مقالات مختارة

تأملات في العلاقات الأمريكية- الكويتية

ألينا رومانوسكي
1300x600
1300x600

في عيد الشكر الماضي، قضيت الوقت مع عائلتي في واشنطن، حيث اجتمعنا حول مائدة عيد الشكر التقليدية، التي توسطتها أطباق الديك الرومي وصلصة التوت البري وفطيرة اليقطين التي قمنا بتحضيرها معا. وكما تعلمون، يحتل يوم عيد الشكر مكانة خاصة بين الأمريكيين، فهو يوم نستغله للتأمل في النعم التي نحظى بها في حياتنا والتي تستوجب الشكر والامتنان.

وبينما كنت أتأمل فيما أشعر نحوه بالامتنان، لم يكن هناك أفضل من أنني كنت أحتفل بهذا العيد بالتزامن مع ختام الحوار الاستراتيجي الرابع بين الولايات المتحدة والكويت، وهو حوار انخرطت في فعالياته 6 مجموعات عمل وتوج باجتماع بين وزيري خارجية الولايات المتحدة والكويت في واشنطن. لقد قرب هذا الحوار بين الولايات المتحدة والكويت بشكل أكبر، وتخلل هذا الحوار توقيع عدة اتفاقيات لتطوير تنسيق الرعاية الصحية والتعاون في إنفاذ القانون والمساعدات الإنسانية في جميع أنحاء العالم، كما اعتمدنا برامج تبادل ثقافية وتعليمية إضافية. لقد أطلقنا كذلك الاجتماع الأول لمجموعة العمل في التعاون السياسي والتنمية وحقوق الإنسان، التي تركز على توسيع مشاوراتنا الرسمية لتشمل القضايا السياسية والإنمائية الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. ويظهر هذا الحوار الاتساع والعمق الكبيرين للعلاقات بين الولايات المتحدة والكويت، كما يؤكد الحقيقة التي لا يمكن إنكارها، وهي أن الولايات المتحدة والكويت ليستا مجرد حليفتين موثوقتين، ولكنهما دولتان تجمعهما صداقة وطيدة.

ولمست في كل لقاءاتي مع الكويتيين قدرا كبيرا من كرم الأخلاق وحسن الضيافة، وكرم الكويت يتعدى حدودها الجغرافية، فهي تقدم المساعدات الاقتصادية والإنسانية الضرورية في جميع أنحاء العالم. وللولايات المتحدة أيضا سجل طويل حافل بالعطاء، وبتوقيع مذكرة التفاهم بين الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والصندوق الكويتي، سيعمل بلدانا الآن بشكل أوثق لتقديم المساعدة للبلدان المحتاجة.

وبينما نتصدى للتحديات غير المسبوقة للوباء الحالي، أصبحت الرعاية الصحية أكثر أهمية من أي وقت مضى. وأخيرا تمد الولايات المتحدة الأمريكية يد العون للعالم للتغلب على جائحة «كوفيدـ19» في الوقت الذي تتأهب فيه الشركات الأمريكية فائقة الابتكار للحصول على الموافقة على اللقاح. لقد أظهر الوباء حاجة جميع البلدان إلى الاستثمار في أنظمة رعاية صحية مناسبة، والعمل معا لمواجهة التهديدات الصحية التي تعرضنا للخطر. وفي هذا الصدد، تربط الولايات المتحدة والكويت بالفعل علاقة طويلة الأمد في المجال الطبي، حيث يزور المواطنون الكويتيون بانتظام الولايات المتحدة لتلقي العلاج الطبي الأكثر تقدما في العالم. وبتوقيع مذكرة التفاهم الصحية بين وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية ووزارة الصحة الكويتية، سيعزز البلدان التعاون في مجالات الصحة العامة والبحوث الطبية الحيوية والتكنولوجيا الطبية والعلوم الطبية. كما ستعزز الكويت أنظمة رعايتها الصحية لدمج أحدث التطورات العلمية بفضل تبادل المعرفة الضرورية وأفضل الممارسات الطبية.

