هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف موقع "ميدل إيست
آي" البريطاني عن شركة بريطانية إعلامية غامضة تقوم بإسكات الناشطين السوريين
على "فيسبوك".
وقال معدا التقرير كريم شهيب
وروهان أدفاني، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن شركة غامضة ومجهولة
مقرها في بريطانيا تقوم بإسكات الناشطين السوريين بمحو لقطات الفيديو التي يصورونها عن
الاحتجاجات الأخيرة في سوريا من صفحات "فيسبوك". وقال ناشطون سوريون وصحفيون
ومواطنون إن لقطات الفيديو التي حملوها على منصات التواصل الاجتماعي عن التظاهرات
في جنوب- غرب سوريا تم حذفها؛ بحجة خرق حقوق النشر.
وقيل إن لقطات الهواة التي
التقطها ناشطون وصحفيون محليون إن حقوق النشر تعود إلى "يالا ميديا
نتوورك"، وهي شركة غامضة مسجلة في لندن.
وكانت تظاهرات السويداء في
حزيران/ يونيو لحظة نادرة في إظهار السخط ضد الحكومة، ولم تحظ بتغطية من الصحافة
السورية الرسمية. وبدلا من ذلك نظمت الحكومة تظاهرات مضادة لحرف النظر عن آثار
العقوبات الأمريكية التي فرضت في ذلك الوقت باسم "قانون قيصر". وجاء شك
الناشطين بمحاولات كبت الصور التي التقطها الناشطون كجزء من محاولات الحكومة
لإسكات أي صوت معارض لها.
يقول التقرير إن محاولات الحذف
والتحكم بمنصات التواصل الاجتماعي في سوريا ليست جديدة. فقد عبر الناشطون السوريون
ومنذ 2014 عن رعبهم من حذف "فيسبوك" لقطات فيديو يرون أنها أكبر دليل على
انتهاكات النظام السوري لحقوق الإنسان وجرائم الحرب.
وأعرب 35 ناشطا وصحفيا سوريا خلال الشهرين
الماضيين عن حنقهم من حذف "فيسبوك" لحساباتهم؛ لأنهم قاموا بتحويل محتوى
يخرق القواعد المتعلقة بنشر المواد ذات العلاقة بالإرهاب، أو أنها لم تف بمتطلبات المنصة. إلا أن الوضع الحالي
مختلف هذه المرة، حيث يقوم الناشطون الداعمون للنظام السوري باستخدام سياسات حقوق
النشر على "فيسبوك" كوسيلة لاستهداف الأصوات الناقدة والمستقلة، وفي قلب
الظاهرة الجديدة شركة "يالا ميديا نتوورك".
ودهش الناشطون والصحفيون في
الشهر الماضي عندما أخبرتهم شركة "فيسبوك" أن الصور التي حملوها عن
التظاهرات التي اندلعت في مناطق الحكومة تعود ملكيتها إلى شركة "يالا"
التي لم يسمع بها إلا القليل. وبسبب حقوق النشر، فقد تم حذف ما حمل، أو منع تداوله، أو لم
يسمح بتحميله.
وتصف "يالا" نفسها
في صفحتها على "فيسبوك" بأنها "شركة تعنى بالإنتاج التلفزيوني
والموسيقي عبر منصات تابعة لها أو عبر شركاء متعاونين معها". ورغم أن لها
30.000 تابعا، إلا أن تفاعلها ضئيل، ولا يتجاوز منشورين بما فيها ترويج لحلقات مسلسل
رمضاني. أما المعلومات المالية وتلك المتعلقة بشركتها الشقيقة "يالا
غروب"، فلا تتعدى نصوصا وهمية وصورا مخزنة ورطانة تسويقية غير واضحة.
ورغم أنها تقدم نفسها كمنصة
إعلامية عربية مستقلة، إلا أن ولاءها السياسي يميل مع الحكومة السورية. ولديها
محتوى مكون من اسكتشات مسرحية وأغان مزعجة لفنانين ومخرجين سوريين، ومنها اسكتشات
تعود للفنان بشار إسماعيل الذي عبر عن دعمه علانية للرئيس بشار الأسد وانتقد بشدة
المعارضة.
ويظهر عنوان شركة "يالا"
على صفحتها في "فيسبوك" بأنه "بريتش مونومارك" في وسط لندن.
وقدمت الشركة عنوانا بريديا يقود إلى شارع راق في لندن. وتستخدم الشركة الشقيقة
"يالا غروب" المسجلة في بريطانيا نفس العنوان في وسط لندن. والشخص الوحيد الذي سجل كموظف في مجموعة "يالا
غروب" هو أحمد مؤمنة، وتم تعريفه
بالمهندس الفلسطيني المقيم في الإمارات، وولد عام 1988، وتم تسجيله مرتين كمدير
وسكرتير.
ويدير مؤمنة حسابين آخرين
على "فيسبوك"، وكلاهما يشير إلى أنه مقيم في دمشق. ويحمل أحد الحسابين
شعار "يالا غروب"، ولم يشترك إلا في عدد من المنشورات العامة، ولديه صور
عامة منها صور للأسد في الزي العسكري. أما البروفايل الثاني، فليس ناشطا ويصف نفسه
بأنه "مدير يالا غروب" وأن أصله من حلب. ولم يكن "ميدل إيست
آي" قادرا على التحقق من هويته، وإن كان من أصل فلسطيني أم لا. ولا يوجد ما
يشير إلى أنه موظف في الإمارات العربية المتحدة أو أنه مهندس.
