ملفات وتقارير

ما مآلات التوتر بين حلفاء أبوظبي والرياض بعدن؟

تصاعد الخلاف بين المجلس الانتقالي والسعودية بعد منع الأخيرة قياداته من دخول عدن- جيتي
تصاعد الخلاف بين المجلس الانتقالي والسعودية بعد منع الأخيرة قياداته من دخول عدن- جيتي

أثار قرار التحالف العسكري الذي تقوده السعودية منع قيادات بارزة في ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم إماراتيا، من العودة إلى مدينة عدن، الأربعاء، وما تلاه من توتر ولغة تهديد ووعيد من قبل المجلس، أسئلة عدة حول مآلات التوتر بين الرياض وحلفاء أبوظبي، جنوب اليمن.

كما طرحت لغة التهديد والتلويح التي وردت في بيان المجلس الانتقالي، عقب قرار منع عودة قياداته عبر مطار الملكة علياء الدولي في عمّان، بتصعيد عسكري وشعبي ضد المملكة، تساؤلات أيضا عن حدود الرد المفترض للمجلس المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شماله.

وكان المجلس الجنوبي الذي تشكل في عام 2017 بدعم إماراتي، قد حذر في بيان له، مساء الأربعاء، من عواقب منع قياداته "وانعكاسات داخلية على جميع الأصعدة، بما في ذلك جهود إحلال السلام.

كما لوح بتصعيد عسكري وشعبي على قرار منع قيادات المجلس من العودة إلى عدن، حيث دعا ما أسماها "القوات الجنوبية" وشعب الجنوب إلى "ضبط النفس"، مؤكدا أن قيادة الانتقالي "في انعقاد دائم في انتظار استيفاء الخطوات التوضيحية مع قيادة التحالف العربي".

وبالتزامن مع بيان المجلس الانفصالي، قال بيان صادر عن ما تسمى "المقاومة الجنوبية" الموالية للمجلس، إن  قرار المنع "تصرف أرعن ومدان، وسيجر علاقتنا بالأشقاء لمآلات سحيقة".

وأضاف البيان: "لن نقف مكتوفي الأيدي". 

"لا يقدر على التمرد"

وتعليقا على هذا الموضوع، يؤكد الصحفي والباحث اليمني كمال السلامي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي غير قادر على التمرد على التحالف العربي، ما لم يحصل على ضوء أخضر من الإمارات، التي تعدّ ثاني دولة من حيث المشاركة والأهمية في التحالف.

وقال في حديث لـ"عربي21": رفض "الانتقالي" لتنفيذ الشق الأمني والعسكري من الاتفاق، وعدم سماحه بعودة الحكومة كاملة لعدن، وإصراره على تفسير الاتفاق وفق أهوائه، لاشك أنه وضع السعودية في موقف محرج"، مضيفا أنه "لم يعد أمامها سوى أن تمارس نوعا من الضغط على الانتقالي لإجباره على إعادة حساباته، وهذا ما حدث باحتجاز وفده في العاصمة الأردنية عمان".

وتساءل قائلا: "أين موقع الإمارات بالنسبة للتطورات الأخيرة من الإعراب"؟

ويرى الصحفي السلامي أن أبو ظبي ستمنح السعودية شيئا من الحرية لتأديب الانتقالي، لكنها لن تسمح بأي خطوات أخرى من شأنها أن تقوض ما بنته من مليشيات ونفوذ خلال السنوات الماضية.

واستدرك: "إلا إن كان هناك صفقة أخرى لم تظهر معالمها، من قبيل تمكين قيادات موالية لها في المؤسسة العسكرية اليمنية، تمهيدا لتوليها زمام الأمور العسكرية".

وأشار إلى أن المجلس الانتقالي سيرضخ لما تريده الرياض، و"هو الشيء ذاته الذي تريده أبوظبي في هذه الفترة، لقاء بعض الخطوات والتنازلات التي قد نسمع عنها خلال الفترة القادمة".

 

اقرأ أيضا: الرياض تمنع قيادات يمنية موالية لأبو ظبي من العودة لعدن

"تصعيد غير مبرر"

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي، سليمان العقيلي، إن بيان المجلس الانتقالي ضد تحالف دعم الشرعية "تصعيد لا مبرر له ومردود عليه ومدان من الجميع".

وتابع في تغريدات عبر "تويتر": "كان من الأولى بالانتقالي تنفيذ ما عليه من التزامات في اتفاق الرياض، بإبعاد العناصر المشاركة بأحداث آب/ أغسطس 2019، مثلما فعلت الحكومة، وعدم اللجوء إلى الاحتيال بالسفر من عمّان لا أبوظبي".

وأوضح العقيلي أنه إذا كان الانتقالي يعتقد أن اتفاق الرياض دفن وانتهى، فهو مخطئ، مؤكدا أن "الاتفاق وثيقة دولية من وثائق مجلس الأمن، ولن يستطيع كائن من كان تجاوزه لاسياسيا ولا عسكريا".

واعتبر أن سكوت الرياض "مجرد مهلة لا غير"، لافتا إلى أنه إن كان الانتقالي يراهن على خلافات بين الرياض وأبوظبي، فقد أكد وزير الدولة الإماراتي أنور قرقاش موقف بلاده الداعم للموقف السعودي.

وكشف  العقيلي عن أن الإمارات هي من أبلغت قيادة التحالف بحيلة شلال شايع، مدير أمن عدن المقال، في السفر لعدن من عمّان.

