هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في يوم السابع عشر من شباط/ فبراير من
كل عام يحتفل الليبيون بذكرى ثورتهم ضد نظام "معمر القذافي"، وسط جدل
وتساؤلات عم أهم ما تحقق حتى الآن، وسر إصرار الشعب الليبي على الاحتفال بالثورة
كل عام رغم الكثير من الإخفاقات. فماذا عن "فلول" القذافي وردود فعلهم
على هذا الحدث؟
"عربي21" أعدت تقريرا موسعا
استطلعت فيه آراء التيارات والتوجهات والثوار حول الذكرى التاسعة لثورة "17 فبراير"،
لتطرح عليهم بعض التساؤلات، من قبيل: ما أهم ما تحقق حتى الآن؟ ولم يصر الليبيون
على الاحتفال كل عام رغم الإخفاقات والحروب؟ وما موقف أتباع "القذافي" من
الحدث؟
رأي ثوري
وبخصوص رأي الثوار المشاركين في الثورة
منذ اندلاعها، قال أول ثائر في مدينة "بنغازي"، عادل الحاسي إن
"الليبيين يصرون على الاحتفال بثورتهم كل عام لأنها حلمهم وفرصتهم الوحيدة
للتغيير إلى الأفضل من أجل بلاد متقدمة صحيا وتعليميا والبحث عن هويتهم.. وكون
الثورة تمر الآن بأخطر مراحلها كان لابد من التمسك بها والاحتفال مهما حاولت
الثورة المضادة إفسادها أو الانقلاب عليها".
وعن أهم ما حققته الثورة حتى الآن،
أضاف: "يكفي أنها قضت على النظام الشمولي والعسكري وأعطتنا فرصة لتحقيق الحلم
وشهدت بلادنا انتخابات لأول مرة بعد 40 سنة "عجاف"، وثورتنا تجربة
تصحيحية، لكنها في الأخير ثورة وهي ليست بديلا عن الدولة، ومستقبلا سنرى دولة
القانون والمؤسسات وتتحقق آمال وطموحات من ناصروا ثورة "شباط/فبراير" من
البداية".
وتابع: "أما بخصوص أتباع
"القذافي"، فهم ما زالوا متمسكين بقضية تواجدهم وما زالوا يزايدون على
الثورة ويمتلكون الأموال الطائلة التي نهبوها وقت زعيمهم ويفرضون أنفسهم على
المشهد السياسي والعسكري وهم خطر حقيقي، لكن من المستحيل عودة نظامهم القمعي مرة
أخرى لفشلهم في حسم الأمر لصالحهم"، كما رأى.
اقرأ أيضا: "رايتس ووتش" توثق استخدام قوات "حفتر" ذخائر محظورة
أما صاحب مدونة "باقات
ليبية" المعارضة للقذافي، والأكاديمي الليبي، فتحي رجب العكاري فأكد أن
"أهم إنجاز للثورة هو خروج الناس عفويا في تحرك شعبي يرفض الظلم وحكم الفرد
بدون إيعاز أو دعم من أي جهة خارجية، والبطولات التي قدمها الشباب هي التي أقنعت
دول العالم بدعمها، وإصرار الشعب على الاحتفال بها كل عام تلقائيا وعفويا دون
ترتيب من الجهات الرسمية ينبع من شعور الفخر الذي سكن قلوبهم بهذا الإنجاز الذي
حقق لهم الشعور بالانتصار وروح الفخر بالرغم من الإخفاقات المختلفة".
وأشار إلى أن "روح التسامح التي
أظهرها ثوار 17 فبراير تجاه مؤيدي "القذافي" هي التي شجعتهم على العودة
إلى المشهد بالتدريج، وبالتأكيد هم يشعرون بقيمة الحرية وروح التسامح وسيكون لهم
دور، فهم شركاء في الوطن وهذا إنجاز آخر لهذه الثورة فهي لم تقص أحدا وحفظت حقوق
الجميع والزمن كفيل بتأكيد قيم الحرية والديمقراطية لبناء وطن يتسع للجميع يحكمه
دستور وكلمة الفصل فيه لصندوق الاقتراع"، وفق تصوراته.
