روت هيئة الإذاعة
البريطانية "بي بي سي" قصة مهاجر أفريقي، قضى 20 عاما في
بريطانيا، على
متن
حافلات تجوب الشوارع ليلا، بعد رفض الحكومة طلب لجوئه.
وعرّف المهاجر نفسه
باسم "صني"، وهو نيجيري هرب من حكم بالإعدام في بلاده، بسبب آرائه
السياسية.
وأشارت "بي بي
سي" إلى أن "صني" يتذكر نفسه حين كان صغيرا يركع مصليا، بين جدران
خرسانية داخل سجن نيجيري، في انتظار تنفيذ حكم الإعدام، وجريمته هي النضال من أجل
الديمقراطية.
وقالت: "يدخل أحد
الحراس بعنف إلى الزنزانة، ويدفعه إلى السير عبر ممرات يسودها الصمت، ليخرج به حيث
كان ضوء الشمس يعمي العيون، تنتظره سيارة".
استطاع أقارب صني
وأصدقاؤه شراء حريته، بعد أن دفعوا رشوة للجميع، من مسؤولي السجن إلى مضيفة
الطيران على متن طائرة متجهة إلى لندن.
وكان صني قد حصل على
دورة تدريبية في صناعة الأفلام الوثائقية، واختار تناول موضوع يركز على حياة
المشردين في لندن، ولم يكن يتصور على الإطلاق أنه قريبا سيكون من بينهم.
ووضع رفض الحكومة
البريطانية، طلب لجوء "صني" أمام خيارين، إما العودة إلى الوطن الذي
تحكمه قبضة حديدية لحاكم عسكري، وتنفيذ حكم الإعدام عليه أخيرا، أو الاختباء.
وهكذا ظل صني 21 عاما
يتنقل على متن حافلات لندن، التي أدرك سريعا أنها أكثر أمانا ودفئا من الشوارع.
كانت كاهنة في إحدى
الكنائس أول من اشترت له بطاقة شهرية لدفع أجرة المواصلات مقدما، ودأبت على فعل
ذلك شهريا، على أن يتولى بعض الأصدقاء هذا الأمر حين تغيب.
وكان صني يتطوع للعمل
لدى الكنائس نهارا، وعندما كان ينتهي من عمله، كان يذهب غالبا إلى مكتبة ويستمنستر
لمتابعة الأخبار أو استكمال قراءة كتاب كان يقرأه.
ويقول إنه كان يطلب من
مديري المطاعم تقديم بعض الطعام له، وإنه نادرا ما كان يُرفض طلبه.
لا يلوم صني الحكومة
البريطانية على ورطته، فلو لم تكن بلاده سيئة للغاية، لما كان هنا بطبيعة الحال.
أخيرا، استطاع فريق
محاماة يتبع كنيسة نوتردام دو فرانس، قبالة ليستر سكوير، تقديم طلب بالنيابة عنه
للحصول على تصريح بالإقامة، الذي بموجبه يستطيع كل مَن يثبت إقامته المستمرة في
بريطانيا لمدة 20 عاما الحصول على حق الإقامة، بيد أن صني قضى كل ذلك الوقت بعيدا
عن السجلات الرسمية، متجنبا اكتشافه، فكيف يمكن إثبات أنه كان موجودا طوال تلك
الفترة؟
وتقول رسالة من وزارة
الداخلية: "نتفهم أن موكلكم بلا مأوى في الوقت الحالي، لكننا لا نزال نطلب
وثائق تثبت الإقامة المستمرة من عام 1995 حتى تاريخه. أدلة مثل فواتير خدمات وكشوف
بنكية وعقود إيجار".
طلب صني من سائقي
الحافلات الأكثر ودا أن يكتبوا له خطاب دعم، والتزم أحدهم، وأكد أنه (صني) كان
"من الركاب المنتظمين طوال الليل".
وقدمت الكنائس التي
تطوع صني للعمل بها على مر سنوات خطابات دعم، واستخرجت صورا قديمة تسجل حضوره في
المناسبات الخيرية.
كان صني في تلك الأيام
يلتقط الصور، وكان يستخرج من حقيبته كاميرا أُعطيت له للحديث عن قصته كجزء من
مشروع للتصوير الفوتوغرافي.
حصل صني عام 2017، في
سن 55 عاما، على تصريح بالإقامة في بريطانيا، بعد أن استغرقت الإجراءات مدة عام،
وأصبح لديه أخيرا حق المأوى والعمل والوجود، ويشعر بامتنان لذلك.
وحتى الآن في بعض
الأحيان يركب الحافلات ليلا لفترة طويلة كملاذ، إذ تظل مكانا لتفريغ عقله وراحته.