هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد جنرال إسرائيلي بارز، أن المعركة التي تخوضها الحكومة الإسرائيلية ضد وباء كورونا، هي الأكثر حرجا لـ"إسرائيل" منذ حرب أكتوبر عام 1973، لافتا أن المفهوم الأمني الإسرائيلي؛ القائم على "حرب قصيرة وحسم واضح"، لن يهزم كورونا.
وقال رئيس معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات، جنرال احتياط عاموس يدلين، في افتتاحية صحيفة "يديعوت أحرنوت" اليوم: "لو كنا في بداية حرب لبنان الثالثة، أو أمام اقتحام إيراني للنووي أو في مواجهة في غزة؛ لكانت المفاهيم الأمنية، التجربة المتراكمة، آليات إدارة الأزمة والتحكم بها واضحة لنا".
وأضاف: "لكن التحدي الذي وقع علينا ليس وليد واقع أمني، ولكن فيه آثار ذات مغزى في مجال الأمن القومي، بالمعنى الواسع للكلمة، ويمكن التصدي له بالخبرة والأدوات والآليات التي طورتها إسرائيل في مواجهة التحديات الأمنية".
ونبه أن "المعركة ضد كورونا، هي الأكثر حرجا لإسرائيل منذ حرب أكتوبر، فالفيروس ليس جيشا، ولكن من أجل هزيمته يجب تبني المفاهيم التي بمعونتها أدارت المستويات السياسية والعسكرية معارك خطيرة، معقدة، باهظة الثمن ومفعمة بانعدام اليقين".
والخطوة الأولى بحسب يدلين هي: "تحديد أهداف واضحة للمعركة، وبدونها ستتبدد الجهود وتصبح غير ناجعة بل وربما ستلحق الضرر أكثر من النفع، كما أنه ينبغي تحديد هدفين استراتيجيين؛ حماية حياة وصحة الجمهور، الحفاظ على تواصل الأداء والاقتصاد؛ بما في ذلك الجهوزية الأمنية، واستئناف النشاط الاقتصادي في أقرب وقت ممكن".
ولفت إلى وجود "توتر بين الهدفين، وكل قرار يجب أن يجد التوازن السليم بينهما، ويفترض السيناريو المعقول أن موجة العدوى الأولى لم تصل بعد لذروتها، وكفيلة بأن تستمر بضعة أشهر، وتفترض آخر البحوث موجة ثانية وأشد مع حلول الخريف، تستمر حتى الشتاء القادم".
وتابع: "في هذه النظرة، نكون في ذروة معركة الصد في الربيع، بعدها قد تأتي هدنة الصيف والمعركة الأشد في الخريف والشتاء".
ونوه أنه من أجل "النصر في الحرب المستمرة، سنحتاج ليس فقط إلى التكتيك الصحيح والنجاح في معركة الصد، ما سيعطينا الوقت، بل إلى استراتيجية عامة لمدى سنة إلى الأمام على الأقل، واستنفاد صحيح للزمن في محاولة لإيجاد نقطة عمل متوازنة للأبعاد الصحية، الاقتصادية، الاجتماعية بل وربما الأمنية للأزمة".
وفي هذه اللحظة، فإن "الفجوة الأكبر في التصدي للفيروس هي في مجال الاستخبارات، فصورة الوباء التي تنعكس في وسائل الاعلام تتركز في المرضى المشخصين، ولكن يبدو أن الأعداد الحقيقية أعلى بكثير"، بحسب الجنرال الذي أكد أن "إدارة الأزمة على أساس معلومات جزئية وغير مصداقة، تجر خطوات عرضية شاملة وضرر جانبي واسع للاقتصاد، وأما المعلومات الجيدة فيمكنها أن تضمن أعمالا مركزة".
وأشار إلى أن "الغموض الاستخباري لإسرائيل، يؤدي إلى وضع تكون فيه جرداء من هنا ومن هناك، علما بأن حجم الفحوصات الحالي لا يوفر جوابا ناجعا ومركزا، ويحرم أصحاب القرار من صورة وضع مصداقة، ويحكم على أصحاء كثيرين بالعزل استنادا إلى احتمال متدن بأنهم أصيبوا بالعدوى".
وإلى "جانب معطيات انتشار المرض، فإنه مطلوب فحص مصداق لمعطيات السكان الذين تعافوا من المرض، فكثيرون مرضوا دون أعراض، ومن الصعب التصديق بأنه لا يوجد إلا عشرات قليلة من المتعافين في كل إسرائيل"، مضيفا: "هذه الفئة السكانية، بقدر ما هي منيعة عن تلقي العدوى المتكررة، ومثل أولئك سيكونون محميين بمناعة مستقبلية، يمكن لهم أن يشكلوا احتياطا استراتيجيا لإسرائيل في استئناف نشاطها الاقتصادي".
اقرأ أيضا: نتنياهو يتوقع حصيلة ضخمة لوفيات وإصابات كورونا بإسرائيل
وشدد يدلين، على أهمية محور الزمن في إدارة المعركة، فهو "حيوي"، موضحا أن "المفهوم الأمني لإسرائيل يتحدث عن حرب قصيرة وحسم واضح، وليس هذا هو الوضع في هذه المعركة، فالجمهور لا يطلع على الفرضيات الأساس للمعركة، ولا على محور الزمن والأعمال التي ستقوم بها الحكومة في المستقبل".
و بـ"خلاف الحرب ضد العدو الخارجي، فإن كل المعلومات والاستراتيجية في الحرب ضد العدو الحالي يجب أن تكون علنية ومعروفة للجمهور، وحكمة الجماهير وطواقم العاملين في محاولة لإيجاد جواب للمرض، ستقوم على أساس المعركة والتفكير الذي يتم في الأجهزة الحكومية وتغذي بعضها بعضا"، وفق الجنرال.
وبين أن "المنظومة الحكومية لا تزال لا تستغل كل الوسائل التي تحت تصرفها، ولأسباب مختلفة تقرر استخدام جهاز الأمن في مرحلة متأخرة نسبيا، ورغم قدراته المثبتة في إدارة أوضاع الطوارئ الوطنية، اقتصاد الطوارئ وحماية الجبهة الداخلية".
ورأى أن "الإدخال التدريجي للجيش الإسرائيلي في مهام الكفاح ضد الوباء، هو خطوة صحيحة، طالما تركز في مجالات يوجد له فيها تفوق نسبي"، معتبرا أن "مصير الكفاح ضد كورونا، يتعلق بمناعة الجمهور، وبثقته في الحكومة وإطاعة تعليماتها".
وحذر يدلين، من أن "استغلال الأزمة لفرض قيود غير ضرورية على عناصر حيوية في مؤسسات الحكم وعلى الحقوق الأساسية، سيؤدي لضعضعة استعداد الجمهور لتحمل المصاعب التي ستكون في الطريق للانتصار على الوباء".