هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلط موقع "ميدل إيست آي" البريطاني الضوء على تغلغل المداخلة السلفيين في في المؤسسات الدينية الرسمية في الغرب الليبي، ومحاولات التقليل من سيطرتهم عليها، بالتزامن مع الصراع الدائر بين الحكومة الشرعية ومليشيات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر.
وتحت عنوان "صعود المداخلة: في داخل الصراع على السيادة الدينية في ليبيا" كتبت الباحثة كوليج أليسون بارتغر مقالا ترجمته "عربي21"، قالت فيه إن معركة قاتلة تتخمر في غرب ليبيا وتتمثل في نشاطات السلفيين.
وأضافت الكاتبة، أن السلفيين وسعوا من نشاطاتهم وحضورهم في كل أنحاء ليبيا منذ عام 2011 حيث سيطروا على مساجد وافتتحوا مدارس ومؤسسات إعلامية، حيث قدر أحد أعيان مدينة الزاوية (غربا) أن السلفيين يسيطرون على 90% من المساجد.
وبحسب مسؤول في المؤسسة الدينية في طرابلس، فإن السلفيين يسيطرون على مساجد مناطق بكاملها في العاصمة ويتحكم شيوخها وبشكل كامل بها.
انتشار في الأمن
وقالت بارتغر: "ومع أن السلفية حركة لا تتدخل في السياسة إلا أن الكثير من أتباعها انضموا إلى طيف من الجماعات المسلحة والأجهزة الأمنية التي تشكل حكومة الوفاق الوطني".
وشدد المسؤول: "لقد سيطروا على مصراتة وصبراتة والزاوية وزليتن والخمس، وانتشروا في المجال الأمني، وتجدهم في أجهزة التحقيق الجنائية وقوات الردع المسلحة وغير ذلك".
اقرأ أيضا: انشقاق كتيبة مدخلية سلفية عن حفتر.. أكدت دعم رئيس البرلمان
وأدى صعود هذا التيار الأيديولوجي بكل أطيافه ومظاهره إلى غضب الإسلاميين خاصة جماعات الإسلام السياسي من الإخوان المسلمين والجماعات الأخرى، بحسب بارتغر التي ترى أن "معسكر الإسلام السياسي غير موحد مثل التيار السلفي، وشهد تراجعا في مناطق مثل بنغازي ودرنة وتقلص حضوره فيها ولهذا فهو يواجه تحديا كبيرا في منطقة الغرب".
وأضافت بارتغر: "كان استعداد حكومة الوفاق الوطني فتح المجال أمام قوات ميالة نحو التيار السلفي للقتال في صفوفها، خاصة قوات الردع الخاصة محل قلق من الذين يتبعون المفتي العام، وقامت هذه القوة باعتقال عدد من الأشخاص المرتبطين بالمفتي وهي متورطة في اختطاف وقتل مسؤول الإفتاء عام 2016 الشيخ نادر العمراني".
وحول تطور انتشار المداخلة في العاصمة طرابلس قالت الكاتبة: "عينت حكومة الوفاق عام 2018 شيخا سلفيا هو محمد أحميدة العباني كمسؤول للأوقاف، وكان ذلك القشة الأخيرة التي أكدت للإسلاميين السياسيين صعود السلفيين في حكومة طرابلس، فبعد تعيين العباني بدأ بتغيير صورة المؤسسة الدينية في غرب ليبيا حيث استبدل بأئمة وخطباء ومسؤولين في الأوقاف آخرين من أصحاب الميول السلفية".
"ومع أن الصراع أيديولوجي بطبيعته إلا أنه مرتبط بمجالات أخرى، إن أخذنا بعين الاعتبار الامتيازات والمنافذ للمال المرتبط بهذه المناصب، فلدى الأوقاف أراض واسعة وأموال، والسيطرة على الوقف يعني السيطرة على مصادر مالية واسعة".
اقرأ أيضا: لماذا هاجم "مَداخلة ليبيا" تركيا وباركوا تدخلات أجنبية أخرى؟
وترى الكاتبة أن سلسلة الانتصارات التي حققتها حكومة الوفاق في غرب ليبيا واستعادتها عددا من المدن أعطى العناصر الثورية المبرر لمهاجمة مكاتب الأوقاف التي يسيطر عليها المداخلة، وإغلاقها.
وأضافت: "انتصار حكومة طرابلس في صبراتة وصرمان التي سيطرت عليها جماعات سلفية موالية للجنرال حفتر، منح هذه العناصر جرأة للتحرك وإغلاق المكاتب باسم طرد العناصر الدخيلة".
طابور خامس
وشدد على أن السلفيين كانوا أداة بيد حفتر حيث فتحوا له الباب، وخاصة كتيبة المشاة 604 في السيطرة على مدينة سرت في عام 2020. وشكلت الفرقة من عناصر سلفية داخل سرت قاتلت في الماضي مع قوات مصراتة المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني في المعركة لاستعادتها من مقاتلي تنظيم الدولة. وبعد استعادتها تعاونت الكتيبة السلفية مع حكومة الوفاق لكنها غيرت ولاءاتها عندما تقدمت قوات حفتر التي دخلت دون أي مقاومة. ولهذا السبب يخشى الإسلاميون من السلفيين الذين يعتقدون أنهم طابور خامس ينتظر الفرصة لتسليم المنطقة إلى حفتر.
ونقلت بارتغر علن مسؤول مقرب من مفتي ليبيا الصادق الغرياني قوله، إن "حفتر يتوسع في منطقتنا بطريقين، المال السعودي والمداخلة، وقواته مكونة من القبائل والمجرمين وأخيرا المداخلة وهؤلاء هم الأخطر بسبب عقيدتهم".
وختمت بالقول: "معظم مدن الغرب منقسمة بين التيارين وهناك مخاوف من أن يخرج الصراع عن حرب الكلام والسيطرة على المساجد إلى حرب مفتوحة بالسلاح".