اقتصاد عربي

سوق العمل بمصر على موعد مع أزمة عودة العمال بالخارج

عودة العاملين ستقلل حجم التحويلات لأنها ترتبط بعدد العاملين إضافة إلى خفض الدول المتضررة لأجور العاملين المتبقين- تويتر
عودة العاملين ستقلل حجم التحويلات لأنها ترتبط بعدد العاملين إضافة إلى خفض الدول المتضررة لأجور العاملين المتبقين- تويتر
الحكومة المصرية على موعد مع عودة المصريين العالقين في الخارج بالتزامن مع تخفيف الإجراءات الاحترازية في العالم، ما قد يولد انفجارا في أعداد العاطلين عن العمل، وسط توقعات بارتفاعها إلى 15%، وفق دراسة حكومية.

ورغم المخاطر والأعباء الاقتصادية المترتبة على عودة عدد غير محدود من المصريين بالخارج، لم تناقش الحكومة المصرية، ولا الوزارات المختصة كالقوى العاملة والتخطيط والهجرة، ولا البرلمان، الاستعدادات اللازمة لمواجهة تلك الأزمة.

وشهد مطار الكويت في الفترة ما بين الخامس والحادي عشر من حزيران/ يونيو الجاري، 91 رحلة جوية إلى مصر، على متنها أكثر من 10 آلاف مصري، بحسب ما نشرته صحيفة "الرأي" الكويتية، نهاية الأسبوع الماضي.

وقالت وزارة القوى العاملة المصرية، الأحد، إن مكتب التمثيل العمالي التابع للوزارة بسفارة مصر بالأردن، كشف عن وصول 12 رحلة طيران تقل 1800 عامل مصري من العالقين بالأردن، على مدى الأيام الأربعة الماضية فقط.

بعد تراجع معدل البطالة في مصر إلى 7.7% خلال الربع الأول من عام 2020، أعلن الجهاز المركزي للإحصاء، ارتفاع معدل البطالة في مصر إلى 9.2% من إجمالي قوة العمل خلال الفترة من نهاية آذار/ مارس وحتى نهاية شهر نيسان/ أبريل 2020.

تأثيرات عودة العمالة

وكشفت وزيرة التخطيط المصرية، هالة السعيد، في تصريحات صحفية، أن 4.4 ملايين شخص من العاملين بالقطاع الخاص الرسمي وغير الرسمي، فقدوا وظائفهم بسبب تداعيات أزمة جائحة فيروس كورونا.

وتوقعت دراسة حديثة لمعهد التخطيط القومي (حكومي) بعنوان "تداعيات أزمة كورونا على تحويلات العاملين المصريين في الخارج"، تعرض سوق العمل في مصر إلى ضغوط قد ترفع معدل البطالة إلى حدود 15 في المئة مع ارتداد العمالة من الخارج وضعف بنية سوق العمل.

تشير البيانات إلى استحواذ السعودية على النصيب الأكبر من العمالة المصرية في الخليج بنحو 2.5 إلى 3 ملايين عامل، يليها الأردن بنحو 1.15 مليون مصري، ثم الإمارات بنحو 765 ألف إلى مليون مصري، ثم الكويت بنحو 750 ألف.

وبحسب بيانات البنك المركزي، سجلت تحويلات المصريين العاملين في الخارج، نحو 26.8 مليار دولار نهاية العام الماضي، بارتفاع قدره 1.3 مليار دولار عن العام  2018.

لكن البنك الدولي توقع في تقرير أصدره الشهر الماضي، أن تتراجع تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 21.5 في المئة خلال العام الحالي، مقارنة بنمو بلغت نسبته 5 في المئة العام الماضي.

تغول البطالة بمصر

أعرب القيادي العمالي، والبرلمان المصري طارق مرسي، عن اعتقاده أن "الوضع العام للعمال في مصر سيواجه في قابل الأيام أزمة غير مسبوقة بكل المعايير"، مشيرا إلى أنه "هذه الألوف التي بدأت في العودة، سيكون لها تأثيراتها على سوق العمل في مصر، خاصة أن هناك بطالة داخلية متغولة ناشئة من الأوضاع الداخلية".

وأوضح لـ"عربي21": "نسبة البطالة زادت لأسباب متعددة منها عمليات الخصخصة وإغلاق الشركات والمصانع، فضلا عن حالات الإفلاس بمعدل أكثر من الطبيعي، زد على ذلك الأموال التي خرجت من السوق لعدم الأمان وعدم الاستقرار السياسي، واحتكار الجيش للاقتصاد الذي يملك عمالة مجانية من مجنديه، أفقد قطاع الأعمال آلاف وملايين فرص العمل".

وبشأن تأثيرات حركة العودة، أكد مرسي أن "ثمة حقيقة أخرى ليست فقط في أعداد العائدين، لكن كانت تتميز فترات الصيف سنويا في مصر بأنها موسم للإنفاق؛ حيث إجازات العاملين بالخارج وزيادة معدل التحويلات، هذا الأمر كان بمنزلة انتعاشة في أسواق العقار والبناء والسياحة وغيرها من المجالات، كل هذا توقف فجأة فأضر بسوق العمل وأضر بالحركة النقدية والسيولة".

عودة مختلفة عن سابقاتها

الخبير الاقتصادي، حافظ الصاوي، كشف أن "أزمة عودة العمالة المصرية المتكررة طوال السنوات الماضية بسبب الأوضاع السياسية تختلف عن تلك الجديدة؛ لأنها تأتي من عدة أقطار في وقت واحد، ومن أكبر أسواق العمالة في الخليج، والأمر يزداد صعوبة بسبب أزمة كورونا، وقدرات مصر على زيادة الاستثمارات وتوفير فرص عمل بسبب أزمة التمويل".

وتوقع في حديثه لـ"عربي21" أن "يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات البطالة بأكثر من المتوقع. وفيما يتعلق بدور الدولة، فلم نره في السابق في أزمة العراق وليبيا حتى نراه الآن؛ لذا، الدولة سوف تعتمد على سياسة الأمر الواقع، خاصة أنها تفتقر لأسس حقيقية لحماية العائدين أو العاطلين لديها".

وفيما يتعلق بتراجع تحويلات المصريين بالخارج، أكد الصاوي أن "عودة العاملين ستقلل حجم التحويلات لأنها ترتبط بعدد العاملين، إضافة إلى خفض الدول المتضررة لأجور العاملين المتبقين، خاصة أن 70% من العمالة في دولة الخليج، لكن تأثيرات التحويلات ستكون أكبر في العام المقبل منها في العام الجاري".


0
التعليقات (0)