هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خلال يومين فقط يصعّد الإسرائيليون ضد الأردن، بطريقة يتوجب قراءتها بطريقة مختلفة، تتجنب السطحية، والتفسيرات الإسرائيلية، التي تتلاعب بشكل فاضح.
يتم إغلاق المسجد الأقصى، من جانب أوقاف القدس بسبب تفشي وباء كورونا، حاله حال بقية المساجد، من الحرم المكي، إلى الحرم النبوي، إلى كل المساجد، لكن الإسرائيليين يريدون فتح الأقصى، فلا تقبل أوقاف القدس، فتذهب جماعات الهيكل الإسرائيلية لتتظاهر أمام السفارة الأردنية في تل أبيب، كون هذه الجماعات تريد فتح الحرم القدسي، يوم غد الجمعة، بمناسبة ذكرى يوم القدس بالتقويم العبري، وهي ذكرى احتلال الجزء الشرقي من المدينة، حيث يعتبر هذا العيد من الأيام التي تقتحم فيه الأقصى بأعداد كبيرة، وهو يصادف الثاني والعشرين من شهر أيار، كل عام.
لم تذهب هذه الجماعات إلى السفارة الأردنية، دون تنسيق مع السلطات الإسرائيلية، ودون توظيف لما تريده جماعات الهيكل، ردا على تهديدات الأردن بشأن ضم مناطق في الضفة الغربية، وصولا الى احتمال اتخاذ إجراءات أردنية ضد إسرائيل، قد تصل إلى حد اتخاذ موقف ما، من معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل، والذي يعتقد أن تحرك جماعات الهيكل نحو السفارة الأردنية في تل أبيب، مجرد تعبير عن الموقف، ساذج حقا، فهذه رسالة رد على الأردن، وكأنه يقال لنا، ان الرد الإسرائيلي على التصعيد الأردني، سيكون متاحا عبر ورقة المسجد الأقصى وبطرق مختلفة، وعلينا ان ننتظر بزوغ فجر يوم الجمعة، لنرى إذا ما كانت إسرائيل ستسمح لهذه الجماعات بفتح الحرم القدسي، واقتحام المسجد في ظل غياب المسلمين، بسبب الحظر، وهذا يعني أن الحرم سيكون مفتوحا لهم وحدهم.
القصة الثانية الواجب التفكر بها جيدا، قصة إطلاق إسرائيل النار على أردنيين اثنين، في منطقة الباقورة، وإصابة أحدهما واعتقاله، والإعلان عن وجود مسدسات ورشاشات بحوزة الرجل، وأن شريكه فر من الموقع، وأن إسرائيل كانت أمام محاولة تهريب للسلاح، والمعروف في هذا الصدد، أن إسرائيل قادرة على تزوير الروايات، فلا أحد يعرف الرواية الحقيقية، وإذا كان حقا هناك عملية تهريب، أو أن إسرائيل تعمدت إطلاق النار على أردنيين، والادعاء بوجود أسلحة بحوزة الرجلين، وقد سبق أن قتلت إسرائيل أردنيين في السفارة الإسرائيلية في عمان، وادعت زورا وبهتانا أن رجل الأمن في السفارة كان في وضعية دفاع عن النفس، لكن لاحقا وبعد شهور عادت ودفعت تعويضات مما يعني زيف روايتهم الأولى.
ضم القدس، أولا، ثم ضم مناطق من الضفة الغربية، يعني نهاية مشروع الدولة الفلسطينية، واحتمال انهيار سلطة رام الله، وفتح كل أخطار هذا الملف على الأردن، من حيث رعايته للحرم القدسي، وتصنيع مشكلة سكان في الضفة الغربية بحاجة الى دولة حاضنة، وإلغاء حق العودة، وتوطين الفلسطينيين خارج فلسطين، إضافة الى الاخطار على حسابات الامن الأردني، على مستويات مختلفة، بما فيها احتمال انفجار الأوضاع داخل الضفة الغربية، وهذا يفسر حدة التصريحات الرسمية الأردنية، وتجييش الأردن لمعسكر أوروبي وأميركي بين أصدقاء الأردن في الكونغرس وبعض مراكز القوى في واشنطن، من أجل وقف عملية الضم.
يحا، فسنجد أنفسنا في ظلال التصعيد الأردني الإسرائيلي أمام إشارات إسرائيلية إضافية، خلال الفترة المقبلة، عبر إسرائيل مباشرة، أو عبر جهات وكيلة، سواء داخل إسرائيل، او خارجها، وهذا يعني أن فتح العيون جيدا على ما سيجري أمر مهم، مع إرث الاحتلال الذي يؤكد قدرتهم على الغدر من جهة، وردهم بوسائل مختلفة، على من يقف ضدهم.
الحملة الأردنية ضد إسرائيل من التصريحات، مرورا بحملات التصعيد على المستوى الأوروبي، وبقية الاتصالات، ستترك أثرا حادا على الإسرائيليين، وهذا حق من حقوق الأردن، لكن علينا أن نعيد قراءة كل تصرف إسرائيلي، خلال هذه الفترة، وخلال الأيام المقبلة، خصوصا، أن برقيات تل أبيب التي تتنزل على بريد الأردن، مؤهلة أن تتوالى، ولا شك أننا قد نجد أنفسنا أيضا أمام توظيفات إسرائيلية – إذا صحت حادثة التهريب عبر الحدود- للقول على لسان الإسرائيليين، إن الأردن يصدر الإرهاب أيضا الى إسرائيل، وتلك قصة ثانية، ستوظفها إسرائيل على مستوى الرأي العام الغربي، لغايات كبح الحملة الأردنية.
(الغد الأردنية)