هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا لمراسلها في مدينة باليرمو الإيطالية، لورنزو توند، أشار فيه إلى ظاهرة برزت في البلد الذي يعاني بشدة من فيروس كورونا المستجد، وهي تحول عصابات الجريمة المنظمة أو "المافيا" إلى مساعدة السكان.
وقالت الصحيفة إن "المافيا" تقوم بتوزيع المواد الغذائية على السكان الإيطاليين الذين منعتهم السلطات من مغادرة بيوتهم.
وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الذي يعاني فيه اقتصاد البلاد نتيجة للإغلاق المستمر حصلت عصابات المافيا على دعم من السكان المحليين لتوزيعها رزم الطعام المجانية على العائلات الفقيرة التي لم يعد لديها مال لشرائه.
وحذرت السلطات من هذه الظاهرة بعد تداول لقطات فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمافيا وهي توزع الغذاء خاصة في المناطق الجنوبية الفقيرة في كامبانيا وكلاباريا وصقلية وبغليا.
ونقلت الصحيفة عن المحققة في نشاطات المافيا ورئيس مكتب المدعي العام في كانتزارو، نيكولا كراتيري قولها إن "المحلات والمقاهي والمطاعم والحانات مغلقة منذ عدة أشهر وهذا يعني أن ملايين العاملين لم يحصلوا على مورد مالي منذ شهر ولا يعرفون إن كانوا سيعودون إلى العمل.
وأضافت: "لو لم تتقدم الحكومة سريعا وتساعد هذه العائلات فستقوم المافيا بتوفير خدماتها وفرض السيطرة على حيوات هؤلاء الناس".
اقرأ أيضا: عصابات المكسيك تساعد المواطنين في ظل أزمة كورونا
وتشير الصحيفة إلى أن تداعيات الإغلاق تترك أثرها على 3.3 ملايين إيطالي ممن يعملون بالمياومة.
وأظهرت مقاطع مصورة السكان في صقلية وهم يحتجون ضد الحكومة التي لم تساعدهم. وفي باري ظهرت لقطات لسكان وهم يلوحون بأيديهم أمام أحد البنوك طلبا لقرض من 50 يورو.
ومن الإشارات الأولى على تصاعد الاضطرابات ما صرحت به وزيرة الداخلية، لوسيانا لامبورغيز قائلة: "يمكن للمافيا الاستفادة من تزايد الفقر لتجنيد أشخاص في منظماتهم".
وبدأت الشرطة في نابولي بتكثيف حضورها في الأحياء الفقيرة من المدينة، التي نظم فيها عناصر على علاقة مع عصابة "كامورا" عمليات توزيع رزم الطعام المجانية.
ونشرت صحيفة "لاريباليكا" أن أخ زعيم المافيا، كوسا نوسترا، في قام بتوزيع الطعام على حي فقير وعندما تم نشر الأخبار دافع الرجل عن نفسه عبر صفحته على فيسبوك وهاجم الصحافي الذي نشر الخبر.
وقال البروفيسور فيدريكو فيرسي، محاضر الجريمة في جامعة أوكسفورد إن "قوة المافيا تنبع من القاعدة المحلية في المناطق التي تعمل فيها".
وتعد مسألة توزيع الطعام تكتيكا قديما قِدم المافيا نفسها، ذلك أن زعماء المافيا في الجنوب قدموا أنفسهم كمحسنين وسماسرة سلطة وبدون مقابل.
إلا أن المحققة غراتيري قالت: "ينظر زعماء المافيا إلى مدنهم كإقطاعيات خاصة بهم ويعرف هؤلاء الزعماء جيدا أن عليهم العناية بالناس في المنطقة لو أرادوا السيطرة. ويعملون هذا من خلال استغلال الوضع لصالحهم. وفي أعين الناس فإن زعيم العصابة الذي يدق الباب لتقديم الطعام المجاني هو بطل، ويعرف الزعيم أن باستطاعته التعويل على هذه العائلات لمساعدته عندما يحتاجها، مثل دعمه مسؤولا محليا في الانتخابات".
وقادت عدة تحقيقات في الجنوب إلى اعتقال سياسيين ساعدوا وحموا المافيا وتم انتخابهم بدعم من مافيا محلية أجبرت السكان على التصويت لهم.
ويقول البرفسور فيرسي: "المعونات من المافيا ليست هدايا، فهي لا تقوم بأي عمل تعاطفا، هي جمائل على كل شخص ردها بشكل أو بآخر، من خلال الدعم أو حماية هاربين".
وتقول غراتيري: "أنظر لما حدث لإل تشابو وشبكته، لقد هرب أطنانا من الكوكائين وأمر بقتل مئات الأشخاص. لكنه عرف في منطقته بالمحسن. لأن الناس قالوا إنه وفر الدواء للعائلات وعبد الطرق ونفس الأمر يحدث هنا في إيطاليا".
وقال مكتب المدعي العام الإيطالي هذا الأسبوع إن زعماء المافيا سيعرضون الأموال على التجار المحتاجين ثم يبتلعونهم لاحقا، وسيستخدمون متاجرهم لغسل الأموال والنشاطات الإجرامية.
وقال فيرسي إن المافيا يمكنها الاستفادة بطريقة أو بأخرى من الإغلاق الحالي وفي المستقبل بعد عودة الإيطاليين للحياة الطبيعية.