صحافة دولية

بوبليكو: كيف أصبح كولومبوس رمزا للعنصرية في أمريكا؟

أصبح مكتشف الأمريكيتين بنظر فئات الشعب الأمريكي الأكثر تهميشا رمزا للقمع والتمييز- جيتي
أصبح مكتشف الأمريكيتين بنظر فئات الشعب الأمريكي الأكثر تهميشا رمزا للقمع والتمييز- جيتي

اعتبرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية أن مقتل "جورج فلويد" على يد الشرطة في الولايات المتحدة تسبب بتأجيج الخلافات داخل المجتمع الأمريكي حول تاريخ البلاد والإرث الذي يعتبره كثيرون عنصريا وإقصائيا.

وأوضحت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، أن مقتل "فلويد" ذي الأصول الأفريقية جعل الكثير من الأمريكيين يسلطون سهام النقد إلى شخصيات تاريخية بارزة تنتشر تماثيلها في مختلف أنحاء البلاد، ومن أهمها وأكثرها إثارة للجدل "كريستوفر كولومبوس"، الذي ينسب له اكتشاف الأمريكيتين.

وخلال الاحتجاجات الأخيرة التي عمت الولايات المتحدة، تم تخريب عدد من التماثيل التي تجسد كولومبوس، في نيويورك وبوسطن وسانت لويس ومدن أخرى. وينظر شق كبير من الأمريكيين إلى المستكشف الإيطالي كرمز للاستعباد والعنصرية والتعدي على حقوق السكان الأصليين.

 

وتعليقا على هذه الأحداث، قال حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو، المنحدر من أصول إيطالية: "أتفهم هذه المشاعر حول شخصية كريستوفر كولومبوس وبعض أفعاله التي لا يؤيدها أحد اليوم، لكن تمثاله أصبح يرمز لاعتزازنا بتمازج الثقافتين الإيطالية والأمريكية في نيويورك، ولهذا السبب أؤيد أن يبقى تمثاله في الولاية".

 

وأوضحت الصحيفة أن الجدل الذي أثير مؤخرا حول شخصية كولومبوس وما تمثله من إرث عنصري، لا يأتي فقط من السكان الأصليين والمواطنين ذوي الأصول الأفريقية، بل بات يشمل أيضا أولئك الذين ينحدرون من أصول لاتينية.

اليوم العالمي للشعوب الأصلية

وتحتفل الولايات المتحدة في الثاني عشر من تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام بما يعرف بيوم كولومبوس، وهو التاريخ الذي يرمز إلى وصول المستكشف الإيطالي إلى القارة الجديدة.

في السنة الماضية، احتفى البيت الأبيض بهذه المناسبة قائلا إن تلك الرحلة كانت "بمثابة بداية عصر الاستكشاف وغيرت مسار التاريخ وأرست قواعد نهوض أمتنا"، ووصف كريستوفر كولومبوس بـ"البطل الجريء والمغامر الملحمي".

 

اقرأ أيضا: أمريكيون يفتحون حسابا مع ماضي العبودية ورموز "الكونفدرالية"

أما بالنسبة للأمريكيين الأصليين والسود وبعض اللاتينيين، فإن الرحالة الإيطالي ليس إلا شخصا تسبب بـ"إبادة جماعية". هؤلاء لم يحتفلوا في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي بيوم كولومبوس، بل احتفلوا بما أسموه "اليوم العالمي للشعوب الأصلية".

وعلق "كيفين أليس"، الرئيس التنفيذي للمؤتمر الوطني للهنود الأمريكيين حينها على تغيير اسم الاحتفال قائلا: "تقع واشنطن على أراضي بيسكاتواي ونحتفل بانضمام مجلس المقاطعة إلى العدد المتزايد من المدن والبلديات والولايات التي تحتفل رسميا باليوم العالمي للشعوب الأصلية".

وتابع: "هذا التغيير يسلط المزيد من الضوء على التاريخ الغني والفريد لهذه الأرض، والذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالشعوب الأصلية التي سبق وجودها رحلة كريستوفر كولومبوس".

 

 

كولومبوس والإبادة الجماعية

وأبرزت الصحيفة أن الجدل حول شخصية كولومبوس يمثل جزءا بسيطا من الجدل المحتدم حول العنصرية، والذي تصاعدت حدته منذ مقتل جورج فلويد.

وفي الواقع، فقد أصبح كولومبوس بنظر فئات الشعب الأمريكي الأكثر تهميشا رمزا للقمع والتمييز، بحسب الصحيفة، التي أشارت إلى نشر جمعية "ريتشموند" للسكان الأصليين الخميس الماضي تغريدة على تويتر قالت فيها: "كان كريستوفر كولومبوس قاتلاً للشعوب الأصلية، إنه يمثل ثقافة الإبادة الجماعية التي مازلنا نراها اليوم".


وخلصت الصحيفة إلى أن مقتل فلويد فتح الباب أمام جدل كبير حول الماضي الأمريكي، بدأ بالنقاش حول شخصيات تاريخية مثل كولومبوس، لكنه قد يستمر بأشكال أخرى مستقبلا. ولعل ذلك ما عبّر عنه بوضوح المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية جو بايدن في مينيابوليس، حينما قال إن الولايات المتحدة "لا تزال لديها خطيئة أصلية تشكل عبئا على الأمة".

التعليقات (0)