هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال كاتب إسرائيلي إن "هناك أسبابا عديدة تقف خلف عدم اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، رغم إعلان صفقة القرن، لكن الجمهور الفلسطيني في غالبيته ما زال يكتفي بإعلان معارضته الورقية لها، ما يدعو للتساؤل عن سبب امتناع الفلسطينيين في 2020 عن الانتفاض في وجه إسرائيل بطريقة مؤلمة وعنيفة، رغم اندلاع بعض الأحداث الميدانية، لكنها ليست على القدر ذاته من التطورات الكبيرة".
وأضاف
غال بيرغر، الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية في هيئة البث التلفزيوني الإسرائيلي
الرسمي – كان، في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "الفلسطينيين لم يخرجوا إلى الشوارع بأعداد غفيرة، ولم ينقضوا على الحواجز
العسكرية الإسرائيلية المنتشرة في جميع أنحاء الضفة الغربية".
وأشار
بيرغر، الذي يغطي الأحداث الفلسطينية منذ سنوات طويلة، ولديه شبكة علاقات واسعة مع
رجالات السلطة الفلسطينية، إلى أن "عدم اندلاع الانتفاضة لا يثير فقط الصحفيين والمراسلين
الميدانيين، وإنما الباحثين في الشؤون الفلسطينية وضباط الأجهزة الأمنية الإسرائيلية
والأجنبية، وفيما تعبر الأوساط الإسرائيلية عن عدم رغبتها بالدخول في حالة من
الفوضى الأمنية، فإن آخرين يعتقدون أن السبب في ذلك يكمن في الاقتصاد".
وأوضح
أن "الفلسطينيين في 2020 في الضفة الغربية يعيشون حياة طيبة من الناحية
الاقتصادية، يخرجون إلى العمل، وبات لديهم ما يخسرونه في حال اندلاع انتفاضة شعبية،
مع أننا عشية اندلاع الانتفاضتين السابقتين في 2000 و1987 كان لديهم الطروف
المعيشية والاقتصادية الجيدة ذاتها، بل إن الفترة التي سبقت اندلاع انتفاضة الحجارة كانت
الفترة الذهبية للفلسطينيين، وكان لديهم ما يخسرونه".
وأكد
أن "اندلاع الانتفاضة الفلسطينية القادمة يستند إلى جملة من المركبات
والعوامل المتداخلة، الواحد منها كفيل بإحداث خلل في توازن الأحداث، مع توفر سبعة
عوامل تحول دون اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، أولها التواجد المكثف للجيش الإسرائيلي
في الضفة الغربية الذي يمنع اندلاع هذه الانتفاضة، رغم توفر جميع العوامل
لانطلاقها".
وأضاف
أن "التواجد العسكري الإسرائيلي مرتبط بتوفير المعلومات الأمنية والاستخبارية،
التي تسفر عن إحباط هجمات فلسطينية يتم التحضير لها، ما يساهم في تحقيق الاستقرار
الأمني بالأراضي الفلسطينية، وكل ذلك يثبت جدواه في استمرار الهدوء الميداني".
وأشار إلى أن "العامل الثاني يتعلق بالتنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ما يوفر بنية تحتية من المعلومات الأمنية التي تحبط الجهود الساعية لإطلاق الانتفاضة،
فلديهما مصلحة مشتركة لمنع حماس من تحقيق تطلعاتها العسكرية ورفع رأسها بالضفة، وإحباط
تنفيذ هجمات مسلحة، لأن الأمن الفلسطيني اعتقل العشرات والمئات من مسلحي حماس، وكل
معلومة أمنية توفرها لإسرائيل تحبط العمليات والقنابل الموقوتة".
وأشار إلى أن "هناك عاملا ثالثا يتعلق باستمرار الانقسام بين فتح وحماس، بين قطاع غزة
والضفة الغربية، بما يعيق إطلاق كل تحرك جماهيري في الضفة الغربية، وتنظيم مواجهات
ميدانية، وهذا الانقسام يخدم الحكومة الإسرائيلية على الصعيدين السياسي
والأمني".
وشرح
قائلا إن "الانقسام الفلسطيني يعفي إسرائيل من مواجهة أي ضغوط دولية لاستئناف
المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، باعتبار أنها لا تمثل كل الفلسطينيين، لأن أبو
مازن ليس شريكا يمكن الوثوق به، فهو لا يضمن عدم استمرار إطلاق القذائف الصاروخية
على إسرائيل حتى بعد التوصل إلى اتفاق سياسي".
وزاد
أن "هذا الانقسام يفيد إسرائيل على الصعيد الأمني، لأنه استمراره
يعيق تشكيل المزيد من الأذرع العسكرية في الضفة الغربية، ويحول دون خروج مظاهرات
شعبية وجماهيرية، ما يزيد من اللغة المشتركة بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية،
لمنع تنفيذ المزيد من العمليات، وكل ذلك من شأنه عدم توفير أرضية مناسبة لإطلاق
انتفاضة ثالثة، على الأقل وفق النمط التقليدي".
وأكد
أن "العامل الرابع يتعلق بالاقتصاد الذي تشهده الضفة الغربية اليوم، فلا توجد
دبابات منتشرة، ولا صراع دام يجبي أثمانا بشرية باهظة، والفلسطينيون يذهبون
للعمل في إسرائيل، وهناك حركة نشطة في الأسواق، وكل هذه عوامل من شأنها أن تجعل أي
فلسطيني يفكر بتنفيذ عملية مسلحة بالتفكير مرة ومرات، لأنها قد تعرض حياته للخطر،
ومع ذلك فقد عشنا هذه الأوضاع الطبيعية في الانتفاضتين السابقتين، ولم تجد نفعا"!
وأضاف
أن "العامل الخامس يرتبط بالآثار الناجمة عن الانتفاضة الثانية التي ما زال
الفلسطينيون يعايشونها حتى اللحظة، لاسيما الجيل الكبير منهم، فهم ما زالوا
يتذكرون تلك الأيام، وما أسفرت عنه من فقدان مصادر دخلهم، وانهيار مؤسساتهم، واستهداف
مقار أجهزتهم الأمنية، فيما سيطر المسلحون على شوارع الضفة ومخيماتها، في حين أن
الجيل الفلسطيني الجديد لم يعش تلك الانتفاضة، وهو غير مصاب بالردع من إسرائيل".
وأوضح
أن "العامل السادس يعود إلى فقدان ثقة الفلسطينيين بالقيادة الفلسطينية، ويجعلهم
يتساءلون: من أجل من نقاتل إسرائيل؟ هل من أجل زيادة أرصدة المسؤولين الفلسطينيين وأولادهم ليحيوا حياة مرفهة خارج الأراضي الفلسطينية؟ مع أن حدثا ميدانيا ما قد
يقلب الأمور ظهرا على عقب".
وختم
بالقول إن "العامل السابع يتعلق بالزعيم الفلسطيني القادم خلفا لأبو مازن، الذي
لا يؤمن بالعمل المسلح، بكلمات أخرى هل هذا الزعيم سيواصل التمسك بسياسة عباس
الحالية، أم يعمل على توظيف العنف والهجمات المسلحة لتحقيق أهدافه"؟.