هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رصد موقع "ميدل إيست آي" حالة من سخط على بنك HSBC البريطاني، عقب قراره وقف صرف تبرعات زبائنه الشهرية للصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية (انتربال) الخيرية، ابتداء من الشهر القادم.
وبعث البنك برسائل في وقت سابق من هذا الشهر، إلى أصحاب الحسابات الذين يقدمون تبرعات منتظمة إلى المؤسسة الخيرية التي تتخذ من لندن مقرا لها، يبلغهم فيها بأن المدفوعات ستتوقف في الـ 17 من آيار/مايو، دون تقديم أي مبررات لهذا الإجراء.
وأكد الصحافيان بيتر أوبورن وجان-بيتر ويستاند في مقال "ميدل إيست آي"، الذي ترجمته "عربي21"، على أن بنك HSBC دخل عاصفة سياسية مع تصاعد الغضب والقلق حيال قراره الأخير.
وانضم أعضاء للبرلمان من حزب المحافظين الحاكم وأحزاب المعارضة في شجبهم للبنك حتى أن أحد كبار أعضاء البرلمان المحافظين اتهم البنك بـ "الجبن الأخلاقي المروع".
وأرسل
عضو البرلمان أندرو سلوتر، من حزب العمال المعارض ووزير العدل في حكومة الظل سابقا،
رسالة إلى مدير عام بنك HSBC،
إيان ستيوارت، مطالبا إياه بإيضاحات حول قرار البنك.
اقرأ أيضا: بنك HSBC: يحظر التبرعات للفلسطينيين عبر "إنتربال"
وقال سلوتر لـ"ميدل إيست آي": "ليس هناك عذر لبنك HSBC أن يلغي تعسفيا طلبات زبائنه لدفع تبرعاتهم الشهرية بدون إبداء أسباب. وفي هذا إهانة لإنتربال وللمتبرعين، والأهم من ذلك أنه يهدد مساعدات ضرورية للفلسطينيين في وقت خطير وصعب".
ووصف
وين ديفيد، الوزير في حكومة الظل للشرق الأوسط، قرار بنك HSBC بأنه "مروع".
وأضاف:
"ليس فقط أن القرار يفتقد إلى الإحساس كي يصدر خلال شهر رمضان، ولكنه أيضا يفتقد
إلى التقييم الموضوعي الذي قامت به لجنة المؤسسات
الخيرية البريطانية. فهذه مؤسسة خيرية موجودة لمساعدة بعض أكثر الناس حرمانا في الشرق
الأوسط".
وقال
إد ديفي، القائم بأعمال زعيم الحزب الديمقراطي لـ"ميدل ايست آي": "الصدقات جزء مهم
جدا بالنسبة للمسلمين في رمضان. وخاصة في عام يتأثر فيه رمضان بشكل كبير بالإغلاق".
وأضاف: "قرار بنك HSBC مزعج بشكل كبير لكثير من الناس، هنا في المملكة المتحدة وفي فلسطين.. يجب على HSBC أن يوضح قراره بايقاف تلك المعاملات، وخاصة بعد أن قامت لجنة المؤسسات الخيرية (البريطانية) بالتحقق من نشاطات هذه المؤسسة الخيرية".
ولم
يأت الشجب لقرار بنك HSBC من المعارضة فقط. فقال
كريسبن بلانت، عضو البرلمان المحافظ، والرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية البرلمانية،
لت"ميدل إيست آي": "هذا الإجراء من HSBC .. هو فعل على مستوى مخيف من الجبن الأخلاقي، لدرجة أنه يجب أن يخجل متخذي القرار وينهي
أي ادعاء من HSBC حول النزاهة والأخلاق.. ولم
يقدموا أي إيضاح لإجرائهم.. عار على HSBC".
ولم ترد وزارة المالية البريطانية على طلب للتعليق.
وقال متحدث باسم لجنة المؤسسات الخيرية البريطانية لميدل ايست آي: "إن قرارات مثل هذه تعود للمؤسسات المالية نفسها. نحن على علم بالقرار وعلى اتصال بأمناء المؤسسة الخيرية".
وثارت العاصفة السياسية وسط مخاوف من أنه يمكن تقويض مؤسسة خيرية عن طريق النظام البنكي حتى عندما تكون المؤسسة تعمل بشكل قانوني في المملكة المتحدة.
