هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أسابيع ليس إلا، وتعلن حكومة الاحتلال المهجنة من الليكود وانفصاليي أزرق - أبيض ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال، قد يشمل تجمعات استيطانية كبيرة إضافة إلى الأغوار.
نتنياهو الغارق في مشاكله الداخلية، يرى في الضم فرصة ذهبية لنجاته الشخصية أكثر من كونه مصلحة إسرائيلية، كما يقول كثير من المحللين الإسرائيليين.
خطط الضم نوقشت بشكل مكثف بين نتنياهو (الذي سيتسلم رئاسة الحكومة في الفترة الأولى التي قد تمتد إلى 18 شهرا على قاعدة أن فترة الحكومة ستكون 3 سنوات فقط) وبين غانتس، حيث تم الاتفاق على البدء بضم الأراضي الفلسطينية ابتداء من تموز المقبل.
قرار الاحتلال ربما كان الأخطر في سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية منذ توقيع اتفاق أوسلو، أو بمعنى آخر هو اغتيال إسرائيلي مع سبق الإصرار لكل الاتفاقات السياسية مع منظمة التحرير.
فلسطينيا، ماذا نحن فاعلون؟ ما هي خططنا لمواجهة قرار الضم الذي يعني فعليا قتل أي فرصة حقيقية لحل سياسي قائم على حل الدولتين؟ هل السلطة الوطنية أعدت العدة للمواجهة، وكيف سيكون شكلها؟!!
المواجهة المقبلة مع الاحتلال لن تكون على جبهة واحدة هي الجبهة الداخلية، ولكن على جبهات خارجية متعددة.
على صعيد الجبهة الداخلية، هنا نتحدث ليس عن موقف السلطة، بل أيضا عن الموقف الجماهيري المساعد.
بداية، لا بد من ترميم الثقة المهلهلة بين الجمهور ومكونات السلطة الوطنية، هذه الثقة التي كلما اعتقدنا أنه تم ترميمها على قاعدة المصير المشترك، وعلى قاعدة المواجهات الشعبية لإفشال الاعتداءات الإسرائيلية، نلاحظ وبشكل فجائي وجود أدوات هدم غير مرئية، وغير مفهومة الدوافع، تقوم بنسف كل ما تم ترميمه.
الحرب على «كورونا» كانت فرصة ذهبية لمشاركة جمعية بين السلطة ممثلة بذراعها الأساسية الحكومة بما فيها الأجهزة الأمنية وبين القاعدة الجماهيرية، هذه المشاركة ظهرت جلية وواضحة بتقدير كل الخطوات التي تم اتخاذها لمواجهة كورونا، ابتداء من قرار الرئيس بإعلان حالة الطوارئ والاستجابة الجماهيرية الكاملة لموقف الرئاسة بل والتشديد عليه، وتأكيد الغالبية المطلقة دعم هذه القرارات والوقوف خلفها. ثم جاءت قرارات الحكومة المنفذة لتوجيهات الرئاسة لتجد التفافا جماهيريا كاملا، وتضحيات كبيرة على الرغم من الثمن الاقتصادي الباهظ الذي دفعته قطاعات واسعة من الشعب.
ربما لأول مرة منذ سنوات طويلة تظهر استطلاعات رأي وحتى تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي هذا الالتفاف الكبير والثقة العالية بالسلطة، ابتداء من الرئاسة وامتدادا لكل موظف أو رجل أمن ساهم في مواجهة الوباء.
وفجأة ودون مقدمات، جاءت هزات غير متوقعة لتؤدي إلى اهتزاز ما رمم خلال الأسابيع الماضية، ووجد البعض فيها فرصة للانقضاض على إنجازات السلطة في زمن كورونا.
في ظل واقع مهتز كهذا، هل يمكن السير قدما لمواجهة قوية وغير مسبوقة لإفشال مخططات الضم الإسرائيلية؟
قوة علينا أن نعيد ترميمها بأقصى سرعة ممكنة قبل أن يقع المحظور.
جبهتنا الداخلية أيضا متصدعة بفعل الانقسام اللعين، وعدم قدرة كثير من قادة الفصائل وعلى رأسهم قادة «حماس» على تقدير خطورة الموقف، وملاحظة الهجمة الشرسة من أطراف متعددة على قضيتنا، في وقت ما زال هؤلاء يبحثون عن منافع حزبية، وسيطرة وحكم لا قيمة لهما، يبحثون عن تخفيف الحصار دون أن يلاحظوا أن القضية الفلسطينية على فوهة بركان.
السؤال، هل تعود «حماس» إلى بيت الطاعة الوطني وتكون جزءا منه، لها ما له وعليها ما عليه، أم إن شهوة السلطة والحكم والمنافع الحزبية، ستظل تنخر في جبهتنا الداخلية؟
على الصعيد الخارجي، نحن بحاجة أيضا إلى قوة دفع، فهناك ثلاثة محاور لا بد من تفعيلها. المحور الأول أوروبي، في ظل موقف أوروبي متقدم على كثير من المواقف الدولية الأخرى. وقد لاحظنا مجموعة من اللقاءات الفلسطينية - الأوروبية، وبيانات الاتحاد الأوروبي وحتى مواقف سفراء بعض الدول الأوروبية الكبرى وتحذيرها الحكومة الإسرائيلية من عملية الضم.
أما على صعيد المحور الثاني، فيبدو الموقف العربي موحدا ظاهريا، إلا أنه على العكس من ذلك خلف الكواليس، فالمواقف فيها ضبابية، وعلى الرغم من ذلك يجب ألا نترك الموقف العربي رهينا للآخر، حتى وإن كانت هناك بعض التصدعات لأسباب نحن في غنى عن ذكرها، على الرغم من تلك الهجمات الإلكترونية من أشخاص ليست لهم قيمة كبيرة، بل هم على هامش المجتمعات العربية.
المحور الثالث هو المحور الدولي، سواء المحور الإسلامي أو محور الدول المؤثرة مثل روسيا والصين واليابان أو دول عدم الانحياز، والمطلوب هو تحرك سريع وفاعل في ظل هيمنة إسرائيلية على كثير من الدول وخاصة الأفريقية.
من خلال ما تقدم، فإن المواجهة قادمة لا محالة، ونحن سنحارب على جبهات عدة، وما لم تكن جبهتنا الداخلية قوية ومتماسكة، ونعمل بجد لترميم مختلف «التصدعات» بسرعة، فإن النتائج ستكون كارثية.
على الشعب الفلسطيني أن يكون واعيا لكل السلبيات، ومن حقه الإشارة إليها ونقدها بهدف الإصلاح وليس الهدم المقصود منه وغير المقصود!!!
(الأيام الفلسطينية)