هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة الغارديان
البريطانية، إن العالم "فقد شهيته"، لملاحقة مجرمي الحرب، ولمنع القتل
الجماعي في اليمن وسوريا، محط اهتمام الأخبار.
ولفتت الصحيفة إلى
الذكرى الخامسة والعشرين، لمذبحة سربرنيتشا، والتي حوكم بسببها راتكو ميلاديتش،
بصفته المسؤول عن المذبحة، لكن الجرائم ضد الإنسانية الأخرى في العالم، لم تحظ
باهتمام.
وقالت إن
ميلاديتش الذي أدين بالمسؤولية عن قتل 8.000 رجل وطفل في سربرينتشا سيقضي الذكرى
الخامسة والعشرين للمجزرة في زنزانته بهيغ حيث يقيم منذ تسعة أعوام. ولكن عندما
قامت الصين بسجن مليون مسلم من الإيغور وأجبرت النساء المسلمات على تناول حبوب منع
الحمل أو الإجهاض لم يتحرك أحد. وعندما يتعلق الأمر بجرائم الحرب أو الجرائم ضد
الإنسانية فهناك لميلاديتش رفاق كثر.
وأشارت إلى أن ما يجعل حالته مهمة
واستثنائية هي أنه لوحق واعتقل وقدم للعدالة. وقبل ثلاثة أعوام أدين ميلاديتش
بارتكاب الإبادة في سربرينتشا والتي قتل فيها الأطفال والرجال في منطقة اعتبرت من
مناطق الأمم المتحدة الآمنة، حيث أعدموا رميا بالرصاص في مواقع متفرقة من شمال شرق
البوسنة.
وأدانته محاكم الحرب
الدولية ليوغوسلافيا السابق بخمس جرائم ضد الإنسانية وأربع جرائم تطهير عرقي وقصف
العاصمة سراييفو واختطاف قوات حفظ السلام. وتسابق دائرة الإستئنافات في المحكمة
الوقت مع المدان البالغ من العمر 77 عاما والمعتل صحيا لكي تنتهي من الإجراءات قبل
موته. وتمت إدانة تسعة من الضباط والمسؤولين من صرب البوسنة، ومنهم الزعيم
الإنفصالي الصربي البوسنوي رادوفان كاراديتش.
وأصدرت المحكمة
الدولية لجرائم الحرب أحكاما عليهم تصل مدتها إلى 90 عاما. أما المحكمة الأخرى
المخصصة لرواندا فقد أدانت 93 شخصا مسؤولا عن مذابح عام 1994. وكانت محكمة جرائم
الحرب لكل من يوغوسلافيا السابقة ورواندا أول محكمتين تعقدان منذ محاكم نورمبرغ
وطوكيو. وعكستا إرادة المجتمع الدولي عقب نهاية الحرب الباردة، من أجل وقف المذابح
الجماعية.
وقالت الصحيفة إن "قسم "لن
يحدث أبدا" الذي ردد بعد الهولوكوست عاد وتم تداوله بكثرة. وأنشأت الأمم المتحدة
محاكم خاصة أخرى لمحاكمة الجناة في جرائم حرب جماعية في كل من سيراليون وتيمور
الشرقية وكذا كمبوديا وتحقيق عدالة متأخرة من الجرائم التي ارتكبها الخمير الحمر.
وأنشأ الإتحاد
الأوروبي محكمة منفصلة لكوسوفو والتي أصدرت الشهر الماضي لائحة اتهامات ضد الرئيس
هاشم تاجي وغيره بجرائم ارتكبوها عندما قاد جيش تحرير كوسوفو. وستصدر قريبا
المحكمة الخاصة التي أنشئت في هيغ للتحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني
رفيق الحريري بانفجار أدى لمقتل 21 شخصا آخر عام 2005، حكما بالجريمة.
وفي عام 2002 بدأت
محكمة دائمة في الجرائم بالعمل من مقر محكمة الجنايات الدولية في هيغ. ويقول ديفيد
شيفر، السفير الأمريكي لجرائم الحرب من 1997- 2001 "كانت سنوات مثيرة، وهي
سنوات أطلق عليها سنوات الكد للمحاكم الجنائية" مشيرا إلى أنه"لم يكن
لدينا أمثلة سوى نيورنبرغ وطوكيو، وقمنا بتقليدهما في التسعينات وظللنا نقوم
بتعديلهما".
