هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحيي تركيا وجمهورية قبرص الشمالية، التي تعترف بها أنقرة، الاثنين، الذكرى السنوية الـ46 لما تطلقان عليه اسم "عملية السلام"، في إشارة إلى التحرك العسكري الذي رسخ انقسام الجزيرة المتوسطية.
وتستعرض "عربي21" تاليا أبرز محطات الأزمة، التي لا تزال تلقي بظلال "حرب" ثقيلة على عموم منطقة شرق المتوسط، وخاصة بين تركيا واليونان، وباتت تتداخل معها العديد من الملفات الشائكة الأخرى، وأبرزها ترسيم الحدود البحرية واستغلال موارد الطاقة، فضلا عن تقاطعاتها مع أزمة ليبيا وسعي روسيا لتعزيز وجودها في المنطقة.
انقسام وانقلاب
أعقب الحكم العثماني للجزيرة، الذي انتهى عام 1878، استعمار بريطاني، انتهى هو الآخر عام 1960، لكنه ترك وراءه انقساما حادا بين المكونين الرئيسيين فيها، الأتراك واليونانيين، بلغ ذروته بانقلاب عسكري منتصف تموز/ يوليو من عام 1974.
وقاد الانقلاب ضباط يونانيون مع الحرس الوطني القبرصي، بالاشتراك مع "أيوكا- بي"، وهي منظمة يونانية قومية يمينية شبه عسكرية أسسها الجنرال "جورجيوس جريفاس"، وتهدف إلى تحقيق "الإينوسيس"، وهي كلمة ترمز إلى توحيد الأراضي التي ينتشر فيها اليونانيون مع أثينا (أعلنت حل نفسها عام 1978).
انتهاكات.. و"عطلة عائشة"
وصاحب تلك الاضطرابات انتهاكات بحق الأتراك، قتل فيها العشرات من المدنيين، وهو ما تقر به مصادر غربية بما فيها الواردة بمكتبة الكونغرس الأمريكي، واطلعت عليها "عربي21".
واتهم الأتراك المجتمع الدولي بالاكتفاء بالمراقبة، ولا سيما اليونان وبريطانيا التي تحتفظ بحاميتين عسكريتين في الجزيرة.
وفي 20 تموز/ يوليو 1974، أطلقت تركيا "عملية السلام"، وسيطرت في مرحلتها الأولى على ثلاثة بالمئة من أراضي الجزيرة، قبل الإعلان عن وقف لإطلاق النار.
ولم تفلح محاولة أخيرة لنزع فتيل الأزمة قبل اتساعها، خلال محادثات في آب/ أغسطس من ذلك العام، ليطلق وزير الخارجية التركي آنذاك، توران غونيش، لرئيس الوزراء، بولنت أجاويد، كلمة سر شن العملية الكبرى: "لتذهب عائشة إلى عطلتها".
اقرأ أيضا: تسلسل زمني للصراع "المتجدد" بين أذربيجان وأرمينيا (إنفوغراف)
— T.C. Millî Savunma Bakanlığı (@tcsavunma) July 16, 2020
وبحلول 16 آب/ أغسطس 1974، تاريخ وقف إطلاق النار، بات الأتراك يسيطرون على نحو 37 بالمئة من مساحة الجزيرة، ورسمت بناء على ذلك حدود "الخط الأخضر" الأممي الفاصل بين شطري الجزيرة.
وأسفرت المواجهات عن مقتل وإصابة الآلاف، فضلا عن تهجير عشرات الآلاف من المسلمين والأتراك من الجنوب إلى الشمال، ومن اليونانيين بالاتجاه المعاكس. وتتهم العديد من المنظمات الدولية، بما فيها الاتحاد الأوروبي، طرفي النزاع بأنهما ارتكبا جرائم ضد الإنسانية.
إعلان "الجمهورية"
في 1 تشرين الأول/ أكتوبر 1974، أعلنت أنقرة وزعماء القبارصة الأتراك عن إنشاء "الإدارة القبرصية التركية الذاتية" في الشطر الشمالي للجزيرة، ثم أعلن بعدها بعام عن كونها "فدرالية" في إطار قبرص.
لكن أيا من جهود التوصل إلى اتفاق يعيد توحيد الجزيرة لم تنجح، وسط مطالبة القبارصة الأتراك بضمانات لدور في الحكم، رغم كونهم أقل عددا، وذلك لحمايتهم من أجندات القوميين اليونانيين، فيما يرفض الشطر الجنوبي تدخلات أنقرة، ولا سيما بقاء جنودها على أراضي الجزيرة.
وفي 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1983، أعلن القبارصة الأتراك أخيرا انفصالهم التام، وتشكيلهم جمهورية شمال قبرص التركية، التي لم تعترف بها أي دولة إلى اليوم باستثناء الشقيقة تركيا.
"عيد السلام والحرية"
وفي مثل هذا اليوم من كل عام يحتفل الأتراك في تركيا وقبرص بما يطلقون عليه "عيد السلام والحرية"، وسط تأكيد مستمر بالرغبة بالتوصل إلى اتفاق، وتجدد للمحاولات الدولية والأممية دون نتائج تذكر.
وتأتي الذكرى هذا العام في وقت انحدرت فيه العلاقات بين أنقرة وأثينا إلى درجة إطلاق تهديدات متبادلة بالحرب، وسط صراع حاد على موارد المتوسط ومياهه.
وفي تصريح بالذكرى السنوية للعملية العسكرية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه لا يمكن التوصل إلى حل عادل ودائم إلا بقبول حق القبارصة الأتراك في المساواة.
وأكد أردوغان أن تركيا ما زالت "تقف بصمود إلى جانب كفاح القبارصة الأتراك، كما وقفت قبل 46 عاما"، مشددا على أن أنقرة هي الدولة الضامنة لأمن واستقرار ورخاء جمهورية شمال قبرص التركية، ومتهما الشطر الجنوبي بوضع العراقيل أمام محاولات حل الخلافات.