ملفات وتقارير

لماذا ترفض المزيد من الدول معاهدة الاتحاد الأوروبي والميركوسور؟

 وقعت 340 منظمة على عريضة تطالب فيها الاتحاد الأوروبي بتجميد الاتفاقية لمواجهة السياسة البرازيلية تجاه البيئة والسكان الأصليين- جيتي
وقعت 340 منظمة على عريضة تطالب فيها الاتحاد الأوروبي بتجميد الاتفاقية لمواجهة السياسة البرازيلية تجاه البيئة والسكان الأصليين- جيتي

نشرت صحيفة "إل سالتو دياريو" الإسبانية تقريرا سلطت فيه الضوء على اتفاقية تحرير التجارة بين الاتحاد الأوروبي وتكتل دول أمريكا الجنوبية التجاري المعروف باسم "ميركوسور"، التي تضاعفت الشكوك بشأنها في أعقاب استعداد ألمانيا لرئاسة الاتحاد الأوروبي.


وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الاتحاد الأوروبي وتكتل دول أمريكا الجنوبية التجاري المعروف باسم "ميركوسور" (البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي) أعلن في حزيران/ يونيو 2019 عن التوصل إلى اتفاق تجاري بين الكتلتين، الذي بدأت المفاوضات بشأنه منذ سنة 1999 وتخللتها فترات مختلفة من التقدم والركود.


وأوردت الصحيفة أن تكتل الميركوسور علّق عضوية فنزويلا، وقد تزامن ذلك مع وصول حكومات نيوليبرالية إلى الأرجنتين بقيادة ماوريسيو ماكري، والبرازيل بقيادة جايير بولسونارو، التي ساعدت في التوصل إلى اتفاق سياسي في وقت قياسي فيما يعتبر "أكبر اتفاق تجاري حققه الاتحاد الأوروبي" من حيث حجم التجارة والسكان المنتفعين، وذلك على حد تعبير الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.


وأشارت الصحيفة إلى أن عملية الإعلان عن الاتفاق إلى حين التصديق عليه ودخوله حيز التنفيذ كانت طويلة ومعقدة إلى حد ما، حيث تشوبها انتقادات من الحكومات والمؤسسات والأطراف السياسيين الفاعلين في أوروبا وأمريكا اللاتينية. ورغم الجدل الذي أثارته بين العديد من القادة الأوروبيين - حيث كان بيدرو سانشيز متحمسًا بشكل خاص لذلك - لم ينته الاتفاق بنسبة 100 بالمئة. تجري حاليا عملية مراجعة فنية وقانونية، بينما تستمر المفاوضات لإحداث العديد من التعديلات على نص الاتفاق، والتي غالبا ما يشوبها غموض مطلق. لهذا السبب، لا تزال آخر التنقيحات التي طرأت على الاتفاق غير واضحة.


وأوضحت الصحيفة أن تسريع عملية المصادقة على الاتفاقية التجارية مع تكتل الميركوسور يمثل أولوية للرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي خلال النصف الثاني من سنة 2020، وذلك استجابة لمصلحة العاملين في صناعة السيارات والصناعات الكيميائية الألمانية. لكن دولا مثل فرنسا وأيرلندا أعربت عن شكوك جدية بشأن المعاهدة نظرا لتأثيراتها المحتملة على قطاع الزراعة وأزمة المناخ وإزالة الغابات العشوائية، خاصة بعد الحرائق الشديدة في الأمازون في أغسطس/ آب 2019.


في الثاني من حزيران/ يونيو، وافق البرلمان الهولندي على قرار يحث حكومة مارك روته على إبلاغ المفوضية الأوروبية بأن حكومتها تسحب دعمها للاتفاق التجاري. كما وافق البرلمان النمساوي من جانبه في تشرين الأول/ سبتمبر 2019 على نقض محتوى الاتفاق الحالي، وقد تكرر الأمر ذاته في شباط/ فبراير من هذه السنة من قبل برلمان منطقة والونيا البلجيكية، الأمر الذي يمنع التصويت الإيجابي لبلجيكا في مجلس الاتحاد الأوروبي.


وأفادت الصحيفة بأنه بالنسبة للرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز، فإن بلاده يمكن أن تنسحب من الاتفاقيات التي يتفاوض عليها تكتل الميركوسور، على الرغم من أنها لا تزال من حيث المبدأ ضمن الاتفاقية. وقد صرح وزير الشؤون الخارجية الأرجنتيني، فيليب سولا، بأن اتفاقية الميركوسور التجارية مع الاتحاد الأوروبي تعتبر "خطأ" و"ينبغي أن نرى ما إذا كان البرلمان سيوافق عليها". وتجدر الإشارة إلى أن الأدلة التي تثبت أن حكومة بولسونارو عازمة على مزيد إزالة الغابات العشوائية وشن الهجمات على السكان الأصليين في البرازيل لا تساعد أيضًا على خلق مناخ مناسب للمصادقة على هذه الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي.


الاعتراض على المعاهدة من قبل المؤسسات الأوروبية
أوضحت الصحيفة أن لجنة الزراعة في البرلمان الأوروبي أصدرت مؤخرًا قرارًا يدعو إلى تشريع ملزم ضد إزالة الغابات وإعادة التفاوض على اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي وتكتل الميركوسور. وقد أفاد تقرير حديث بتكليف من لجنة البيئة بالبرلمان الأوروبي بشأن إزالة الغابات وفقدان التنوع البيولوجي في منطقة الأمازون البرازيلية وعلاقتها بسياسات الاتحاد الأوروبي، بأن معدل إزالة الغابات والانتهاكات المرتكبة في حق السكان الأصليين يضاعف الشك بشأن إمكانية التزام البرازيل بالمعاهدات الدولية مثل معاهدة باريس.


كما تشير لجنة الزراعة إلى أن المعاهدة لا تتضمن أحكاما تسمح بالحماية الفعالة للنظم البيئية أو المناخ أو حقوق الإنسان، وإنما تقتصر على انتهاكات البنود التجارية وليس على تلك الواردة في فصل التنمية المستدامة.


وأوردت الصحيفة أنه ينضاف إلى ذلك المعارضة الكبيرة للمجتمع المدني من كلا الجانبين بسبب آثارها السلبية على الزراعة الأسرية والثروة الحيوانية في كلتا المنطقتين، حيث تكافح الطبقة العاملة الصناعية والسكان الأصليون خاصة في دول الميركوسور من أجل الحق في الصحة ومجابهة أزمة المناخ. ومن شأن جائحة كوفيد-19 أن تعزز هذه المقاومة بالنظر إلى أنها تزيد من خطر توسع الزراعة الموجهة نحو التصدير على حساب تدمير النظم البيئية والتنوع البيولوجي.


وفي الختام، أكدت الصحيفة أنه قبل سنة واحدة، وقعت 340 منظمة على عريضة تطالب فيها الاتحاد الأوروبي بتجميد الاتفاقية في مواجهة سياسة الإبادة البيئية والسياسة المناهضة للسكان الأصليين المتبعة من قبل الحكومة البرازيلية. ومن المتوقع أن تكثف التعبئة في السنوات القادمة في كل من دول الاتحاد الأوروبي ودول الميركوسور.

0
التعليقات (0)