ويصف مؤمنة نفسه بأنه متخصص
بالدعاية الإعلامية والتسويق الرقمي. وتشير الصفحة على "فيسبوك" إلى أنه
مدير لمنظمة إعلامية أخرى هي "مومينتو ميديا نتوورك" ومقرها أوبسالا،
السويد. وعلى خلاف "يالا غروب" فله صورة في مكتبة ولوحة مكتوب عليها اسمه
ويظهر فيها شعار "مومينتو".
ومع أن الموقع ليس متاحا، إلا أن الصفحات
المتاحة حتى تشرين الثاني/ نوفمبر من خلال "ويباك ماشين" تكشف أن الشركة
عملت على زيادة عائدات الإعلان من خلال الخدمات الإعلامية. ولديها عنوان في
ماليزيا يشبه شركة مقرها في ماليزيا وهي "أرابيك ويب أس دي أن بي أتش دي"
برقم هاتف تركي. وعندما يتم الاتصال بالرقم التركي رد عامل في الخدمة، وأجاب عندما سئل
إن كان يعمل في "مومينتو" بأنه يعمل في "يالا غروب"، وأن "مومينتو"
لديها إدارة مختلفة.
وبحسب صفحة "مومينتو"
على "فيسبوك"، فقد أنشئت عام 2016، ولا تحتوي إلا على لقطات فيديو أصيلة
ومعظمها لقطات عشوائية مأخوذة من "يالا ميديا نتوورك".
ورفضت الشركة الاتهامات بعد
الاتصال بهاتفها الأرضي في لندن. ورد شخص اسمه باسل قال إنه المدير التنفيذي. وقال
باسل -الذي لم يذكر اسمه الكامل- إن الشركة تقوم بإدارة العملاء وتنتج موادها الخاصة
للمشاهد المتحدث بالعربية عبر العالم. وأضاف أن لديهم فرعا في ماليزيا والإمارات
العربية المتحدة. وعندما سئل عن لقطات السويداء أبعد باسل المسؤولية عن "يالا"، قائلا إن من زعم ملكيتها قد تكون واحدة من الشركات الشقيقة لها وليس الشركة نفسها.
وبحسب باسل فلدى الشركة 1.000 لقطة فيديو تحمل يوميا على منصتها. وزعم أن المنصة
تعمل كسمسار للعملاء. وقال إن الشركة والحالة هذه لا يمكنها تحديد من زعم ملكية
اللقطة بالإنابة عن "يالا". وعند فحص مزاعم باسل عن لقطات الفيديو تبدو
غير صحيحة، فقنوات اليوتيوب لا يوجد فيها سوى 100 فيديو وكلها اسكتشات ولقطات
موسيقية ولا علاقة لها بالسياسة.
ورد الناشطون والصحفيون
بطريقة مختلفة، فعندما أخبروا بخرق قواعد النسر قاموا بالاستئناف على القرار، كما
قالت ريان معروف، رئيسة تحرير منصة "سويدا24" للصحفيين المحليين. وقالت:
"حدث لنا أربع أو خمس مرات خلال الاحتجاجات، وكل مرة اتبعنا نفس
الخطوات". وبحسب "فيسبوك"، فإن المحتويات التي تم حذفها لأنها خرقت
قواعد حق النشر تم حذفها دون إشعار. لكن ليس كل مستخدمي المنصة على علم بحقوق
النشر أو الاستئناف.
يقول أسامة جاروسي، الباحث السوري في قضايا
الأمن الإلكتروني: "الكثيرون لا يعرفون أن لديهم فرصة للجدال، ولديهم فترة قصيرة
لعمل هذا ولا يعرفون بالأمر"، وأضاف أن "هناك أشرطة فيديو عن التظاهرات
تم حذفها"، مضيفا أن حذف الفيديوهات قام في الماضي "على أساس أنها احتوت
على مشاهد عنف".
وقال ممثل لـ"فيسبوك"
إن الشركة ستتابع الشكاوى.
وتعتبر التظاهرات في سوريا قضية حساسة، فالاحتجاجات
السلمية عام 2011 تم قمعها بقوة، وقادت إلى حرب أهلية. ومنذ ذلك الوقت أصبحت
التظاهرات نادرة. وجاءت التظاهرات الشهر الماضي في مناطق الدروز الموالية للنظام
على خلفية تردي الأوضاع الاقتصادية، حيث حاولت الحكومة حرف النظر عنها وترضية
السكان هناك.
ويقول سهيل الغازي، الزميل
غير المقيم بمعهد التحرير بواشنطن: "طالما حاول النظام السوري تشويه
المتظاهرين في المناطق ذات الغالبية السنية، لكنه لم يستطع عمل هذا في
السويداء"، و"يحاول النظام إقناع المواطنين بأن الوضع مستقر ولكنه صعب
وعليهم التكيف معه".
ويخشى الجاروسي من عهد جديد من الرقابة، مضيفا: "مزاعم حقوق النشر هي طريقة جديدة لقمع حرية التعبير وكبت نشر وانتشار أفلام
فيديو للمعارضة".