هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نبحث عن الزين والشين في حياتنا، ونتوقف عند سؤال بسيط، وهو أن الزين والشين ظاهرتان موجودتان، لا يخلو منهما مجتمع إنساني، ولكن الفرق إدراكنا لهما، ليس كوجود وإنما كانعكاس لما في داخلنا من رغبة في تحويل الزين إلى شين، إذا لم يحقق لنا مصلحة شخصية، وتحويل الشين والسكوت عليه إلى زين، إذا كانت لنا مكاسب شخصية من وجوده.
أين يقف الدين من ظاهرة الزين والشين أو القبح والجمال؟، هل هما نابعان من الدين أم من ضمير الإنسان؟ إذا اختل توازن الاستنتاج الديني أو وظف سياسيا، يستطيع أن يجعل من الشين زينا بفتوى صغيرة، وإذا اختفى ضمير المجتمع أو نام، فمن الممكن أن يصبح الشين زينا، حتى يستيقظ هذا الضمير ويدفع ثمن هذا الاستيقاظ.
لا أتكلم عن الزين اللي فينا له فطرة إلهية، وأتكلم عن الشين اللي فينا لأنه نية بشرية، وشكل من أشكال الضمير النائم.
«الشين» اللي فينا أننا نفكر بعقلية فردية، وطالما أنا وعيالي سالمون ما يهمني الآخرين.
«الشين» اللي فينا أننا نصفق للقائم، وإذا سقط دسنا بأرجلنا ومزقناه بألسنتنا.
«الشين» اللي فينا أن كل فرد أو عائلة أو قبيلة تعتبر نفسها أفضل من غيرها، ولها الأولوية، وأنها هي التي تكتب التاريخ.
«الشين» اللي فينا أن خطابنا في العلن ليس هو خطابنا في السر، وأننا أصحاب شخصية مزدوجة.
«الشين» اللي فينا إيماننا بالمظهر على حساب الجوهر، والافتتان بالشحم على حساب اللحم.
«الشين» اللي فينا أننا لا نعي دلالة الوضوء للصلاة، فنؤديها كعادة ولا نعي أنها وضوء وابتعاد وانتهاء عن المنكر، غلبت العادة على العبادة، فاستوت صلاة المتوضئ مع صلاة غير المتوضئ.
«الشين» اللي فينا أننا لا ننصح مسؤولينا وقادتنا، ولكن نجاملهم وننافقهم، على حساب ضمائرنا وحبنا لهم، من أحب نصح، ومن كره جامل ونافق.
«الشين» اللي فينا أننا نعرف الحق بالرجال ولا نعرف الرجال بالحق، فكل معمم شيخ وكل ملتحٍ إمام، وكل ملتحف بالدين شيخ وعالم، وكأننا مجتمع جديد يدخله الإسلام.
«الشين» اللي فينا أننا نتكلم عن الفساد ولا نشير إليه، فلذلك نشترك في وصفه مع الفاسدين فوصف الشيء جزء منه.
«الشين» اللي فينا أنه لا نستغل أي مساحة من الحرية متوافرة لنا مهما كانت محدودة لإعلاء الحقيقة وكشفها، فالحرية ليست معطى وإنما حركة ضمن ما تسمح به الظروف.
«الشين» اللي فينا أننا نتكلم عن التغيير وننسى أننا جزء منه، نحن أول من يجب أن يتغير.
«الشين» اللي فينا أننا نركض وراء الاستهلاك ولا نقاوم برامجه ولا خططه حتى ولو أتت من الحكومة، فالترشيد سمة فردية ووعي خاص.
«الشين» اللي فينا أننا موجودون ككينونة، لكننا مغيبون كإرادة، وهي حالة تفسد كل زين محتمل، لأن الإنسان إرادة قبل أي شيء آخر.