سياسة عربية

قراءة بكتاب "الغضب": هل تطيح أشرطة وودوارد بدونالد ترامب؟

هل يكون الكتاب الجديد المسمار الأخير في نعش ترامب؟ - جيتي
هل يكون الكتاب الجديد المسمار الأخير في نعش ترامب؟ - جيتي

قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن الصحفي بوب وودوارد رسم صورة صادمة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، باعتباره رجلا غير مناسب للمنصب، وكيف يكتنف الغموض الكثيف مصيره في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وفي التقرير الذي كتبه لويد غرين، وترجمته "عربي21"، جاء أن ترامب اعترف بنفسه أنه كان مدركا للأخطار التي يشكلها فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 لكنه اختار أن يكذب.

ولفت في كتابه إلى أن ترامب يدعي أن هدفه كان تجنيب البلاد الفوضى.

وتابع المقال بأن ما يميز كتاب "الغضب" أن ترامب وافق على أن يسجل الحديث معه، أي أن الكتاب أكثر من مجرد مقابلة مشابهة للمقابلات التلفزيونية التي أجراها دافيد فروست مع الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، الذي أطاح به وودوارد، وكارل بيرتستين، بعد فضيحة ووترغيت قبل نصف قرن.


وتاليا المقال كاملا:

يطل جاريد كوشنر من صفحات كتاب "الغضب" ليقر بأن دونالد ترامب لا يلتزم بالحقيقة. في واقع الأمر، كلا الرجلين يجدان في المبالغة سلاحاً فعالاً لإثارة الرأي. وعندما سئل عن ميل الرئيس لتضخيم إنجازاته، أجاب كوشنر: "إثارة الجدل ترتقي بالرسالة".

إذا كان ذلك صحيحاً، فينبغي على الرئيس وصهره أن يكونا ممتنين إلى الأبد لبوب وودوارد، ولكتابه الأخير، ولما سينجم عنه من صخب. باعتراف الرئيس نفسه فيما ورد في الأشرطة التي سجلت له، كان مدركاً للأخطار التي يشكلها كوفيد-19 ولكنه اختار أن يكذب بشأن الخطر الذي يواجهه الشعب الأمريكي.

لم يختف الطاعون، وتجاوز عدد الوفيات الـ190 ألفاً. عندما ألح جوناثان كارل من قناة إيه بي سي الإخبارية على الرئيس في مؤتمر صحفي حول كذبته، راح يتشبث بأرض صلبة جداً. أي كلام مخالف لذلك إنما هو تضليل، أو صرح من خيال. وآخر ناطقة باسم البيت الأبيض، كايلي ماكناني تعرف ذلك على وجه التأكيد.

بينما يدعي الرئيس أن هدفه الوحيد كان تجنب الفوضى، اخترق الفيروس النسيج الاجتماعي حتى بات جزءاً منه. وكما اعترف رئيس مراكز التحكم بالأمراض والوقاية منها، فإن الجهد المطلوب لاجتثاث كوفيد-19 يشبه الماراثون (سباق الضاحية) وليس العدو لمسافة قصيرة، فخط النهاية ما زال بعيد المنال.

ومع ذلك فإن إعادة انتخابه أمر وارد. لقد تغيرت فلوريدا، ولم تعد تنزع نحو الحزب الديمقراطي. وتحوم الشكوك حول إمكانية فوز بايدين وهاريس بولاية نيفادا. تراجع ترامب ولكنه لم يخرج من السباق. وصل كتاب الغضب عند ما قد يعتبر نقطة انعطاف، حيث يصدر رسمياً قبل سبعة أسابيع من إجراء واحد من أهم المنافسات الانتخابية التي سيكون لها ما بعدها. فأينما نظرت، تجد الولايات المتحدة في حالة من الاستقطاب الشديد، إنها أمة منقسمة على حالها.

كما هو متوقع من وودوارد، لا يتورع بعض المقربين من السلطة عن سرد ما لديهم من حكايات. جيمس ماتيس، وزير الدفاع السابق، ودان كوتس، المدير السابق للمخابرات الوطنية، وكوشنر – كلهم ظهورهم أكثر من مجرد مرور عابر، بل إن كوتس يتندر حول ما إذا كان فلاديمير بوتين لديه شيء يبتز به الرئيس.

يكتب وودوارد: "وإلا فما السبيل إلى تفسير سلوك الرئيس؟ لا يجد كوتس تفسيراً آخر".

ويسجل كتاب "الغضب" شعور زوجة كوتس بالامتعاض. فقد شاء القدر أن يفصل ترامب كوتس من منصبه حينما مر صدفة بالزوجين في واحد من ملاعب الغولف التابعة له.

إلا أن ما يميز كتاب الغضب عن كل الأعمال السابقة لهذا الصحفي الحائز على جائزة بولتزر أن ترامب وافق على أن يُسجل الحديثُ معه. بمعنى آخر، يملك الكتاب أكثر من مجرد لمسة من التشابه مع تلك المقابلات المتلفزة الشهيرة التي أجراها دافيد فروست مع ريتشارد نيكسون، الرئيس الذي أطاح به وودوورد وكارل بيرنستين بما كشفاه من فضيحة ووترغيت قبل ما يقرب من نصف قرن.