"مؤسسية وصمود"
أما بخصوص من تقلدوا المناصب أثناء
الثورة أو بعدها مباشرة فأشاروا إلى أن "أهم الإنجازات هو تحول البلاد إلى
دولة مؤسسات بعدما نسي الناس معنى المؤسسية والانتخابات والحريات. وقد تواصلت
"عربي21" مع بعض المسؤولين أثناء أو بعد الثورة لاستطلاع آرائهم:
وفي حديثه لـ"عربي21" أكد
أول وزير تخطيط ليبي بعد الثورة، عيسى التويجر أن "الثورة كانت ضد نظام اعتمد
على التجهيل والإفقار وابتزاز المواطن بحاجاته الأساسية مقابل التخلي الكامل على
حريته وصحته وتعليمه، وللأسف تحقق قطع رأس النظام ولم يسقط النظام بالكامل وما زال
يحاول العودة بمساعدة "المرتدين" عن الثورة وعشاق نمط
"القذافي" في القيادة والحكم".
وتابع: "في تاريخ 7-7-2012 سلمت
"الثورة" الحكم للشعب من خلال انتخابات حرة ونزيهة اهتزت لها العروش
الأسرية الهشة التي سارعت إلى التآمر مع المرتزقة والخونة من الليبيين للقضاء على
العملية الديمقراطية في مهدها وما زال الصراع مستمرا، لكن نجاح الثورات حتمي".
وأضاف: "ما يحصل اليوم من حروب
ودمار وقتل هو عملية فرز كبيرة كشفت عن كل "المرتزقة" ممن يطلبون المال
والمصالح الشخصية الضيقة على حساب الوطن، وأظهرت أيضا الأحرار الذين ينشدون الحرية
وكشفت العبيد الذين يجيدون العيش في بيئة "متعفنة" في ظل
"الديكتاتورية" وهؤلاء هم خريجو مدرسة "معمر القذافي"
ونظامه"، كما صرح.
"رفض القيود"
وقالت عضو مجلس الدولة الليبي، آمنة
مطير إنه "بالرغم من الدماء التي مازالت تنزف وتهجير العائلات فما زال الشعب
الليبي يحتفل للمرة التاسعة بثورة أسقطت نظاما كمم الأفواه لأربعة عقود، فالشعب
الليبي كالطير الحر يرفض القيود مهما كانت المغريات ويلاحق الحرية ولو كانت طريقها
مليئة بالأشواك"، وفق تعبيرها.
وتحدثت عن "فلول" النظام
السابق وأنهم يريدون الدخول في "الثورة" ليغتنموا المناصب، لكن تعبئتهم
الإعلامية للتابعين لهم وتحريضهم على الكفر بالثورة "المجيدة" هو ما يمنعهم من الانخراط فيها فنجدهم يغتنمون أي فرصة ليكونوا ضمن أي طاولة حوار"،
كما رأت.
اقرأ أيضا: حفتر يرفض قرار مجلس الأمن وقف إطلاق النار.. ويهاجم أردوغان
ورأى الدبلوماسي والقيادي في المؤتمر
الوطني للمعارضة الليبية، إبراهيم قرادة أن "أهم ما يميز ثورة
"فبراير" هو صمودها المستمر أمام تحالف الثورة المضادة مع قوى إقليمية
ودولية والتي سخرت ووظفت كل قدراتها الحربية والمخابراتية وإمكانياتها المالية
والإعلامية لتحويل ليبيا إلى ساحة حرب عنيفة.
وأكد أن "من نتائج الثورة هو
إجراء انتخابات حرة في 2012، كما أنها (الثورة) أنهت نظاما فوضويا سرق أربعة عقود من
عمر الأجيال، وإصرار الليبيين على إحياء ذكرى "فبراير" لأنهم يقدرون
التضحيات المدفوعة ويعرفون جيداً تكلفة الديكتاتورية التي عانوا منها طويلاً،
وكذلك استعادتها وترسيخها لعلم وراية الاستقلال بعد جهود ضخمة وطويلة من نظام
القذافي لمحو ذلك من ذاكرة الأجيال، في حين تبخرت نظريات القذافي التي فرضت
كفكر وحيد لعقود رغم ما صرف عليها في الإعلام والتعليم والحياة العامة"، وفق
آرائه.
"حدث شعبي مفصلي"
وقال عضو المؤتمر الوطني العام، أول
مؤسسة منتخبة بعد الثورة، عادل كرموس إن "ثورة فبراير حدث تاريخي ومفصلي في
تاريخ ليبيا فهي ليست ثورة شخص أو جماعة أو طائفة كما يروج لها إنما هي ثورة شعب
عانى من الظلم والقهر والاستبداد ما لم يعانيه أي من دول الجوار".
