ملفات وتقارير

عام على استرجاع الأردن للباقورة والغمر.. ما هي الفوائد؟

خبير: العائد السياسي والسيادي هو الأهم بالنسبة للأردن- جيتي
خبير: العائد السياسي والسيادي هو الأهم بالنسبة للأردن- جيتي

مضى العام الأول على إعلان عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، فرض سيادة بلاده على منطقتي الباقورة والغمر اللتين توصفان بأنهما "كنز اقتصادي"، بعد انتهاء عقد انتفاع الاحتلال الإسرائيلي بهما، بموجب اتفاقية وادي عربة الموقعة بين الجانبين عام 1994.


ونص ملحقان بالاتفاقية على سريان عقد الانتفاع لمدة 25 عاما من تاريخ دخول معاهدة السلام حيز النفاذ، مع تجديده تلقائيا، ما لم يخطر أي الطرفين الآخر بإنهاء العمل بالملحقين قبل سنه من تاريخ التجديد الذي كان مرتقبا 2019.


غير أن عاهل الأردن أعلن أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2018 إلغاء العمل بالملحقين، أي قبل موعد التجديد بعام حسبما نص الملحقان.

 

وبذلك قطع القرار الملكي الطريق على أي محاولات إسرائيلية للتمديد، موجها صفعة لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لما رتبه عليه من ضغوط محلية، وحرج أمام ناقديه، حيث كان يمني نفسه بالتمديد.


وآنذاك غرد الملك عبد الله قائلا: "لطالما كانت الباقورة والغمر على رأس أولوياتنا، وقرارنا هو إنهاء ملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام انطلاقا من حرصنا على اتخاذ كل ما يلزم من أجل الأردن والأردنيين".

 

في العاشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، أعلن العاهل الأردني فرض السيادة الكاملة على المنطقتين، في خطوة لاقت ترحيبا كبيرا من كافة التيارات والهيئات بالبلاد.


ورغم أن قرار عدم تمديد حق الانتفاع هو قرار ومكسب سياسي بامتياز، لكن الجانب الاقتصادي لا يمكن إغفاله، فالمنطقتان من أخصب المناطق الزراعية، وكانتا خلال الاحتلال الإسرائيلي، ثم أثناء الانتفاع بهما ضمن معاهدة السلام، سلة لأفضل أنواع الخضروات والفواكه، التي صدرها الاحتلال إلى دول العالم.


فهما رافدان زراعيان مهمان عادا إلى الأردن، بعد طول غياب، وينتظران من المملكة حسن الاستثمار والحفاظ على جودة الإنتاج، لتعزيز ودعم الاقتصاد الأردني، الذي يعاني من أزمات خانقة.


لكن كورونا وتداعياته على مختلف القطاعات، كان له أثر في تأخر جني الفائدة الاقتصادية لعودة المنطقتين، لا سيما وأنهما كنز زراعي، بحسب مراقبين رأوا أيضا أن المكاسب السياسية من القرار لا تقدر بثمن.


ثبات الموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية

 

محمد المومني، الوزير الأسبق، وعضو مجلس الأعيان الحالي (الغرفة الثانية للبرلمان)، اعتبر أن "الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني لا يمكن أن يساوم على شبر واحد من أراضيه"، وفق وكالة أنباء الأناضول التركية.


وأضاف: "بعودة المنطقتين، أعطى الأردن درسا للعالم بأسره على موقفه الثابت تجاه استقلالية الدول واحترام وحدة أراضيها".


وتابع المومني: "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتخلى الأردن عن مبادئه، فالرسالة السياسية من رفض المملكة لمبدأ تجديد انتفاع إسرائيل بهما، هي تمسكها بحقوق الشعوب في نيل حقوقها وسيادتها على أراضيها، وعلى رأسها فلسطين المحتلة".


وزاد في السياق ذاته: "الملك عبد الله بقراره فرض كامل السيادة الأردنية على منطقتي الباقورة والغمر، أكد أنه لم ولن يفاوض على مبدأ حل الدولتين، بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".


