NYT: هل على الأهل عرض حياة أطفالهم على السوشيال ميديا؟

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن فكرة عرض الأهل حياة أطفالهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت: "قبل فترة وجيزة، حدثت فضيحة على الإنترنت، قد تبدو كأنها حدثت قبل سنوات، خاصة مع سرعة الأحداث الحالية. وفي خضم التركيز الحالي على البؤس والكميات الهائلة من المعلومات، لم أتمكن من التوقف عن التفكير في حالة مايكا ستافر الغريبة والحزينة".

وأضافت في تقرير للصحفية جنيفر وينر ترجمته "عربي21": "بالنسبة للأشخاص الذين لا يعرفونها، فهي من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، أم تعيش في الغرب الأوسط تنشر يومياتها عن التنظيم، واللياقة البدنية، وتزيين المنزل، والاعتناء بأطفالها. بلغ  عدد متابعيها أكثر من 715 ألفا على اليوتيوب، وأكثر من 200 ألف على إنستغرام".

هؤلاء المتابعون أتوا لمشاهدة السيدة ستافر وزوجها جيمس وهما يسجلان حياتهما الجديدة مع ابنهما بالتبني هكسلي.

بدأت عائلة ستافر النشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن رغبتهم وسعيهم لتبني طفل من الصين في رحلة " التبني العاطفي" عام 2016.

أحضروا الطفل البالغ من العمر عامين ونصف في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2017، وبدأوا نشر مقاطع فيديو عن حياتهم مع طفلهم الجديد، وتحديات تربية الأطفال المصابين بالتوحد واضطراب المعالجة الحسية.

هذه الرحلة العاطفية كانت مربحة أيضا: من عام 2017 إلى 2018، تضاعف جمهور قناة اليوتيوب، وتمكنت مايكا من تحويل هذه الأرقام إلى صفقات تجارية رابحة مع علامات تجارية مثل دريفت، وجلوسير، وإلى عطلات فاخرة، وسيارات فاخرة، ومنزل جديد مساحته 5700 قدم مربع.

ولكن بحلول عام 2020، لاحظ المشاهدون اختفاء هكسلي من مقاطع الفيديو العائلية. في أواخر الشهر الماضي، نشرت مايكا وزوجها مقطع فيديو أوضحا فيه والدموع تغمرهم أنهما لم يكونا مستعدين للتعامل مع التحديات التي صاحبت هكسلي. كانت هناك تلميحات غامضة لسلامة أطفالهم الآخرين. لكن اعترافهم بأنهم وجدوا منزلا جديدا لهكسلي مع عائلة جديدة أثار غضبا واسعا.

وأثارت الفضيحة نقاشات حول التبني الدولي، وحول ما إذا كان المنزل الثاني يمكن أن يكون حقا في مصلحة الطفل المتبنى، وحول العنصرية والمخلص الأبيض، وجميع تلك الأمور كانت صحيحة ومهمة. ولكن ما علق في الذهن هي مسألة ما إذا كان أطفال أي شخص، سواء من المؤثرين أم غيرهم، ينتمون إلى خلاصة تجربة أحد الوالدين على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقالت الصحيفة: "تصفح أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي وستجد أن الأطفال عنصر أساسي منه. أطفال يحتجون على موقع "بنترست"، أطفال يتظاهرون على موقع "إنستغرام"، أطفال يحتفلون بتخرجهم على موقع "فيسبوك". أطفال على الأرجح لم يمنحوا إذنا لي ولكم لرؤيتهم، أو قبلوا ببساطة عرض حياتهم كجزء من الحياة الحديثة التي نعيشها".

في كل مرة ننشر فيها صورة، أو نروي قصة، نصنع أسطورة عن حياتنا. تصبح صور أطفالنا جزءا من تلك الأساطير. تضيف وينر.

وتحكي صور الأطفال على الشاطئ أو أي مكان جميل قصة عن الرخاء والسعادة والراحة التي تعيشها العائلة. كما أن صور الأطفال وهم بأبهى حللهم تقول إنها أم جيدة.

لكن بالنسبة للأشخاص العاديين، الذين لا يديرون قنوات يوتيوب، ولا يحققون الدخل أو ينشرون مقاطع فيديو "عاطفية" عن "رحلات الأمومة"، ولا يتشاركون الربح مع العلامات التجارية جراء بيع السلع أو الخدمات، نحن نبيع أنفسنا.

وأوضحت وينر أن الأمر معقد، خاصة إذا كان لديك هذا النوع من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.

تقول وينر: "عندما أنجبت ابنتي الكبرى قمت بنشر صور لها، وكتبت عن الأمومة الجديدة، ووجدت دعما من أمهات جدد مثلي. ولكن وبعد أن كبرت ابنتي، أصبح من الصعب مشاركة ذلك، وذلك ببساطة لأن ابنتي لم توافق على الظهور على مدونتي. وتساءلت كيف سيكون شعورها بعد أن تصبح شابة وتبحث في غوغل لتكتشف أن تفاصيل حياتها كلها موجودة على صفحات الإنترنت؟ بعدها لسنوات، لم أنشر صورا لبناتي، ونادرا ما كنت أذكر أسماءهن".

سوزان سونتاغ كتبت في كتابها الذي صدر عام 1977 عن التصوير الفوتوغرافي: "تصوير الناس هو انتهاك لخصوصياتهم، عبر رؤيتهم بطريقة لا يسعهم رؤية أنفسهم فيها، ومعرفتهم بطريقة لا يعرفونها عن أنفسهم، وتحويل الناس لأشياء يمكن عرضها. إن الكاميرا هي سلاح لطيف، إن تصوير شخص ما هو جريمة قتل من النوع اللطيف".

وماتت سونتاغ في العام الذي بدأ فيه ظهور "فيسبوك"، قبل أن يصبح المؤثرون شيئا.

الطريقة التي حولت بها مايكا وجيمس هكسلي إلى شخصية في برنامج عرض لم يتطوع رغبة منه بالظهور فيه، هي نسخة متطرفة مما يفعله جميع الآباء الجدد عندما يبدأون بعرض صور أطفالهم الجدد.

وختمت وينر تقريرها بالقول: "نحن نعيش بلا شك في عصر يغلب عليه الحزن والخوف، ويمكن لصور الأطفال على وسائل التواصل الاجتماعي أن تبعث لنا الأمل في المستقبل. ولكن اعتياد العديد على نشر واستهلاك ومشاركة تلك الصور باستمرار، بلا نهاية ودون أدنى تفكير جعلني أعتقد أنه حان الوقت أن نفكر في الأمر أكثر وبشكل جدي".