وأوضح لـ"عربي21" أنه "من الظلم أن نحمل هذا
الحدث أخطاء بعض الأفراد الذين يتوقون إلى "العبودية" وننسى معاناة شعب
دامت لأربعة عقود لمجرد أن الوضع لم يتحسن أو لم ينتقل لما هو أفضل وننسى أن هناك
من الدول "الشقيقة" من لا يريد لبلدنا ولشعبنا الحرية والديمقراطية وهم
من أعلنوا الحرب علينا بعد أول عرس ديمقراطي مارسه الشعب الليبي سنة 2012 بإجراء
انتخابات حرة ونزيهة وانطلاق الدولة المدنية".
"نقطة تحول"
أما رئيس حزب العدالة والبناء الليبي
"الذي تأسس بعد الثورة مباشرة"، محمد صوان فأشار إلى أن "ثورة
فبراير هي نقطة تحول تحقق بها إزاحة أعتى نظام دكتاتوري متخلف، وهي تعبير عن
تطلعات الشعب الليبي للحياة الحرة الكريمة، وهي لا تُحاسب على تحديات المراحل
الانتقالية وما يعتريها من فوضى".
وتابع: "أنصار فبراير يؤمنون
بحقهم في إقامة دولتهم التي يحلمون بها وتضحياتهم المستمرة واحتفالاتهم بها خير
شاهد، وقد فشلت محاولات تركيعهم للقبول بعودة الاستبداد تحت الضغط الممنهج لاستدامة
الفوضى، وأنصار "فبراير" هم الذين يعودون في كل جولة أكثر زخما وأصلب
عودا وليس غيرهم".
موقف "الأقليات الليبية"
واستطلعت "عربي21" رأي بعض
الأقليات في ليبيا وموقفهم من الثورة والمشاركة في احتفالاتها وما أهم ما تحقق لهم
من هذا الحراك في ذكراه التاسعة.
أقلية "التبو":
رئيس اللجنة التسييرية للتجمع الوطني
التباوي (مؤسسة في الجنوب الليبي)، حسين شكي قال إنه "بغض النظر عن الإشكالات
والحروب فما زلنا نحتفل بثورة فبراير لأنها تحمل المبادئ التي كنا نحلم بها، وأهم ما
حققته هو تحقيق الحرية الكاملة لكل فئات المجتمع دون تفرقة ووجود حقوق للإنسان
واختفاء الأجهزة القمعية وأصبح الجميع يتحدث ويعلم ما يحدث في بلاده ومؤسساته
وخيراتها ومؤسساتها المنتخبة".
وبخصوص أقلية "التبو" وما
استفادته من الثورة، قال شكي: "نعم استفدنا منها وأول هذه الاستفادات اعتراف
الدولة بالتبو كأحد مكونات الدولة الليبية وتضمين ذلك في الإعلان الدستوري، وكذلك
تمثيل "التبو" في الحكومات الليبية المختلفة".
لكنه استدرك: "وهناك بعض السلبيات
ومنها: ظهور المجموعات المسلحة في العاصمة وكذلك بنغازي فلم تكن هذه المناطق كما
تمنيناها وظهرت مجموعات مسلحة تتحكم في "طرابلس" وظهور هذه الكتائب
أفشلت الكثير من أهداف الثورة وشوهت بعض أهدافها وهو ما جعل كثيرين يرفضونها ويرون
غياب دولة القانون".
وتابع: "أما جماعات النظام
السابق.. فإنه بعد سقوط "القذافي" توزعوا على كثير من الدول مثل روسيا
وفرنسا ومصر وبعض دول إفريقية وبعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات.. ويظهرون
في المشهد من وقت لآخر، بل هم من يقف الآن وراء رفض وقف إطلاق النار في ليبيا حتى
تفشل الثورة وأنها السبب في جلب الحروب والفقر لليبيا، لكن الحقيقة أنهم جزء من
استمرار الحرب والانقسام ولا يؤمنون بالمشاركة كما تعودوا خلال نظام قائدهم، والآن
بعض قياداتهم يقودون العملية العسكرية التي أطلقها "حفتر" تحت مسمى
"الكرامة" فهم من يقودون المشروع الآن".
