بورتريه

لقاح "كورونا".. شراكة تركي ويوناني وطبيبة حلمها "الرهبنة"

بورتريه
بورتريه

على الرغم من إنجازاته، لم يتغير أبدا من كونه متواضعا وأنيقا بشكل لا يصدق، بحسب ما يقول أحد شركائه.


المظاهر تعني القليل بالنسبة له ولزوجته التي تشكل معه فريق الأحلام، والأمل للبشرية والضوء في نهاية النفق.


هما من بين أغنى 100 ألماني، كرسا حياتهما في عالم السرطان والأمراض المعدية، وقضيا سنوات في تطوير العلاجات المناعية لمرض السرطان.


مدير شركة بيونتك، أوغور شاهين وزوجته أوزليم توريتشي (تكتب أيضا توريجي) يشكلان ثنائيا مثيرا للإعجاب والتوقعات والآمال، وقصة نجاح كبيرة.


شاهين ابن مهاجر تركي مسلم يعمل في مصنع فورد في كولونيا بألمانيا، ولد في مدينة إسكندرون في تركيا عام 1965، وانتقل إلى كولونيا في ألمانيا عندما كان في الرابعة من عمره، ودرس الطب في جامعة كولونيا عام 1990. وفي عام 1993 حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة عن عمله في العلاج المناعي في الخلايا السرطانية.


وبعد إقامة لمدة ثماني سنوات في مستشفى جامعة سارلاند، انضم إلى هيئة التدريس في جامعة ماينز عام 2000.


أما زوجته توريتشي فهي ابنة طبيب تركي هاجر هو أيضا إلى ألمانيا وتنتمي لعائلة كاثوليكية. ولدت بساكسونيا السفلى بألمانيا عام 1967. ووصفت نفسها بأنها "بروسية تركية".

 

حصلت على دكتوراه الطب من جامعة سارلاند، وكانت لديها آمال مبكرة في أن تصبح راهبة، وانتهى بها الأمر بدراسة الطب.


توريتشي هي رئيسة جمعية العلاج المناعي للسرطان، ورئيسة مجموعة التدخل المناعي الفردي، ومحاضرة في جامعة ماينز، وتعتبر رائدة في العلاج المناعي للسرطان.


التقى الزوجان في مدينة هامبورغ خلال مسيرتهما الأكاديمية المبكرة، وأصبح البحث الطبي وعلم الأورام شغفا مشتركا لهما. توريتشي قالت في مقابلة إعلامية إنه حتى في يوم زفافهما، خصص كلاهما وقتا للعمل في المختبر.


في 2001 أسسا شركة "غانيمد فارما كيوتيكالز" لتطوير أجسام مضادة لمكافحة السرطان، وبيع المشروع لشركة "أستيلاس" اليابانية عام 2016 مقابل 1.4 مليار دولار. وفي نفس الوقت، كان الفريق منشغلا ببناء شركة "بيونتك" التي تأسست عام 2008 في مدينة ماينز، بالإضافة إلى طبيب الأورام النمساوي كريستوف هوبر، لمتابعة مجموعة أوسع بكثير من أدوات العلاج المناعي للسرطان.


وأخذت قصة "بيونتك" منعطفا استثنائيا عندما تعرف شاهين في كانون الثاني/ يناير الماضي على ورقة علمية عن تفشي فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية. فقامت "بيونتك" على الفور بتعيين نحو 500 موظف للعمل على عدة مركبات محتملة، وفازت بشراكة مع عملاق الأدوية "فايزر" وشركة الأدوية الصينية "فوسن".


طورا بالتعاون مع " فايزر" التي يتولى منصب الرئيس التنفيذي فيها، ألبرت بورلا، اليوناني الأصل، لقاحا لفيروس كورونا حيث أظهر التحليل فعالية بنسبة 90%، وهي "أفضل نتيجة ممكنة" بحسب شاهين.


يقول شاهين في تصريحات صحفية: "لقد أدركنا أنه من اليونان، وأنني من تركيا"، دون الإشارة إلى العداء طويل الأمد بين بلديهما الأصليين.


وفي ما يتعلق باللقاح أوضح البروفيسور شاهين أن الاستجابة المناعية للقاح من المتوقع أن تستمر لمدة عام على الأقل، مضيفا أن الأجسام المضادة التي يسببها اللقاح ثبت أنها تمنع نحو 20 طفرة مختلفة من فيروس كورونا.


وتقوم فكرة اللقاح على خداع الجهاز المناعي ببروتينات فيروسية، بحيث يمكن للأجسام المضادة أن تهاجم الفيروس.


هذا النجاح الذي جاء نتيجة جهود تسابق فيها الزوجان مع الزمن، أدى إلى ارتفاع القيمة السوقية لـ"بيونتك" المدرجة في بورصة "ناسداك" إلى 21 مليار دولار بعد أن كانت 4.6 مليار دولار قبل عام، مع استعداد الشركة لتأدية دور رئيسي في التحصين الشامل ضد "كوفيد-19".


واستثمرت مؤسسة "بيل ومليندا غيتس" نحو 55 مليون دولار في الشركة التي تعمل أيضا في برامج لعلاج فيروس نقص المناعة (الإيدز) والدرن.


على الرغم من ثروتهما، يقول زملاؤهما إن شاهين رجل "هادئ رزين مهتم بقراءة المجلات العلمية أكثر من التحقق من قيمة شركته".


قال شريكهما اليوناني بورلا: "أوغور شخصية فريدة جدا جدا.. إنه يهتم بالعلم فقط، إنه عالم ورجل ذو مبادئ. أنا أثق به بنسبة 100%".

 

شاهين يتوقع عودة الحياة إلى طبيعتها خلال موسم الشتاء المقبل، بعد تراجع كبير في انتشار الوباء.

 

الطبيبان، شاهين وتوريتشي، يعيشان حاليا مع ابنتهما المراهقة، في شقة متواضعة بالقرب من مكتبهما، وهما يركبان الدراجات الهوائية إلى العمل، لأنهما لا يمتلكان سيارة.


تواضعهما وارتداؤهما للملابس البسيطة جدا والجينز في الغالب، والتقليل من شأنهما، لم يمنع من تطوير علاج لوقف انتشار الفيروس الماكر والمتغير الذي أعلن شاهين أنه واثق من أن منتجه يمكنه "ضرب الفيروس على رأسه"، في تصريحات خاصة لصحيفة "الغارديان" البريطانية.


نصيحة شاهين للشباب الذين يسعون إلى امتلاك مهنة في البحث والعلوم أن يجمعوا بين أمرين: "أولا، أن يكونوا فضوليين، لأن الفضول هو العنصر الأهم في العلم. ومن ناحية أخرى أن يحددوا الرؤية التي يبدو تحقيقها بعيد المنال لأن هذا ما سيبقيهم محفزين".

0
التعليقات (0)