هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع بداية العام الجاري،
وكعادتها في كل عام، تقوم المؤسسات الاستخبارية ومراكز البحث الإسرائيلية بوضع ما
يسمى «قائمة المخاطر» على الدولة العبرية، منذ بضع سنوات، ومع وصول واستمرار رئاسة
بنيامين نتنياهو للحكومة، أجمعت معظم هذه التقارير والأبحاث على أن الخطر القادم
من إيران، ووكلائها في المنطقة، يعتبر التهديد الأساسي لدولة إسرائيل، لهذا كانت
سياسة الدولة تتجه نحو تطويق هذا الخطر، سواء لجهة الاعتراض على إدارة أوباما
عندما تم التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران، بالتوازي مع عقد سلسلة من
التحالفات الإقليمية، خاصة مع بعض الدول الخليجية التي بدورها بالغت في الخطر
الإيراني على أنظمتها، ورأينا أن توجهات التطبيع بين هذه الدول وإسرائيل، تتخذ من
الخطر الإيراني موحداً لجهود هذه الأطراف لمواجهة هذا الخطر المفترض.
مع بداية العام الجاري، ومع صدور التقييم
السنوي لشعبة الاستخبارات الإسرائيلية «أمان» ثار لغط حول تفسير ما جاء في التقييم
لجهة تحديد الخطر الأكبر الذي يواجه الدولة العبرية، وهناك إشارات أدت إلى ما يقال
عن انطباعات خاطئة حول مقاصد التقييم الحقيقية، وكان هناك سوء فهم جراء صياغة هذا
التقييم الذي يتحدث عن قدرة إيران على صنع قنبلة نووية خلال عامين، ومن خلال تفسير
اكثر من محلل سياسي وأمني إسرائيلي لدى وسائل الإعلام العبرية، وعلى الأخص المحلل
العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل، والمحلل العسكري في صحيفة «معاريف» طال ليف
رام، لرأينا عدم الوضوح والدقة في مضمون تقييم «أمان»، وربما يوحي ذلك أن المقصود
به عدم اليقين والتأكد من أين يأتي الخطر الأكبر على الدولة العبرية، هرئيل يتفق
مع رئيس «أمان» السابق، عاموس يدلين من أن إيران امتنعت عن صنع سلاح نووي، مع أنها
فضلت تأسيس قدرات «عتبة» تمكنها في المستقبل من اتخاذ مثل هذا القرار وتنفيذه، إلا
أن العد العكسي نحو سلاح نووي إيراني لم يبدأ بعد، وحسب هرئيل، فإن الخطوات
الإيرانية لإعادة عملية الحديث عن قدراتها النووية المتجددة، ما هو إلا تجميع نقاط
مهمة استعداداً لاستئناف المفاوضات حول هذا الملف، مع ذلك يشير إلى أنه لم يطلع
على التقييم كاملاً، ما أثار اللغط فيما إذا كان التقييم يستبعد فعلاً توجه إيران
لصنع سلاح نووي، ما يدفع إلى الاعتقاد أن هرئيل نفسه ليس واثقاً مما قد أشار إليه
فعلاً حول تفسير ما جاء في تقييم «أمان» حول خطر السلاح النووي الإيراني!
ولم يتشكك طال ليف رام، في تفسير التقييم
المشار إليه، من أن الخطر الأساسي على الدولة العبرية يأتي من إيران، لأنه أشار إلى
أن هذا التقييم يؤدي إلى استبعاد خطر الحلبة الفلسطينية، خاصة بعد إطلاق اربع
قذائف صاروخية باتجاه «غلاف غزة» قبل أسبوع، بعد أسابيع من الهدوء ما يذكرنا،
كإسرائيليين، بأن مشكلة غزة بعيدة عن نهايتها، وحتى مع جهود التهدئة فإن هذا الخطر
ما زال كبيراً، وأشار طال ليف رام إلى السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة بعد
اغتيال بهاء أبو العطا، إذ إن الغارات الإسرائيلية موجهة ضد أهداف لـ»حماس» فقط
التي تكبدت حسب قوله، أضراراً اقتصادية كبيرة، فخسرت أسلحة وورشات إنتاج، وهي
طريقة غير مباشرة تطالب بها إسرائيل حركة حماس بتحمل مسؤولية حكمها لقطاع غزة، إلا
أن ذلك، حسب «طال» لا يؤدي إلاّ إلى نتائج جزئية.
في مقابلة صحافية أجرتها «معاريف» في نفس يوم
نشر النقاشات حول تقييم «أمان» قال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية، إن
الخطر الداهم على الدولة العبرية يأتي من إيران التي تدير معركتها مع إسرائيل في
مجالين، النووي، والذراع التقليدية في كل من سورية ولبنان وربما العراق، وبذلك
يتجاهل يدلين تعقيب طال ليف رام، حول المخاطر القادمة من قطاع غزة!
(الأيام الفلسطينية)