هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة
"واشنطن بوست" إن جاذبية تنظيم الدولة لدى الأوروبيين الذين عادوا من
سوريا قد خفتت، وأفكارهم عن القتال تتغير باتجاه الانخراط في الحياة مجددا.
وأوضحت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21" أن الجهادي السابق المعروف بأبي عائشة، أظهر
إشارات عن عودة إلى الحياة الطبيعية منذ إطلاق سراحه من السجن. وكان الجهادي
البلجيكي السابق البالغ من عمر 27 عاما قد سافر إلى سوريا عام 2013 ويقول اليوم
إنه يرفض تنظيم الدولة ويفضل الدراسة على القتال.
ولفتت إلى أنه
"قدم النصيحة لبقية الشباب الراغبين بالتعرف على الجماعة بالابتعاد عنها.
وقال: "لقد شاهدت بأم عيني ما فعله تنظيم الدولة". ووصف الشاب المولود في
مدينة بروكسل، الفترة التي قضاها في ظل منطقة بشمال سوريا كانت خاضعة لتنظيم
الدولة.
وقالت الصحيفة إنه وافق
على الحديث معها، بشرط عدم الكشف عن اسمه الحقيقي خشية أن يتعرض للانتقام من أتباع
التنظيم. وقال إن معظم العائدين من سوريا إلى بلجيكا عبروا عن رغبة بنسيان التنظيم
وأنهم لا يريدون أي علاقة معه.
وأشارت إلى أن أغلب من
التقتهم من المقاتلين السابقين، تحدثوا بالأمر ذاته، "ما يعطي نفحة من
التفاؤل للقارة التي شهدت سفر آلاف من مواطنيها إلى الشرق الأوسط، للانضمام إلى
التنظيم".
وقالت الصحيفة إنه حتى
قبل عامين كان المسؤولون في أوروبا، "يحضرون أنفسهم لموجة من الهجمات
الإرهابية بعد مغادرة رجال ونساء مناطق ما أطلق عليها الخلافة إلى بلادهم، وليواجهوا مصير السجن في زنازين مكتظة بالإسلاميين".
وبدأت دراسات بحثية،
تؤكد ما لاحظته المؤسسات الأمنية وحفظ النظام، من تغير على العائدين. فرغم المخاوف
الأولى فإن هناك نسبة عالية منهم ترفض التطرف وتشجب علانية تنظيم الدولة وأساليبه
العنيفة.
وبحسب الخبير البلجيكي
توماس رينارد والباحث في الإرهاب، ومؤلف كتاب سيصدر قريبا عن التشدد في داخل
السجون فإن "هناك عدة إشارات تشير لمشاعر خيبة بين العائدين ومن أفرج
عنهم".
وأضاف، "لا يبدو أنهم
أعادوا الربط مع شبكاتهم القديمة، أو يريدون العودة للنشاطات المتطرفة العلنية،
ولدينا تقارير من الخدمات الأمنية تؤكد هذا".
وقال إنه: في حال استمرت
الموجة "فهي أخبار جيدة للمنطقة التي عانت من سلسلة هجمات وتفجيرات، نفذها
أنصار لتنظيم الدولة بدءا من عام 2015".
ونقلت عن مسؤولين
أوروبيين قولهم، إنه "لم تسجل أي هجمات على القارة وبتوجيه من تنظيم الدولة،
منذ عام 2017. وانخفضت الهجمات المرتبطة بما يعرف بالذئاب المنفردة، إلا أن
المسؤولين الأوروبيين يخشون رغم الهدوء الحذر من هشاشة المكاسب التي تم إنجازها".
وقالت الصحيفة إنه "خلافا
للهدوء في أوروبا، فإن الزخم في مناطق أخرى من العالم، ينحرف على ما يبدو لصالح
التنظيم. فهو يحقق عودة في كل من سوريا والعراق بناء على عدد الهجمات الإرهابية
التي نفذها أتباعه في الأشهر الأخيرة، خاصة أن البلدين كانا أهم معاقله".
ولفتت إلى أنه وفي
أنحاء القارة الأفريقية، "هناك حالة إحياء بين الجماعتين المتطرفتين، القاعدة
وتنظيم الدولة المتنافستين للسيطرة على المناطق الريفية بالصومال ومنطقة الساحل
والصحراء". وتعلق الصحيفة بأن عودة الخلاف أو ظهور زعيم جذاب جديد "يمكن أن
يلهم الأتباع في العالم كما فعل تنظيم الدولة، بما فيهم الذين نبذوا الجهاديين".
ففي ظل التراجع الاقتصادي
النابع من فيروس كورونا، هناك إمكانية كما يقول الخبراء أن يحصل التنظيم على أتباع
جدد. ويقول مسؤول شرق أوسطي في مجال مكافحة الإرهاب: "لسنا ساذجين".
