هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ينتظر الاقتصاد السوري مجموعة من الأزمات خلال العام الجديد 2020، تعد هي الأسوأ، ليبقى التحدي الأصعب مرتبطا بسبل مواجهتها، والتقليل من آثارها على السوريين.
وأعطت خسارة الليرة السورية لما يزيد عن 80 بالمئة من قيمتها خلال العام الراحل (2019)، إشارة لتراجعات وخسارات جديدة في العام الجديد.
وبالتوازي مع ذلك، تعاني غالبية المناطق السورية من أزمة محروقات خانقة، وتحديدا في مادتي الغاز والديزل.
ويرى عدد من الخبراء الاقتصاديين في حديثهم لـ "عربي21"، أن الأزمة الاقتصادية غير جديدة على سوريا التي تقترب أزمتها من دخول عامها العاشر، لكنها تفاقمت في العام الماضي 2019، ومن المتوقع أن تتدهور أكثر، لا سيما بعد توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قانون "قيصر" الخاص بحماية المدنيين في سوريا، والذي يجيز لأمريكا فرض مزيد من العقوبات على النظام السوري وداعميه.
من يسدد فاتورة الحرب؟
من جانبه، أكد الباحث بالشأن الاقتصادي السوري، أدهم قضيماتي، أن الاقتصاد السوري بشكله الحالي المتدهور، غير قادر على سداد تكلفة الحروب المشتعلة في شمال شرق سوريا.
وقال لـ"عربي21" إن حلفاء النظام "روسيا، وإيران" يمولون هذه الحرب مقابل السيطرة على الموارد السورية، ومن أهمها النفط والغاز، وتحديدا كميات الغاز الموجودة في حصة سوريا من مخزون الغاز في البحر الأبيض المتوسط.
وتابع قضيماتي، بأن داعمي النظام يحصلون مع كل يوم جديد على شيء من مقدرات الدولة السورية مقابل مواصلة دعم النظام عسكريا، ما يعني تكبيل الاقتصاد السوري باتفاقيات جائرة حتى عقود طويلة قادمة.
وحسب الباحث ذاته، فإن غياب أي وسيلة لردع النظام السوري عن بيع ما تبقى من موارد سورية للروس وللإيرانيين، فإن الحرب لن تتوقف.
وفي هذا السياق، قال "رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا"، الدكتور أسامة قاضي، إن مواصلة النظام السوري استغلاله موارد الاقتصاد لخدمة الحرب، وتعنته مستقويا بحلفائه، ستؤدي بالضرورة إلى تدمير سوريا.
أقرأ أيضا: الليرة السورية تواصل الانهيار وتسجل هبوطا تاريخيا جديدا
واستطرد في حديثه لـ"عربي21" بأن العقوبات الاقتصادية التي يفرضها "قانون قيصر" ستحاصر ما تبقى من الاقتصاد في مناطق سيطرة روسيا وإيران داخل سوريا.
وأوضح قاضي، أن العقوبات ستحاصر كل متعامل بالليرة السورية في الداخل السوري، و كل من لازال دخله معتمدا على خزينة النظام الخاوية إلا من عملة سورية، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من إفقار أكثر من 90 بالمئة من السوريين، والدفع بهم تحت عتبة الفقر المدقع.
ويجيز القانون الذي وقعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الشهر الماضي، فرض عقوبات على النظام السوري وداعميه، تشمل مسؤولين حكوميين وقادة عسكريين، وكذلك يجيز توسيع العقوبات ضد النظام لتشمل قطاعات رئيسة تتحكم باقتصاد الأسد، وعلى رأسها المصرف المركزي، وقطاع النفط.
ويفسح القانون المجال أمام فرض عقوبات على المرتزقة الأجانب من روسيا وإيران، وشخصيات عسكرية ومدنية رفيعة لدى النظام، بما في ذلك رئيسه بشار الأسد.
وعلى النسق ذاته، حمل الخبير الاقتصادي والمفتش المالي، منذر محمد، النظام السوري المسؤولية الكاملة عن الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعاني منه القسم الأعظم من الشعب السوري.
وقال لـ"عربي21"، إن جعل الاقتصاد في خدمة الحرب التي تقترب من دخول عامها العاشر، أدى إلى خسارة الدولة لمقدراتها، وأوصلها إلى حالة من الانهيار المدوي.
الضربة القاضية
وحسب محمد، فإن دخول "قانون قيصر" حيز التطبيق، يؤذن بانهيار كامل للاقتصاد في سوريا، مضيفا "من المرجح أن يدخل هذا القرار خلال الأشهر القليلة القادمة حيز التطبيق، وعلى ذلك نستطيع القول أن هذا القانون سيكون بمثابة ضربة قاضية لاقتصاد سوريا، أو للحالة الاقتصادية في سوريا".
وأوضح الخبير الاقتصادي والمالي، أن تطبيق العقوبات الأمريكية من شأنه خسارة الليرة السورية للمزيد من قيمتها، من دون أن يستبعد أن يتجاوز سعر الدولار الواحد الـ2000 ليرة سورية (1 دولار أمريكي= 900 ليرة سورية حاليا).
أقرأ أيضا: هل يتحمل اقتصاد سوريا مزيدا من الأزمات مع الضربات الغربية؟
وأكد محمد، أن ارتفاع سعر الصرف سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد المستوردة التي تتم بالدولار.
وأشار محمد، إلى أن بقاء الولايات المتحدة في سوريا، وعدم سحب قواتها من مناطق إنتاج النفط، قطع الطريق على النظام وداعميه بالحصول على مورد اقتصادي مهم، موضحا أن النظام في إطار بحثه عن بدائل للنفط لجأ إلى محاسبة رجال الأعمال وحتى المقربين منه، لدفعهم على المساهمة في سداد كميات من الديون الروسية والإيرانية.
وقال إن كل ذلك، يشير إلى أن الاقتصاد السوري في العام الجديد، سيكون الأسوأ على الإطلاق.
صراع أجنحة
ولم تختلف قراءة الباحث في الشأن الاقتصادي السوري، يونس الكريم، لمآل الاقتصاد السوري في العام الجديد، مؤكدا في حديثه لـ"عربي21" أن النظام السوري بات عاجزا تماما عن تدارك الوضع الاقتصادي والأزمات المركبة في مناطقه، بسبب طول فترة الحرب وكذلك بسبب التطورات المتعلقة بالحراك الشعبي في لبنان والعراق.
ويرى الكريم، أن الصراع ما بين أجنحة النظام السوري (موالاة لروسيا أو لإيران، حرس قديم وجديد) يعرقل البدء بإجراء إصلاحات اقتصادية حقيقية.