هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت الزيارة التي أجراها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الاثنين، إلى دمشق، الكثير من التساؤلات حول أهدافها وتوقيتها المتزامن مع مؤشرات على تململ روسي من أداء رئيس النظام السوري بشار الأسد، وتحديداً في الشق الاقتصادي.
وتأتي الزيارة في وقت يوجه فيه وسائل إعلام روسية اتهامات للأسد بعدم المسؤولية في إدارة سوريا اقتصاديا، الأمر الذي اُعتبرته مصادر مؤشرات على تغيير روسيا استراتيجتها في سوريا.
وحسب قراءة مراقبين تحدثوا لـ"عربي21"، فإن زيارة ظريف تأتي تأكيدا من بلاده على موقفها الثابت من دعم الأسد.
وعدّ المحلل والباحث بالشأن السوري، محمد سالم، خلال حديثه لـ"عربي21" أن من الطبيعي قراءة حدث الزيارة وفق سياق ما يبدو خلافا مستجدا بين روسيا ونظام الأسد، حيث تحاول موسكو فيما يبدو ممارسة الضغوط على بشار الأسد ونظامه للحصول على مزيد تنازلات تفضي إلى تحكم بمصيره ليكون ورقة بيد موسكو بشكل كامل، لتستطيع لاحقا الدخول بمفاوضات الحل النهائي وفي يدها مصير الأسد والمرحلة الانتقالية، الأمر الذي يبدو أنه يعاكس مصالح كل من النظام وإيران.
وقال إنه من الواضح أن إيران والنظام سيتعاملان مع ذلك وفق الهوامش المتاحة لهما، مضيفا أنه "وفق اعتقادي فإن لكل لاعب محلي أو إقليمي هامش يناور من خلاله، والنظام وإيران يشعران بالضغوط الخارجية الحالية، وترى طهران في الضغوط الروسية على النظام فرصة لزيادة حظوتها ونفوذها لدى النظام بعد تراجع نسبي في الملف السوري".
وأضاف سالم أن الزيارة واضحة الدلالة من ناحية إظهار الدعم الدبلوماسي والسياسي لبشار الأسد ونظامه في ظروف عزلة كبيرة على الطرفين.
اقرأ أيضا: الأسد يستقبل ظريف بالكمامة.. اجتماع قريب للدول الضامنة
ومتفقا مع سالم، رجح المحلل السياسي أسامة بشير، أن يكون الغرض الرئيسي من زيارة ظريف لدمشق، طمأنة الأسد بأن طهران لن تتخلى عنه وستقف معه، دون النظر إلى الموقف الروسي، مستدركا بقوله لـ"عربي21": "غير أن إيران لا يمكن أن تكون بديلا عن روسيا بالنسبة للأسد، فلا هي بقدرة روسيا العسكرية وليست بالوزن السياسي كذلك".
وتابع: "عاجلا أم آجلا سيتخلى الروس عن الأسد، وهذا الأمر محكوم بانتهاء صلاحية ورقة الأسد، التي تستخدمها موسكو لتثبيت مصالحها في سوريا والمنطقة".
من جانب آخر لفت بشير إلى الضربات الجوية الإسرائيلية التي نُفذت على أهداف إيرانية في بادية حمص وسط سوريا، بعد ساعات من الإعلان عن زيارة ظريف إلى دمشق، وقال إن الضربات أتت ردا على زيارة ظريف لدمشق.
أما الباحث بالشأن السوري أحمد السعيد، فاعتبر أن الحديث عن تغير في الموقف الروسي تجاه الأسد، ما زال مبكرا لأوانه.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أنها ليست المرة الأولى التي تنشر فيها وسائل إعلام روسية انتقادات للأسد، ومن الواضح أن نشر "وكالة الأنباء الفيدرالية" الروسية، المملوكة لرجل الأعمال يفغيني بريغوجين، الممول لشركة "فاغنر" الأمنية، الفضائح الاقتصادية للأسد، مرده إلى خلافات مالية، حيث إنه من الواضح أن الأسد لم يسدد فواتير الشركة الأمنية (المرتزقة).
وأَضاف السعيد، أن القول بأن الروس بصدد تغيير موقفهم من الأسد، ينطوي على جانب كبير من المبالغة، ومن الواضح أن روسيا ستحافظ على الأسد إلى حين التوصل لحل سياسي، يضمن اعتراف كل الأطراف السورية بمصالحها، مستدركا بقوله "حينها فقط ستتخلى روسيا عن الأسد، وهو ما قد تعارضه إيران".
اقرأ أيضا: وكالة روسية مقربة من بوتين تهاجم الأسد.. "ضعف وفساد"
يذكر أن "وكالة الأنباء الفيدرالية" الروسية، نشرت ثلاثة تقارير إخبارية ركزت فيها على فضح الفساد المالي لنظام الأسد وحكومته، قبل أن تقوم بحذف التقارير من موقعها الرسمي، في وقت لاحق.
في السياق، قالت وكالة أنباء النظام السوري (سانا)، إن لقاء الأسد-ظريف تناول آخر مستجدات المسار السياسي ومن بينها اللجنة الدستورية وعملية أستانا وتطورات الأوضاع في الشمال السوري.
وأضافت أن الأسد رأى أن تصرفات تركيا على الأرض تفضح حقيقة النوايا التركية من خلال عدم التزامها بالاتفاقات التي أبرمتها سواء في أستانا أو في سوتشي والتي تنص جميعها على الاعتراف بسيادة ووحدة الأراضي السورية.