هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يشهد الغرب الليبي حالة من الحراك ضد الحكومة، متمثلا في تظاهرات شعبية، كشفت عن صدام على المستوى السياسي، لا سيما بعد تصريحات لوزير الداخلية "الموقوف"، فتحي باشاغا، تؤيد الحراك، ما أعقبه اتخاذ رئيس المجلس الرئاسي للحكومة، فائز السراج، خطواته بحقه.
وظهر الصدام في غرب البلاد إلى العلن بعد تصريحات لـ"باشاغا"، قال فيها بأن هنالك "جهات مسؤولة في الدولة" تريد قمع التظاهرات بالقوة، وحملها مسؤولية إطلاق الرصاص على المتظاهرين، متوعدا بمواجهة تلك "الجهات".
وتسببت التصريحات بحالة غضب واسعة بدعوى أنها "تحرض على الفوضى"، وأصدر "السراج" قرارا بإيقاف باشاغا والتحقيق معه بشأنها، خاصة أن التظاهرات شهدت حالات عنف وفوضى ومحاولة لاقتحام مقر إقامة رئيس الحكومة.
ورافق الصدام العلني غير المسبوق بين السراج ووزير داخليته نعرات مناطقية، خاصة في مدينة "مصراتة"، مسقط رأس باشاغا، والتي خرجت فيها تظاهرات ضخمة ترفض قرار الإيقاف وتهدد بالتصعيد.
ويطرح هذا المشهد المتأزم العديد من التساؤلات في وقت حرج تمر به البلاد المنقسمة أصلا، لا سيما عن خلفياته ومآلاته.
استبعاد لـ"الرجل القوي"
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الليبي، موسى تيهو ساي، في حديث لـ"عربي21"، أن "ما يحدث هو صراع بين أعضاء المجلس الرئاسي، ورغبة بعضهم في استبعاد باشاغا خاصة المتورطين منهم في قضايا الفساد التي توعد الأخير بكشفها".
واستبعد "تيهو ساي" أن يكون رفض أوساط شعبية وأمنية لقرار الإيقاف مرتبطا بالمناطقية، "بل لأن الرجل معروف بقوته في مواجهة الفساد والميليشيات الخارجة عن القانون".
كما توقع أن يتم حل الإشكال قريبا، لكنه حذر من مغبة الفشل في رأب الصدع، إذ "سيكون خطأ استراتيجيا لمعسكر الوفاق وسيربك المشهد ويولد صراع أجنحة لن يستفيد منه إلا (اللواء المتقاعد خليفة) حفتر ومشروعه العسكري وداعموه، وكذلك مافيا الفساد"، بحسبه.
اقرأ أيضا: باشاغا يصل إلى ليبيا بعد "توقيفه".. وتغييرات بالمؤسسة العسكرية
شبهات الفساد
وبدوره، قال "محمود الوهج"، الناشط الحقوقي بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي)، إن "قرار الإيقاف كان خاطئا، وإجابة باشاغا عليه بالترحيب أحرج المجلس الرئاسي، وهذه الخطوات المتسارعة تؤكد وجود تخبط ولوبي فاسد داخل الرئاسي يريد إبعاد كل محارب للفساد ومحسوب على الثورة الليبية".
وأضاف "الوهج"، في حديث لـ"عربي21"، أن "العسكريين أو مدينة مصراتة أجمعوا على أن الأمر شأن سياسي وخلاف إداري.. أما حفتر فلن يستغل هذا الصدام لأنه متأكد من أن إقدامه على أي خطوة في الغرب ستعمل على توحيد الصفوف مرة أخرى، لذا لن يتحرك على أمل أن تحدث مشكلات أكبر".
"صراع بين حزبين"
لكن عضو المؤتمر الوطني العام السابق، عبد الرحمن الديباني، رأى أن ما يحدث في الغرب الليبي الآن هو بالدرجة الأولى من تجليات صراع بين حزبي "العدالة والبناء" (إسلامي) و"تحالف القوى الوطنية" (ليبرالي).
أما بخصوص باشاغا تحديدا، غير المحسوب على التيارين، فقد "أخطأ بالفعل عندما جعل جهده السياسي لقمة سائغة عند خصومه"، وفق تعبير "الديباني".
وتابع، في تصريحه لـ"عربي21"، أن "دولة مثل تركيا ستجد نفسها مرغمة على أن تتوقف الآن حتى تتضح الصورة في الداخل الليبي"، في إشارة إلى زوبعة تهم الفساد والمظاهرات والإطاحة بباشاغا.
وأضاف: "أما الحديث عن استغلال حفتر لهذا الصراع فهو أمر مستبعد كونه ليس مقصودا الآن بأي تغيير"، وفق تقديره.
كرموس: "شرط غير مقبول"
من جهته، أكد المحامي وعضو مجلس الدولة الليبي، عادل كرموس، أنه "من حق المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق كسلطة عليا أن تستوضح أي أمر من خلال ما تطلبه من تحقيق، ومن حق الوزير بعد امتثاله للتحقيق أن يطلب إجراء مساءلة علنية تتم فيها المكاشفة والشفافية، أما أن يطلب أن يكون التحقيق علنيا فهذا أمر غير مقبول".
وأضاف "كرموس" في تصريحات لـ"عربي21": "لا أعتقد أن وزير الداخلية باشاغا، بما له من ذكاء ووطنية وحرص على المصلحة العامة، سيرفض هذا الأمر من الرئاسي، كما أن قبول ذلك لا يعني أنه أخطأ أو قصر في إدارة الأزمة كون التحقيق هدفه إظهار الحقيقة وربما يكون منصفا للوزير نفسه وليس كما يعتقد البعض أن ذلك سيسبب شرخا في حكومة الوفاق"، حسب تصوره.
وبخصوص استغلال حفتر للوضع الراهن في الغرب الليبي، قال عضو مجلس الدولة: "الحقيقة بخصوص الجنرال المتقاعد لا أعتقد أننا سنسمع له همسا لا في الوقت الحاضر ولا مستقبلا".