وتصف
لجنة المؤسسات الخيرية البريطانية مؤسسة انتربال التي أنشئت قبل 25 عاما بأنها
"واحدة من المؤسسات الخيرية البريطانية الرائدة وتركز على توفير مساعدات الإغاثة
والتنمية للفلسطينيين" في الضفة الغربية وغزة ومخيمات اللاجئين في لبنان والأردن.
وقال
الدكتور عصام يوسف، مؤسس انتربال لـ"ميدل إيست آي" إن إجراء HSBC سيتسبب "بحرمان الأطفال الصغار من الحصول على الضروريات".
وقال:
"أذهلنا اتخاذ البنك لهذا القرار والذي من شأنه أن يخلق أزمة أخرى لأهل غزة والفلسطينيين
في الضفة الغربية وفي لبنان والذين يحرمون حقوقهم".
وأضاف:
"إنه من المفترض أننا نعيش في بلد الحرية والحقوق القانونية. وكانت مؤسسة انتربال
دائما مؤسسة خيرية حقيقية. إن بنك HSBCيهمل حق زبائنه بالاستشارة في هذا الموضوع. إنه أمر مخز".
ونشر الأشخاص الذين وصلتهم رسالة من HSBC صورا منها على "فيسبوك" لانتقاد قرار البنك. وقال أحدهم إنه سيغلق حسابه، وقال آخر إنه ينوي التوقف عن استخدام بنك HSBC لحساباته بعد أن علم أن البنك سيتوقف عن صرف التبرع الشهري من حسابه ليتيم فلسطيني تبناه بعد أن استخدم البنك لأكثر من 14 عاما.
ولم
يعلق بنك HSBC عن أسباب وقفه دفع المبالغ
لمؤسسة انتربال.
اقرأ أيضا: قرار قضائي بريطاني ينتصر لفلسطين ومقاطعة الاحتلال
ولكن كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني (كابو) قال لـ"ميدل إيست آي" إنه يعتقد أن إجراء البنك قد يكون بسبب ضغط من أمريكا، حيث للبنك مصالح تجارية كبيرة وكان قد تعرض سابقا لغرامات باهظة بسبب فشله في الامتثال لقوانين غسيل الأموال.
وقال
دويل: "لقد أصبحت البنوك الدولية مثل HSBC أدوات للسياسة الخارجية الأمريكية وخاصة في الشرق الأوسط. وكنتيجة
للضغوط الأمريكية تم إغلاق الحسابات البنكية الشخصية لعدد من السوريين والفلسطينيين
واللبنانيين والإيراينيين في المملكة المتحدة ليس لأنهم قاموا بأي شيء خطأ ولكن لأنهم
من تلك البلدان".
وأضاف:
"والحكومة البريطانية لا تفعل شيئا لإيقاف التنمر الأمريكي. والحملة ضد انتربال
هي مجرد مثال آخر للتشويه المنظم الذي يقوم على التهم وليس على الحقائق. وكل هذا يشكل
جزءا من تضييق المساحة الذي يمارس ضد جمعيات حقوق الإنسان والمؤسسات الخيرية لانتقاده
المشروع للأفعال الإسرائيلية غير الشرعية وجرائم الحرب".
أما
تيرانس إنغليش، جراح القلب المتقاعد الذي زار غزة بانتظام على مدى العقدين الماضيين
للعمل في مشاريع صحية وتدريب الأطباء المحليين، فقال لـ"ميدل ايست آي" إنه أصبح يقدر
"العمل الرائع" الذي تقوم به مؤسسة انتربال في توفير الخدمات التعليمية والصحية
في غزة.
وقال
إنغلش: "أن يتصرف أحد أكبر بنوكنا مثل HSBCبهذا الشكل تجاه مؤسسة خيرية مهمة سيؤدي إلى الحد من إمكانياتها في
جمع التبرعات، مما سيضعف إمكانياتها في التعامل مع الأزمات الإنسانية الخطيرة التي
تواجه غزة وسيشكل هذا وصمة دائمة على بلدنا".
وقال متحدث باسم HSBC لـ"ميدل ايست آي" في وقت سابق من هذا الأسبوع: "كجزء من بنك عالمي، نقوم
أحيانا باتخاذ قرار بمنع بعض المعاملات، حتى وإن كانت مسموحة بموجب القوانين المحلية.
نحن ندرك أن هذا القرار سيخيب آمال البعض، ونحن متأسفون لأي مضايقة قد ينتج عن هذا".