وبين المومني أن ثمة مكاسب مائية واقتصادية زراعية ستظهر خلال السنوات القليلة القادمة، لا سيما أن الباقورة والغمر مناطق زراعية خصبة ستعود بالنفع والفائدة على الاقتصاد الوطني.


وتقع الباقورة شرقي نقطة التقاء نهري الأردن واليرموك في محافظة إربد (شمالا)، وتبلغ مساحتها نحو ستة آلاف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع).


أما الغمر فتقع في منطقة وادي عربة بمحافظة العقبة (جنوبا)، وتقدر مساحتها بنحو أربعة آلاف دونم.


واحتلت إسرائيل الباقورة عام 1950 والغمر 1967، وعادت المنطقتان إلى السيادة الأردنية بموجب معاهدة وادي عربة، وتم وضع ترتيبات خاصة بهما في ملحقي المعاهدة.


مكسب أردني فلسطيني

 

أحمد سعيد نوفل، الأكاديمي والخبير في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي، أكد أن المكسب الرئيسي للأردن "معنوي"، عبر استعادته لأرضه، والاستجابة لرغبات الرأي العام الذي طالب بإنهاء العمل بالملحقين الخاصين بالباقورة والغمر، وفق الوكالة التركية.


وأردف نوفل: "هذا شيء مهم، خاصة في ظل ظروف المنطقة، وإصرار الأردن على إعادة الأراضي كان في فترة توتر مع إسرائيل، وهو انتصار سياسي للمملكة على صعيد الجبهة الداخلية، فقد تماشى القرار مع الموقف الشعبي".


وتابع نوفل، وهو رئيس اتحاد الأكاديميين الفلسطينيين (مستقل، تأسس عام 2018، مقره إسطنبول): "أي استعادة لأي أرض عربية محتلة هو مكسب للفلسطينيين، ودعم لموقفهم في إصرارهم على استعادة أرضهم".


ولم يستبعد الخبير الأردني أن يكون إعلان نتنياهو عن فكرة ضم أراض من الضفة، إلا لتحقيق مكسب إسرائيلي داخلي، خاصة مع صلابة الموقف الأردني باستعادة المنطقتين وعدم القبول بأي مفاوضات بشأنهما.


لكن نوفل اعتبر أن التراجع الإسرائيلي وإرجاء قرار الضم "ليس له أي علاقة باتفاقيات تطبيعية مع الإمارات أو غيرها من الدول (البحرين والسودان خلال الأسابيع الأخيرة)، فهي ماضية بضم الأراضي الفلسطينية، ولا تقبل بإملاء الشروط عليها".


محدودية العوائد مع ملكيات إسرائيلية

 

بدوره، دعا الخبير الاقتصادي الأردني مازن مرجي، إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار وجود ملكيات إسرائيلية لبعض أراضي الباقورة والغمر، عند الحديث عن الفائدة الاقتصادية المرجوة من عودتهما.


وأوضح أن "هناك مئات الدونمات من أراضي المنطقتين مملوكة لأفراد إسرائيليين، سمح الاتفاق باعتبارهم مستثمربن أجانب في الأردن، وما زالت الأراضي تحت أيديهم في كيفية التصرف بها".


واستطرد: "إذا استمروا في إدارة واستغلال تلك الأراضي حسب رغبتهم الخاصة، فستبقى محدودة من حيث العوائد الاقتصادية التي قد تدرها على الأردن".


وأشار مرجي إلى "صغر مساحة تلك الأراضي، التي قد لا يعول على حجم مردودها الاقتصادي، حتى لو كانت كامل ملكيتها للمملكة".

 

وأضاف: "انطلاقا من ذلك، فإنه مع غياب معلومات حديثة تبين ما إذا كان الأردن قد استغل هاتين المنطقتين زراعيا واقتصاديا بشكل كامل أو جزئي، فإنه يصعب إعطاء رقم لقيمة المنفعة الاقتصادية المتأتية من عودتها للسيادة الأردنية".


وزاد: "لكن التوقع هو بالتأكيد عائدات محدودة لا تذكر، ولكن يبقى العائد السياسي والسيادي هو الأهم والذي بالتأكيد لا يقدر بثمن".

التعليقات (0)