اقرأ أيضا: كاتب إسرائيلي: هذا السبب الحقيقي لتأخير نتنياهو لـ"الضم"
وأنشأت الأمم المتحدة
سلسلة من المحاكم لمعاقبة مجرمي الحرب، ولكنها قامت أيضا بجهود لمنع وقوع الإبادة
من خلال مفهوم "مسؤولية الحماية" الذي تم تطويره أعقاب مذابح رواندا
والبوسنة وتم تبنيه عام 2005. وأكد هذا المفهوم على ضرورة التدخل الإنساني الدولي
حالة فشل الدولة بحماية مواطنيها.
وأشارت الصحيفة إلى أن المفهوم استخدم في قرار
مجلس الأمن عام 2011 للتدخل وحماية سكان بنغازي في ليبيا، من قوات معمر القذافي.
ولكن مبدأ "مسؤولية الحماية"، انتهك عندما قررت فرنسا وبريطانيا
والولايات المتحدة التحرك وتغيير النظام في ليبيا فيما اعتبرت روسيا التي امتنعت
عن التصويت أنها خدعت وأقسمت أنها لن تقع فريسة خداع أخرى.
وأشارت الصحيفة إلى أن
مقتل القذافي، كان نهاية التدخل الأجنبي. فقد عاد فلاديمير بوتين للرئاسة بعد عام
من التدخل الغربي في ليبيا وقاد بلاده نحو خط صدامي مع الغرب. وتحول الربيع العربي
لربيع دموي في سوريا وأصبحت الصين تحت حكم شي جين بنغ أكثر حزما على الساحة
الدولية وتم انتخاب دونالد ترامب الذي ينظر باحتقار للمؤسسات الدولية. وكان هذا
مناخ غير مرحب بـ "مسؤولية الحماية" في كل من اليمن وسوريا وميانمار.
وقالت جيلاستش
"أصبح الجميع مترددون بعدما حدث في ليبيا" و "ستظل لطخة في ضميرنا
أننا سمحنا بما حدث في سوريا. أصبحت المذابح وقتل الناس أمرا عاديا في السنوات
العشر الماضية".
وتعرضت محكمة الجنايات
الدولية التي ظلت سلطاتها محدودة، لهجوم جديد من إدارة ترامب، التي هددت بفرض
العقوبات على مسؤوليها وعائلاتهم حالة حققوا في قضايا تتعلق بالولايات المتحدة
وحلفائها، ارتكبت في أفغانستان أو إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة.
وقال السفير السابق
شيفر "يعتبر هذا هزيمة للذات، وقوضت من مصداقيتنا لتحقيق العدالة وحكم
القانون ومنع الجرائم في الخارج"، فعبارة لن يحدث أبدا بدت فارغة كما تقول
إيفا فوكاشتش المؤرخة بجامعة اوتريخت "وبخاصة في سوريا حيث تبدو لي أنها
فارغة وأفرغت من معناها".
ولكن جيلاستش ترى أن
محاكم رواندا ويوغوسلافيا الماضية، تعطي صورة أن هناك أملا. ذلك أن الباحثين
والناشطين يطالبون بالمحاسبة، وبهذا المعنى فلا عودة للوراء. وكان هجوم ترامب على
الجنائية الدولية مدعاة للنقد ومن حلفاء الولايات المتحدة الذين سارعوا للدفاع
عنها. وهناك مدع عام جديد يقوم بمراجعة عملياتها لجعلها فاعلة أكثر.
وفي غياب المحكمة
الخاصة بسوريا تقوم المحاكم في ألمانيا واسكندنافيا وهولندا بمحاكمة المتورطين من
نظام الأسد ضمن مبدأ الصلاحية العامة. ففي نيسان/إبريل بدأت محكمة في بلدة كوبلينز
بمحاكمة مسؤولين سابقين في نظام الأسد انشقا وهربا إلى ألمانيا. وهي جزء من الكثير
وربما مئات الحالات تحت النظر. وقالت الصحيفة إن المركز الدولي للعدالة في جنيف،
جمع أدلة تدعم المحاكمات.