديمير بوتين وستصبح السياسة الأمريكية أكثر ذكاء واحتراما لحلفائها.
ولفت الكاتب إلى أن بعض الوعود تظل أهم من غيرها، وإذا كانت هناك فكرة على الرئيس المنتخب تحقيقها وهو يحضر لحفلة تنصيبه في 20 كانون الثاني/ يناير، فهي الحاجة لإصلاح العلاقة الاستراتيجية بين واشنطن والسعودية.
وبخلاف زملائه، فإن بايدن أظهر تشككا من المملكة وطوال فترته الطويلة في العمل السياسي. وكعضو في الكونغرس ولجنة الشؤون الخارجية فلقد ظل يشير من أرضية المجلس وفي مقابلاته بالقول إن السعودية ليست صديقا يوثق به، بل إن العلاقة معها تقوم على المصلحة.
وفي مقابلة مع شبكة "بي بي أس" عام 2004 تساءل بايدن عن ما إذا كانت الولايات المتحدة تحصل على مقابل من علاقتها الثنائية مع الرياض، وهو كلام اعتبر هرطقة في ذلك الوقت.
ومهما كان كلامه في ذلك الوقت، فقد كانت ملاحظات ذكية: فعلى ماذا تحصل الولايات المتحدة من خدماتها الخاصة للعائلة المالكة؟
ولم يخف تحفظ بايدن من السعودية مع تقدمه بالعمر، بل زادت مشاعره شدة. وفي مرحلة ما من الحملة الانتخابية في 2020، وصف بايدن السعودية بـ"المنبوذة" وهو مصطلح عادة يستخدم لوصف نظام كيم جونغ-أون في كوريا الشمالية ونيكولاس مادورو في فنزويلا.
اقرأ أيضا: التايمز: بايدن على خطى ترامب بالشرق الأوسط المضطرب
وجاءت تصريحاته بدون شك نتاجا للاتجاه الذي نقل فيه ولي العهد محمد بن سلمان العائلة المالكة إليه، وهو طريق اشتمل على عملية اغتيال بتوجيه من الدولة للصحافي المعارض جمال خاشقجي والمغامرات الفاشلة في الخارج وخلق أكبر كارثة إنسانية في العالم باليمن.
ويعلق الكاتب بأن إطلاق تصريحات قاسية هو أمر، ولكن متابعتها من خلال استراتيجية قوية هو أمر آخر.. مضيفا أن على إدارة بايدن التعامل مع السعودية من خلال ثلاثة عناصر..
الأول هو أن إدارة بايدن لن تستطيع إعادة النظر في العلاقة مع السعودية إن لم تبدأ بإطار، فعندما يتعلق الأمر بالسعودية فهي بحاجة إلى الولايات المتحدة أكثر من حاجة الأخيرة لها.
وعادة ما يتم استحضار هذا بشكل دائم في واشنطن وكأن العالم لا يزال في القرن العشرين، صحيح أن السعودية هي أكبر مصدر للنفط في العالم لكن استيراد الولايات المتحدة منها تراجع بنسبة 70% وأصبحت واشنطن مستقلة في مجال الطاقة.
وعلى خلاف الحرب الباردة عندما كان الخوف من هيمنة الاتحاد السوفييتي على إمدادات النفط في الشرق الأوسط يحدد تفكير الولايات المتحدة، فلا توجد هناك قوة إقليمية أو غير ذلك قادرة على الهيمنة على قطاع النفط.
فالصين التي تتسم بالحزم في سياستها وتعتمد بنسبة 47% من نفطها على نفط الخليج، راقبت تورط الولايات المتحدة وبفرح في الشرق الأوسط وتوصلت إلى نتيجة وهي أن الوجود العسكري الدائم فيه مكلف جدا.
أما الأمر الثاني، فهو أن على بايدن وإدارته التعامل مع السعودية كما هي وأن العلاقات معها براغماتية وتطورت جذورها في وقت وعالم سابقين وظروف سابقة.
وفي الوقت الذي يتم فيه استحضار لقاء فرانكلين روزفلت مع الملك عبد العزيز بن سعود عل البارجة الأمريكية كوينسي في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية فإنه لا يوجد هناك تحالف رسمي بين البلدين.
فالولايات المتحدة ليست مجبرة للدفاع عن المملكة حالة تعرضها لهجوم أو تمتعها بدعم دبلوماسي مطلق من واشنطن.
ومن يعتقد هذا فهو يعطي العائلة المالكة قوة فيتو على السياسة الخارجية الأمريكية، وبناء على هذا فإن أي مشكلة في الشرق الأوسط حتى لو لم تكن مرتبطة بأمريكا فإنها ستتحول إلى مشكلة للولايات المتحدة.
أما الأمر الثالث والأخير فأنه يجب على بايدن وفريقه في السياسة الخارجية الاعتراف بأن المصالح الأمريكية والسعودية متباينة.
وبالنسبة للمملكة فإيران هي العدو الذي يريد أخذ التأثير السعودي. وبالنسبة لأمريكا فإيران هي دولة مزعجة من الدرجة الثالثة ويمكن إدارة هذا الإزعاج، سواء كان اقتصاديا أم عسكريا أم دبلوماسيا.
وتأمل السعودية في تنمية تأثيرها لكي تصبح القوة الدائمة في الشرق الأوسط. أما الولايات المتحدة فهي ليست مهتمة بوضع أصبعها على الميزان واختيار الرابحين والخاسرين الذين يعيدون ميزان القوة ويجرون الولايات المتحدة إلى نزاعات جديدة.
وإن أخذ هذه العناصر الثلاثة بالاعتبار يعطي بايدن القدرة على التحرك في العلاقات الأمريكية-السعودية التي تحتاج لإعادة تقييم.