صحافة دولية

NYT: قتل إياد الحلاق يكشف عن عنف الاحتلال وإفلاته من العقاب

والدة الحلاق تحمل صورة خلال تقبلها العزاء باستشهاده- تويتر
والدة الحلاق تحمل صورة خلال تقبلها العزاء باستشهاده- تويتر

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن حادث قتل الشاب الفلسطيني إياد الحلاق، المصاب بمرض التوحد، يكشف الطريقة التي تتعامل فيها قوات الاحتلال، والعنف المتأصل فيها تجاه الفلسطينيين دون خوف من المحاسبة.

وأوضحت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" أن الحلاق 31 عاما، كان طالبا مجتهدا في مدرسة المصابين بالتوحد، وتلقى دروسا طويلة في كيفية التعامل مع قوات الاحتلال، ابتداء من إلقاء السلام وحتى إبراز الهوية الشخصية.

وقالت إن المدرسة حرصت على هذه الدروس ومثل المدرسون والطلاب الأدوار التي كان يشارك فيها أحيانا عناصر من الشرطة في المركز القريب من المدرسة.

وأضافت: "في يوم مقتله لم تنفعه الدروس. فعندما نادى عليه عناصر الشرطة عندما كان يسير في طريق الألآم هرب، وتم حشره في مكان وأطلقت الشرطة عليه النار باعتباره يمثل تهديدا. وكانت عملية إطلاق النار في ذلك اليوم 30 أيار/مايو مثيرة للقلق لأن الحلاق لم يكن مسلحا ومن عرفوه وصفوه بالشخص الذي لا يمكنه إيذاء أحد".

وقال شهود عيان لعملية القتل إن مدرسته صرخت على رجال الشرطة وقالت لهم إنه يعاني من إعاقة، ووصف بنيامين نتنياهو القتل بالمأساة واعتذر وزير الحرب بيني غانتس عنها. وحاول ناشطون إشعال حركة "حياة الفلسطينيين مهمة" على غرار ما حدث للرجل الأسود جورج فلويد، الذي قتل في مينيابوليس قبل خمسة أيام من إطلاق النار على الحلاق.

 

اقرأ أيضا: شهادات جديدة حول إعدام جنود الاحتلال للمقدسي "الحلاق"

 

ومنذ ذلك الوقت زاد الغضب العام على قوات الاحتلال بعدما انتشرت لقطات فيديو لضباط شرطة وهم يضربون ويخنقون المتظاهرين وطالب الادعاء بتوجيه تهمة القتل غير العمد للضابط الذي أطلق النار على الحلاق وقتله، لكن إصدار حكم سيكون استثنائيا لأن عملية القتل صادمة. مع أن الخبراء يرون أن الغضب سيتلاشى ويختفي الادعاء ولن يغير إلا القليل في وقت لم توجه فيه تهم إلى الضابط القاتل.

 إلا أن مشكلة إسرائيل مع وحشية الشرطة لن تذهب، ومنذ السبعينات من القرن الماضي، فشلت محاولات الحد من عنف ضباط الشرطة ومحاسبتهم. وكانت النتيجة هي نظام يبرئ الضباط من كل التصرفات إلا المفرطة والتي كانت محل شجب واسع، وحتى هذه في بعض الأحيان. ولم يتم التحقيق في معظم شكاوى العنف التي تمارسها القوات ونسبتها 86% حسب الإحصائيات المتوفرة من وزارة العدل الإسرائيلية.

وقالت الصحيفة إن الحوادث التي تم التحقيق فيها لم تقد إلى توجيه إدانات، أو حتى إجراءات ضبط. ويقول النقاد إن ثقافة الحصانة مستشرية في داخل قوى الشرطة وخاصة في الحالات المتعلقة بالأقليات. فالإسرائيليون من أصول إثيوبية واليهود المتشددون والناشطون اليساريون يتم استهدافهم بالعنف فيما يعامل الفلسطينيون بأشد الطرق القاسية.

ويتم استخدام القوة القاتلة ضد الفلسطينيين والأقليات الأخرى. ومن بين 13 قتلوا على يد قوات الاحتلال كان هناك 11 فلسطينيا واثنان من أصول إثيوبية. وقال المحامي في مجال حقوق الإنسان، فادي خوري: "يعرف ضباط الشرطة بأنه لا توجد محاسبة ولهذا فهم لا يبالون عندما يتعلق الأمر بسكان بعينهم".

وعادة ما يرد الأمر في الحالات القاتلة كالحلاق إلى "قلة الخبرة". وعادة ما يتم نشر الشبان الذين ينهون خدمتهم العسكرية مع حرس الحدود في المدينة القديمة بالقدس المحتلة. ويؤكد المسؤولون أنهم لا يتسامحون مع الوحشية في صفوفهم. ويقول أراد برافرمان، الذي يقود 150 ضابطا من حرس الحدود في المدينة القديمة: "لا أعرف قائدا يريد أن يكون لديه عنصر عنيف ولا أعرف أي قائد يعرف أن لديه عنصرا عنيفا في مجموعته أو وحدته ولا يسرحهم" وفق زعمه.

إلا أن النقاد يتحدثون عن فشل رؤساء الشرطة باتخاذ مواقف حاسمة من استخدام القوة المفرطة. ويقول عيران شيندر الذي أنشأ وحدة التحقيق بالممارسات السيئة للشرطة في وزارة العدل عام 1992 وظل مديرها حتى 2003: "عندما تكون الشرطة قاسية تلتزم قيادتها بالصمت، وتصرخ موافقة" على تصرفات الأفراد.

ولا يهتم الفلسطينيون بتقديم شكوى لشكهم في توفير النظام العدالة لهم. ويقول المحامون عن الضحايا إن وحدة الممارسات في الشرطة تصدق كلام الضباط رغم الشك به. وفي أحيان تتجاهل الشكوى ولا تقابل المتهم أو تجمع الأدلة المطلوبة من لقطات أو صور. ويقول خليل ظاهر، المحامي في القدس المحتلة للجنة العامة لضحايا التعذيب في إسرائيل "يعملون أقل ما يمكن".

 وعندما ضرب خمسة رجال شرطة كانوا خارج العمل عامل بقالة بدوي في تل أبيب عام 2016 وتم تسجيل الهجوم على كاميرا المراقبة تم إلغاء الإتهامات عن أربعة واستمر التحقيق في الخامس بدون اتخاذ إجراءات تأديبية ضده.

ويقول المحامون الفلسطينيون إن التحيز واضح "هم عنيفون مع كل واحد لكنهم أكثر مع الفلسطينيين والعرب" كما يقول ظاهر: "وهم سريعون لإطلاق النار على الفلسطينيين ونادرا ما يطلقون النار على الإسرائيليين".

وبالنسبة للحلاق فقد كان في طريقه للاعتماد على نفسه حيث تعلم الطبخ والعناية بحديقة البيت والمهارات الضرورية للحياة. وقال عصام جمال، مدير مدرسة إياد: "هذه هي اللحظة التي ننتظرها". وساعده أساتذته للعثور على عمل وراتب واشترى والداه شقة وكانا يبحثان له عن عروس. وقالت والدته رنا الحلاق: "كان يقول، أمي، زوجيني".

التعليقات (0)