ويتعاون البلدان أيضا من خلال الجهود القانونية المشتركة لجعل بلدينا أكثر أمانا. وبموجب التوقيع على إعلان النوايا للتفاوض بشأن معاهدة المساعدة القانونية المتبادلة، التزم بلدانا بتعزيز التعاون في مجال إنفاذ القانون من خلال إنشاء قناة منتظمة للحصول على الأدلة لاستخدامها في الملاحقات والتحقيقات الجنائية في كلا البلدين، ويعد ذلك خطوة مهمة نحو ضمان سلامة المواطنين الأمريكيين والكويتيين وأمنهما، سواء كان التهديد ناتجا عن الإرهاب أو الجريمة العابرة للحدود أو الفساد.

وبينما تعمل الكويت على تنويع اقتصادها، تستعد المؤسسات والشركات الأمريكية للدخول في شراكة مع نظيراتها في الكويت لتطوير القطاع الخاص. وتمتلك الشركات الأمريكية ثروة من الخبرة والمعرفة لمشاركتها مع الكويت، كما تطلع إلى تطوير فرص تعود بالنفع على الطرفين. وتعرف شركاتنا بروحها الإبداعية وعزمها في ريادة الأعمال، وسيؤدي تكوين الشراكات بين الشركات الأمريكية والكويتية إلى تعزيز الابتكار وإنشاء أعمال تجارية جديدة، مما سيعزز اقتصاد البلدين.

ويملؤني الفخر بأن 5 أجيال من الكويتيين قد درسوا في الولايات المتحدة. وفي كل عام، يواصل بلدانا تشجيع الشباب الكويتي للانضمام إلى آلاف الكويتيين الذين يدرسون حاليا في الولايات المتحدة، فلا يكتسب هؤلاء الطلاب المعرفة من كلياتنا وجامعاتنا ذات المستوى العالمي فحسب، بل يعملون أيضا كسفراء ثقافيين بحكم الواقع، فهم يعززون أواصر الصداقة ويعمقون التفاهم بين شعبينا. وتسعدني مواصلة بلدينا العمل معا لتحسين جودة تدريس اللغة الإنجليزية وتوسيع نطاق الاستشارات الجامعية، وزيادة التواصل بين الجامعات الأمريكية والطلبة الكويتيين، ليتمكن المزيد من الشباب الكويتيين من الوصول إلى الخيارات التعليمية ذات المستوى العالمي المتاحة في أمريكا. كما أتطلع إلى البناء على بيان النوايا بشأن التعاون الثقافي الذي وقعناه العام الماضي، من خلال توسيع تبادل الزيارات وتنفيذ المشاريع الثقافية بين الولايات المتحدة والكويت، وبذلك نعزز إبداعنا وروابطنا الثقافية القوية.

وبينما أتطلع إلى عام 2021، يغمرني الامتنان للشراكة القوية التي نبنيها معا. في العام المقبل، ستحتفل الكويت والولايات المتحدة بمرور 60 عاما على العلاقات الديبلوماسية، بالإضافة إلى ذكرى استقلال الكويت. ويجمع البلدين منظور مشترك، حيث نصب تركيزنا على المستقبل وإمكانات دولتينا والإنجازات الرائعة التي نتوقع تحقيقها. وبفضل شراكتنا الطويلة، لدي اعتقاد قوي بأن مستقبلنا، كماضينا، سيكون وثيق الصلة وشديد الترابط. وبصفتي راعية لهذه العلاقة الخاصة، أؤمن بكل ثقة وتفاؤل بأن بلدينا سيستمران في مواجهة العديد من التحديات العالمية اليوم معا كحليفين موثوقين وصديقين مقربين.

 

(عن جريدة الأنباء الكويتية)

0
التعليقات (0)