يتذكر وودوارد عبارة شهيرة لنيكسون قالها قبل ما يزيد على أربعين عاماً: "لقد سلمتهم سيفاً، غرسوه في جسمي ثم برموه باستمتاع. أظن أنني لو كنت في موقعهم فلربما فعلت نفس الشيء".

فيأتي الجواب معبراً عن ترامب الحقيقي: "كان نيكسون في الزاوية وإبهامه عالق في فمه".

يوضح كتاب الغضب أن ميل ترامب نحو الطغاة والعتاة جزء من حامضه النووي (الدي إن إيه). فبالإضافة إلى تصويره لحالة الرومانس الأخوي بينه وبين كيم جونغ أون، حاكم كوريا الشمالية، يقتبس وودوارد من كلام ترامب وهو يتحدث عن علاقته برئيس تركيا رجب طيب أردوغان وآخرين.

يقول ترامب: "مضحكة تلك العلاقات التي لدي. كلما كانوا أكثر قسوة وخسة انسجمت معهم أكثر.... فسر ذلك لي يوماً ما". قد تكون الإجابة على ذلك واضحة لدى الرئيس.

ويطل السيناتور ليندزي غراهام مرات عديدة. حسبما يقوله وودوارد، فقد كان هذا الجمهوري من ساوث كارولاينا قناة اتصال بين بيل بار، المدعي العام، والبيت الأبيض. ولكن غراهام يظهر أيضاً في صورة الناقد الودود.

بعد مشاهدته لترامب وهو يلوح بنسخة من الكتاب المقدس أمام كنيسة القديس جون، على مقربة من البيت الأبيض، بعد فض الاحتجاجات السلمية بالغاز المسيل للدموع، قال غراهام إنه لم يساوره "من قبل مثل هذا القلق". ثم بين السيناتور عن ولاية ساوث كارولاينا أنه كان بإمكان ترامب الرد على الاضطرابات العنصرية التي فجرتها جريمة قتل جورج فلويد كما فعل جورج والاس أو كما فعل نيكسون أو كما فعل روبرت كينيدي. 

كان والاس حاكماً لولاية ألاباما، وكان يؤمن بالفصل (بين السود والبيض). وكان نيكسون يرى في نفسه مرشح القانون والنظام. أما كيندي فكان الشقيق الأصغر لرئيس مقتول، سعى للحفاظ على السلام بعد مقتل مارتن لوثر كينغ ثم ما لبث أن قتل هو نفسه.

اختار ترامب محاكاة نموذج والاس.

يرى غراهام أن الرئيس الذي يكون موجوداً على رأس عمله لا يملك ترف الوقوف متفرجاً على الأحداث. بحسب ما يرويه وودوارد فإن ترامب يظهر في صورة من يفضل نسبة الفضل لنفسه بينما يتخلى عن تحمل المسؤولية.

بينما كان فيروس كورونا يتفشى، عمد ترامب مراراً وتكراراً إلى إعلام حكام الولايات بأن عبء رعاية مرضاهم وأطبائهم وجماهيرهم يقع على كواهلهم هم أولاً. يؤكد وودوارد على تردد ترامب في الإلقاء بوزن الحكومة الفيدرالية خلف الحرب على كوفيد-19. بات ذلك أعظم مصد في العالم.

ووفقاً لما ذكره غراهام حرفياً فإن ترامب "يريد أن يكون رئيساً في زمن الحرب، ولكنه لا يريد أن يحمل على عاتقه أكثر مما ينبغي".

وفي نفس الوقت يكشف كتاب الغضب النقاب عن أن رغبة ترامب في حيازة الإشادة والتقدير لا حدود لها. بعد أن تبنى حظراً جزئياً على السفر إلى الصين ومنها، وهو الأمر الذي حثه عليه ما لا يقل عن خمسة من مستشاريه، أكد ترامب أنه كان وحده صاحب الخطة والوالد الذي أنجبها.

قال ترامب: "كان لدي 21 شخصاً في مكتبي. إلا أن شخصاً واحداً فقط هو الذي قال إنه يجب علينا إغلاقها. كان ذلك هو أنا".

يحار وودوارد في تعاون ترامب معه. فعلى النقيض من نيكسون عندما جاءه فروست ينشده، لم يُدفع للرئيس شيء حتى يشهد ضد نفسه.

يخرج كتاب الغضب بوجهة نظر حاسمة. يقول وودوارد إنه "يتوجب على الرئيس أن يكون على استعداد لإشراك شعبه في كل ملمة، وإطلاعهم على كل الأحداث السيئ منها والحسن". ولكن بدلاً من "قول الحقيقة"، كما يقول وودوارد في كتابه، فقد عمد ترامب إلى "اعتبار الدافع الشخصي مبدأ من مبادئ الحكم".

ويخلص إلى القول إننا عندما "نأخذ سلوك ترامب بمجمله" فسوف يثبت التاريخ أنه "لم يكن الرجل المناسب للمنصب".

ربما. بانتظار الثالث من نوفمبر.

1
التعليقات (1)
مصري
السبت، 12-09-2020 04:56 م
لو اختارته امريكا بعد ذلك ستكون فى قمة السفه ثم ان هذا ثمن دعمه للسيسي حينما هرب اليه السيسي في 20 سبتمبر و دعمه لابو منشار و مبز و غيرهم من القتلة السفاحين