ودعا السياسي السعودي المجلس الانتقالي بأن "يتحلى بروح المسؤولية".

" مسرحية هزلية"

وفي السياق ذاته، قال رئيس تجمع القوى المدنية جنوب اليمن، عبدالكريم السعدي، إن اتفاق الرياض جاء ليلبي حاجات طرفي التحالف الإقليمي في أزمة اليمن السعودية ودولة الإمارات بدرجة رئيسية.

وأضاف في حديث لـ"عربي21": "فيما يخص أدوات الطرفين على الساحة المحلية اليمنية، فإن الأمر لا يتجاوز ضمان وجود هذه الأدوات في إطار أي تشكيل حكومي قادم، في مقابل أن تتنازل هذه الأطراف (الأدوات) عن الأسلحة التي تثير بها الفوضى والرعب والانفلات في أوساط الناس، في المناطق التي سيطرت عليها عصاباتها المسلحة".

وبحسب السعدي، فإن "لا خطورة من أي دعوات لأي من طرفي الأدوات"، قائلا إن "دعوات تلك الأطراف تقوم على أسس وأسباب تستحق التوقف أمامها، مشيرا إلى أنه بمجرد أن تأتي التوجيهات من قبل الأطراف الإقليمية المسيرة لتلك الأدوات، فستعود إلى الوضع نفسه الذي عادت إليه بعد أحداث كانون الثاني/ يناير 2018، التي جاءت بتوجيهات أحد طرفي التحالف، والأمر سينطبق على أحداث آب/ أغسطس الماضي".

وذكر رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية، أن "دعوة أدوات الإمارات (المجلس الانتقالي) التي تعد العابثة الفعلية حاليا بأمن بعض أجزاء المناطق المحررة واستقرارها، هي دعوات اعتادت على إطلاقها بعد كل مرحلة سقوط تمر بها، مؤكدا أن الغرض منها ممارسة الخداع والتضليل على بقايا أتباعها من المستغفلين".

واستدرك: "لا سيطرة فعلية ممكن أن تشكل وضعا يجعل من تلك الأداة الإماراتية ندا في المعادلة القائمة، وإنما هناك بسط لمليشيات على بعض أجزاء المناطق المحررة، وتلك المليشيات تخضع كل منها بشكل منفرد لدولة الإمارات ولا تخضع لمكون بعينه".

 واعتبر السياسي اليمني الجنوبي، أن اعتراض بعض أعضاء وأتباع الإمارات في عدن على عدم السماح لها بالعودة إليها، لا يعدو عن كونه "مسرحية هزلية".

"التحالف خرج عن حياده"

وعلى الرغم من إعلان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش موقف بلاده الداعم لجهود السعودية في تطبيق اتفاق الرياض، إلا أن صحيفة العرب التابعة لحكومته، اتهمت السعودية بالخروج عن الحياد.

وقالت الصحيفة في عددها الصادر، الجمعة، إن ارتباك التحالف العربي في معالجة الملف اليمني، امتدّ إلى طريقته في إدارة العلاقة الصعبة والمعقّدة بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة عبدربه منصور هادي، التي رهنت قرارها لشقّ إخواني قوي داخلها.

وأضافت: وانعكس ذلك الارتباك في خروج التحالف عن حياديته الضرورية للمضي في تنفيذ اتفاق الرياض، وحمايته من الانهيار الذي بات يهدّده أكثر من أي وقت مضى.

"الوضع لا يحتمل"

فيما علق وزير النقل اليمني، الخميس، على الوضع في عدن والبيان الصادر عن المملكة وتهديدات المجلس الانتقالي، بالرد على قرار منع قياداته من العودة إلى عدن.

وقال صالح الجبواني عبر حسابه بموقع "تويتر"، إنّ الوضع في عدن "لا يحتمل ووصل إلى تهديد المملكة".

وتابع: "ما يجري في عدن، يجعلنا نبارك وندعم أي خطوة تقوم بها السعودية في سبيل الوصول لنزع السلاح وإخراج المليشيات من العاصمة المؤقتة". واعتبر وزير النقل الجبواني أن بيان الخارجية السعودية بشأن اتفاق الرياض، "كان إيجابيا".

والخميس، قالت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها، إن "المملكة حريصة على أمن اليمن الشقيق واستقراره، وسعيها لتنفيذ اتفاق الرياض تحقيقا لغاياته وأهدافه"، داعية إلى البعد عن "المهاترات الإعلامية" وحل الخلافات التي تواجه تنفيذ اتفاق الرياض.

من جانبها، رحبت الحكومة اليمنية ببيان الخارجية السعودية، الذي قال إنها ملتزمة بتنفيذ اتفاق الرياض "باعتباره يؤسس لمرحلة جديدة من استكمال الانتصار في المعركة الوجودية والمصيرية ضد المشروع الإيراني".

ونقلت وكالة "سبأ" عن مصدر حكومي، قوله، إن الحكومة تتعاطى بجدية والتزام في تنفيذ ما يخصها من استحقاقات الاتفاق.

 

اقرأ أيضا: توتر بين السعودية وقوات موالية للإمارات بمطار عدن في اليمن

التعليقات (1)
شش
السبت، 14-03-2020 11:30 ص
نتمنى حدوث مايثلج صدور الشعوب .وتعود الاوضاع الى عهد الامن والامان .