"الطوارق"
وبخصوص موقف "الطوارق" من
الثورة وإنجازاتها، قال الناشط من أقلية "الطوارق"، عيسى مدركو إن
"المشكلة ليست في "فبراير" بل في من أفرزتهم الثورة ووثق الشعب فيهم
سواء المؤتمر الوطني أو البرلمان أو الحكومات المتتالية والتي خيبت بعض
الآمال".
وفي تصريحاته لـ"عربي21" أكد
أن "الليبيين ما زالوا يثقون في "فبراير" ولكنهم فقدو الثقة في
قادتها لأنهم هم من تسببوا في ما حصل من حروب وفتحوا البلاد للتدخلات الأجنبية
المدمرة للبلاد والطامعة فيها، لكن تبقى الثورة أغلى ما نملك لأننا فقدنا فيها
أغلى ما نملك من أرواح ومقدرات الوطن، وما زال الأمل يحدونا أن الثورة ستنتصر رغم
الثورات المضادة التي تقودها الدول المتدخلة في الشأن الليبي"، كما رأى.
"الأمازيغ"
وقال الناشط الأمازيغي الليبي، ربيع
الجياش إن "المؤمنين بالثورة يحتفلون بتلك اللحظة التاريخية التي انتفضوا فيها على
ذاك النظام القمعي الذي جثم على قلوبهم أربعة عقود وسقط وانطلقوا بكل ثقلهم وبكل
مشاعرهم نحو الانتخابات ليستقبلوا عهدا جديد وحلما طالما انتظروه، أما من لا تمسهم
"فبراير" ولا تعني لهم شيئا فهم لن يستذكروا تلك اللحظة التاريخية
وسينظرون إلى ما آلت إليه البلاد من فوضى وخراب وقتل وتهجير وهذا حقهم".
وعن مكاسب "الأمازيغ" من
الثورة، قال لـ"عربي21": "الأمازيغ شأنهم شأن باقي الليبيين لم
تحقق لهم الثورة الحلم المنشود بالحرية والديمقراطية وسلطة القانون التي من ضمن
مقتضياتها نيل حقوقهم في الدستور".
موقف "أتباع القذافي"
واستطلعت "عربي21" آراء
بعض المحسوبين على تيار "القذافي" وما زال بعضهم يراهن على عودة نظامه
متمثلا في نجله "سيف القذافي".
من جهته، قال رئيس ما يسمى
بـ"حراك الرايات البيض" للسلام والمحسوب على نظام
"القذافي"، احميد بومنيار القذافي إن "17 فبراير تحمل الكثير من المبادئ
والأهداف التي نتشاطر فيها جميعًا باختلاف مسمياتنا ومنها بناء دولة مدنية يطمح
إليها الشعب الليبي، لكن للأسف فإن الكثيرين من الساسة استغل هذه المبادئ في تحقيق
أهدافه الخاصة".
وأضاف: "لكن ما زالت أمامنا الفرصة
لبناء بلادنا متشاركين معا، فما زالت الحلول مطروحة والمبادرات الشاملة موجودة والتي
نعتقد أننا نبني من خلالها وطنا آمنا ومستقرا"، وفق رؤيته.
لكن الناشطة الحقوقية والمؤيدة لنظام
"القذافي"، آمال شويهدي، وصفت ما حدث في 17 فبراير بأنه "نكبة العصر
الحديث، وأنها حق أريد به باطل، وأن "الزعيم القذافي" كان محقا عندما
أطلق على قادتها صفة "الكلاب الضالة"، لما قاموا به من فساد
ودمار"، وفق تعبيرها.
وأضافت: "أما إصرار هؤلاء على
الاحتفال كل عام فهو لأنهم بأوهامهم وتدنيسهم للوطن يرون أن ما حدث هو انتصار،
وهنا نتساءل: أين ما وعدوا به الأمة الليبية؟ وأين أدنى حقوق المواطن الليبي من
مرتبات وعدالة في التوزيع؟ ألا ترى الفقر وطوابير المصارف والغاز وهبوط العملة
المحلية وانهيار الاقتصاد، والخلاصة أن "فبراير" وعملاءها هم السبب في
كل هذا".
وبخصوص موقفهم الآن كمؤيدين للنظام
السابق، قالت: "مؤيدو ثورة "سبتمبر" اليوم منقسمون بين تحديات
ومصالح كثيرة، فقد غاب "الزعيم القذافي" ومعه غابت شمس ليبيا".