وقال
المسؤول الذي لم يكشف عن هويته إن معظم المقاتلين العائدين من سوريا إلى بلاده
يزعمون مثل الأوروبيين أنهم قطعوا علاقاتهم مع تنظيم الدولة، وأنهم ارتكبوا أخطاء.
ولكن بعضهم "قد يقوم غدا بالانضمام إلى تنظيم جديد أو ربما عاد إلى نسخة
جديدة من تنظيم الدولة" ولا يمكنك التأكد من ذلك بنسبة 100%".
وقالت الصحيفة إن
التحدي في التعامل مع العائدين من سوريا، يمثل قلقا في بلجيكا أكثر من أي دولة
أوروبية أخرى. فهذه الدولة الصغيرة المتعددة اللغات وسكانها الـ11.5 مليون نسمة
كانت أكبر دولة من ناحية تعداد الأشخاص الذين انضموا إلى تنظيم الدولة بناء على
عدد السكان.
وانضم 500 من مواطنيها
إلى التنظيم في الفترة ما بين 2013 و2016. وفي 22 آذار/ مارس 2016 قامت خلية تابعة
لتنظيم الدولة بتفخيخ ثلاث حقائب في مترو أنفاق بروكسل وفي المطار الدولي، وقتل
فيها 32 شخصا ما أيقظ المسؤولين لمخاطر التهديد الإرهابي الذي يواجه البلاد.
وسارع البرلمان في
حينه إلى تمرير عدد من القوانين الجديدة والمتشددة، والتي قادت إلى اعتقال عدد من
الرجال والنساء الذي عادوا من الشرق الأوسط، سواء كانوا من المقاتلين أم لا. ومن
نظر إليهم كتهديد تم وضعهم في وحدات خاصة بالمتشددين (زنزانة إكس) في
السجون الكبرى.
ويخشى خبراء الإرهاب
من قيام العائدين بزيادة تشدد زملائهم، ما سيقود إلى موجة جديدة من العنف. وحتى
هذا الوقت لم يظهر هذا الخطر. وبدلا من ذلك فقد كشفت جهود بلجيكا في إعادة تأهيل
العائدين ملامح من النجاح.
ولفتت الصحيفة إلى أن
السجناء الذين أنهوا محكومياتهم، ظلوا سلميين، وكشفت دراسة للمركز الدولي لدراسة
التشدد والعنف السياسي في كينغز كوليدج، في لندن، أنه من بين 368 سجينا أفرج عنهم
بعدما قضوا فترة السجن في زنزانة إكس ما بين 2012 وحتى هذا العام، فإنه لم يشارك أي منهم
في التخطيط لعملية إرهابية.
ووجد المسؤولون البلجيكيون، وبناء على مقابلات
مكثفة مع سجناء سابقين، أن نسبة 84% من العائدين الرجال من الشرق الأوسط و 95% من
النساء "أظهروا علامات رفض للأيديولوجية المتطرفة منذ عودتهم".
وبحسب التقرير الذي
سينشره المركز قريبا، فإن "هناك بعض الإشارات عن بطء عمليات التشدد في السجون أو
أنه أصبح خافتا". وجاء فيه: "في مرحلة ما بعد الخلافة أصبح السرد الجهادي
أقل جاذبية للسجناء الضعاف نفسيا، وهناك جهود تجنيد قليلة داخل السجن".
وحذرت الدراسة من أن
عملية التشدد، مسألة طويلة وغامضة ومن الصعب قياسها. وقام المسؤولون في السجون
البلجيكية بتطبيق برنامج صعب من ناحية توفير المستشارين للسجناء، وعمال الخدمة
الاجتماعية للمساعدة في العودة إلى المجتمع البلجيكي.
وقالت الصحيفة إن نجاح
بلجيكا نابع من فشل تنظيم الدولة. فإعلانه الخلافة عام 2014 كان لحظة جلبت آلافا
من الأوروبيين ومن شمال أمريكا إلى العراق وسوريا. وبدأ التنظيم منذ عام 2019
بخسارة معاقله تحت وابل القصف الأمريكي وانتهى بخسارته آخر معقل له في عام 2019
ومعه خفت الحماس للخلافة.
وشعر آخرون بالخيبة من
نزعة العنف التي أظهرها التنظيم ضد أعدائه. وقال أبو عائشة من بروكسل إنه كان مستعدا
للعودة بعد ثلاثة أشهر في سوريا، بعدما أخبر قائده في حلب بأنه يريد زيارة زوجته في
تركيا ولكنه لم يعد.
وكانت الفترة التي
قضاها في سوريا سببا في سجنه، حيث قابل آخرين أخبروه بأنهم "لم يحبوا طريقة قتال
تنظيم الدولة، مع من لم يتفق معه، وكيف كان التنظيم يذهب إلى المساجد ويذبح
الناس".