هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كلما اقتربت إسرائيل من تنفيذ مشروع ضم مناطق في الضفة الغربية المحتلة، لوّحت إسرائيل بورقة المسجد الأقصى في وجه الأردن، تحديدا، كون الأردن الأكثر اعتراضًا في وجه الإسرائيليين بشأن ضم مناطق من الضفة الغربية.
موقف الأردن على لسان المسؤولين، لم تنخفض حدته، بل على العكس، انتقل من مرحلة التصعيد السياسي عبر التصريحات إلى التحشيد الدولي، عبر مسربين، أولهما الاتصالات الثنائية بين الأردن والأوروبيين، وثانيهما مشاركة الأردن في لقاءات سياسية دولية يتحدث فيها الأردن عن ضرورة وقف قرار ضم مناطق من الضفة الغربية.
المؤكد هنا أن العلاقات التي بناها الأردن على مدى عقود مع الأوروبيين تحديدا، قد تكون هي أداة الأردن الأكثر فاعلية هذه الأيام، في وجه الإسرائيليين، وقد قال وزير الخارجية أيمن الصفدي قبل يومين، خلال مداخلة له في الاجتماع الوزاري للجنة الاتصال المخصصة لتنسيق المساعدات الدولية المقدمة إلى الشعب الفلسطيني، والذي حضره وزراء خارجية وممثلون عن 24 دولة إضافة للممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية ومنسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام وممثلون عن الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والرباعية الدولية، إن على العالم منع تنفيذ مشروع ضم مناطق من الضفة الغربية، وإن هذا الضم لن يمر دون ردّ، متحدثا عن تأثير ذلك على العلاقات الأردنية الإسرائيلية.
رئيس الحكومة الإسرائيلية كان قبل أيام قد تحدث عن مشروعه لضم مناطق من الضفة الغربية، وشمال البحر الميت، وغور الأردن، معتبرا أن المشروع سوف يمر في الكنيست وسوف يتم تنفيذه نهاية المطاف، مشيرا إلى أنه يتوقع حدوث ضجيج ضد القرار، مشيرا إلى موقف الأردن، في هذا الصدد، وهو موقف يعد الأكثر حدة عربيا.
كل هذا يقودنا إلى الاستخلاص الأساس، حول الذي قد يفعله الإسرائيليون أيضا ضد الأردن من أجل كبح حدة الموقف الأردني، وهنا نحن أمام مسربين، أولهما الإدارة الأميركية واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وحملات التشويش المحتملة ضد الأردن، فيما المسرب الثاني يرتبط بموقف إسرائيلي مباشر من الأردن، عبر مضايقة الأردن في ملف المسجد الأقصى، والرعاية الدينية، أو تدفق المياه، أو حتى اتخاذ إجراءات مختلفة، استباقا للموقف الأردني الذي تم الحديث عنه مرارا، والذي له سقوف مختلفة أيضا، ومتدرجة.
هذا يعني أن إسرائيل إذا توصلت إلى نتيجة مسبقة، عبر معلومات مؤكدة أن الأردن سوف يواصل حملته على الصعيد الأوروبي، أو حتى الأميركي، أو عبر تحشيد العالم، أو اتخاذ إجراءات مثل طرد السفير الإسرائيلي من الأردن، أو تجميد معاهدة وادي عربة، فقد تلجأ إلى محاولة مسبقة لعكس بوصلة المعركة، بحيث تبدأ هي بقرارات إضافية تؤذي الأردن، من أجل إجباره على التراجع كليا أو قليلا، عن موقفه أو حملة التصعيد التي يقودها هذه الأيام.
كل هذا يعني أن الأردن عليه أن يستعد لسيناريوهات مختلفة للتصرفات الإسرائيلية، ومن اللافت للانتباه هنا أن الأردن يقود هذا الجهد السياسي وحيدا، ولا نرى موقفا عربيا جماعيا، ولا تحركا جماعيا على مستوى دولي مؤثر، وكأن القضية هنا، باتت فلسطينية حصرا، من حيث نهاية مشروع الدولة الفلسطينية، وأردنية من حيث مخاطر كلفة الضم، ونهاية مشروع الدولة الفلسطينية، على الأردن وحساباته المختلفة.
هذا احتلال، يغدر في كل مكان، ومن الواضح أنه لن يتراجع، وعلينا أن نضع في حساباتنا كل الاحتمالات، واللافت للانتباه مجددا، أن الإسرائيليين في حساباتهم لا يضعون حسابا لسلطة رام الله، فهي تحت سيطرتهم، بسبب الاحتلال، وتحكمه في كل شيء، فيما الأردن يبقى دولة مكتملة ولديه قدرة على إدارة حملة دولية ضد إسرائيل، وعلى هذا قد يكون غضب الاحتلال من الأردن، أكثر من سلطة رام الله، التي استعصى أمامها كل شيء، فلا سلم، ولا انتفاضة.
بعض المحللين يعتقد أن إسرائيل سوف تستبق الموقف الأردني بشأن ضم مناطق الضفة الغربية، بإجراءات ضد المسجد الأقصى، قريبا، للضغط على الأردن، وإسكاته، فيما الفريق الثاني من المحللين يعتقد أن إسرائيل ستنتظر التصرف الأردني النهائي، بعد إعلان الضم، لتتخذ إجراءات ضد الأردن، من نوع جديد، وعلينا أن نضع في حساباتنا كل السيناريوهات.
علينا أن نقف وحدة موحدة، وأن نتوقع كل شيء.
(الغد الأردنية)