هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كثرت حوادث الحرائق واشتعال المحلات التجارية والحوانيت المستحدثة لبيع "الوقود"، خصوصا مادة "البنزين"، في المدن الرئيسة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، ومن بينها العاصمة صنعاء.
والأسبوع الماضي، شب حريقان في صنعاء، أحدثا خسائر مادية كبيرة.
وقالت مصادر وشهود، في أحاديث منفصلة لـ"عربي21": "يعد هذان الحريقان مثل غيرهما من الحرائق التي باتت السوق السوداء لبيع البنزين سببا في وقوعها".
وتابعت المصادر: "يخزن البنزين والديزل في براميل معدنية، وغالبا في أوعية بلاستيكية تودع، مكتظة، في حوانيت صغيرة تقع في أماكن مزدحمة بالسكان، وحركة التجارة، والأنشطة الاجتماعية المختلفة".
وبحسب المصادر والشهود، فإن الحريقين شبا في منطقة بير عبيد، وهو أحد أشهر الأحياء الجنوبية في العاصمة صنعاء، الذي يشهد حركة تجارية واسعة، وازدحاما مروريا وسكانيا كبيرين؛ نتيجة لوقوعه في شارع تعز الذي يربط صنعاء بثماني محافظات أخرى.
وكشفت المصادر أن منشأتين ومرافق ووسائل نقل تابعة لهما دمرت كليا.
وتشير المصادر إلى أن السبب في الحريق الأول كان اشتعال النيران في حانوت لبيع البنزين المعبأ في أوعية بلاستيكية، ثم انتقل الحريق إلى محل تجاري كبير بجواره.
المصادر أكدت أن اتساع رقعة هذه الحرائق قد تنذر بخطر كبير، لا سيما أن أماكن بيع الوقود يقع بعضها بجانب محلات مواد بناء، والتي يباع فيها طلاءات تحتوي على مواد كيماوية قابلة للاشتعال.
وباتت ظاهرة بيع الوقود في السوق السوداء تشكل خطرا كبيرا ومتناميا في المدن التي تقع تحت سيطرة الحوثيين.
وتلفت المصادر اليمنية إلى "تورط متنفذين مقربين من قيادات حوثية بتوفير الحماية لبيع البنزين والديزل، والغطاء القانوني من أي ملاحقة، أو محاسبة لملاك هذه الأسواق التي كبدت المواطنين وأصحاب المحلات التجارية خسائر كبيرة".
وتشير تقارير محلية ودولية إلى أن انتعاش سوق النفط السوداء، خاصة في صنعاء، الذي بات مصدر ثراء غير مشروع لقيادات بارزة في جماعة الحوثي، التي تمول بائعي التجزئة في البنزين والديزل، وتحول دون بيعه في المحطات المخصصة لذلك.
وأفرزت ظاهرة السوق السوداء لبيع المشتقات النفطية في مناطق سيطرة الحوثيين تصاعدا جنونيا في أسعارها، وأحيانا يجري إخفاؤها عدة أيام؛ لدفع الناس للحصول عليها مهما ارتفع ثمنها، بحسب مصادر.
فخلال الأسابيع الماضية، وصل سعر عبوة البنزين سعة 20 لترا في السوق السوداء في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون إلى حوالي 20 ألف ريال، أي ما يعادل 40 دولارا أمريكيا. وفي العادة يستقر السعر عند حدود 11 ألف ريال يمني، أي نحو 20 دولارا تقريبا، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف قيمة العبوة نفسها في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.
ويشكو يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين من أزمات الوقود المتكررة، ففي الوقت الذي تتوفر فيه مشتقات النفط في السوق السوداء، يتزاحم المواطنون بالمئات، وبسياراتهم ودراجاتهم النارية، أمام محطات التعبئة التي تتوقف خدماتها، بذريعة نفاد المخزون.
وفي أحيان كثيرة، تتهم جماعة الحوثي التحالف الذي تقوده السعودية، باحتجاز سفن محملة بالوقود في البحر الأحمر، ومنع دخولها ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها غربي اليمن.
وتفيد المصادر اليمنية بأن "قيادات رفيعة بالجماعة تدير هذه الأسواق، نظرا للأرباح الخيالية التي تدرها عليهم".
فيما تشكل "السوق السوداء"، وفق تقارير دولية بينها تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع لمجلس الأمن صادر قبل أعوام، "أحد المصادر الرئيسية لإيرادات الحوثيين".
وكشف تقرير فريق الخبراء عن وجود 4 موارد تتحصل عليها جماعة الحوثي لتوسيع مواردها المالية، منها السوق السوداء لبيع الوقود.
وقال التقرير الدولي إن الجماعة تحصل على 318 مليار ريال يمني -ما يساوي (600 مليون دولار أمريكي تقريبا)- هي عائدات سوق سوداء تتاجر فيها الجماعة في القطاع النفطي.
وفي تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" في سبتمبر/ أيلول 2017، اتهمت جماعة الحوثي بجني مبالغ مالية ضخمة من بيع الوقود والنفط في السوداء.
واستند تقرير المنظمة على ما ورد في تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، بأن "جماعة الحوثي في اليمن تجني أموالا طائلة من السوق السوداء، وأن الوقود كان "أحد المصادر الرئيسية لإيرادات الحوثيين".
وتضيف المنظمة أن الحوثيين جنوا ما يصل إلى مليار و14 مليون ريال يمني (400 مليار ريال يمني) من توزيع الوقود في السوق السوداء، التي تغط بها شوارع المحافظات التي يسيطرون عليها شمال ووسط البلاد.