هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
منذ اليوم الأول لعام 2019، شهد السودان أحداثا متسارعة و"ساخنة"، امتدت سخونتها من المظاهرات الشعبية التي انطلقت قبل أيام قليلة من بدء العام، احتجاجا على ارتفاع سعر رغيف الخبز من جنيه إلى ثلاثة جنيهات، بالإضافة إلى ندرة دقيق الخبز والسيولة النقدية.
وسرعان
ما تطورت الاحتجاجات الشعبية وامتدت في الولايات السودانية، وبدأت بالمطالبة
بتغيير النظام برئاسة عمر البشير، إلا أن الأخير رأى أن ما تمر به البلاد
"مشكلة اقتصادية"، ووعد بالعمل على حلها، وتمسك الرئيس السوداني بإجراء
الانتخابات من أجل تحقيق أي تغيير بما في ذلك الحكومة.
الطوارئ وإقالة الحكومة
وبعد
أكثر من شهرين من التظاهرات والاحتجاجات ضد الحكومة والمطالبة بإسقاط النظام، أعلن
البشير في 22 شباط/ فبراير حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد، وطلب من البرلمان
تأجيل التعديلات الدستورية، التي كان من شأنها أن تسمح له بخوض انتخابات الرئاسة
لولاية جديدة، وحلّ حكومة الوفاق الوطني، وحلّ حكومات الولايات.
اقرأ أيضا: تحقيق لرويترز يتحدث عن فساد "حميدتي".. ملك الذهب
وفي
محاولة لاحتواء غضب الشارع السوداني، أعلن البشير في 8 آذار/ مارس الإفراج عن جميع
المعتقلات خلال التظاهرات، لكن الاحتجاجات تواصلت، وباتت الأوضاع الاقتصادية أكثر
تأزما، وتفاقمت أزمة السيولة رغم طباعة نقود جديدة.
سقوط البشير
وأمام
الإصرار الشعبي وتوجه الجماهير للاعتصام قرب مقر القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم،
أعلن وزير الدفاع السوداني الفريق الأول عوض بن عوف في 11 نيسان/ أبريل، عن
الإطاحة بالرئيس عمر البشير واعتقاله بعد 30 عاما من الحكم، وتشكيل "مجلس
عسكري انتقالي" يتولى إدارة الحكم لمدة عامين.
لكن
بعد اتهام المتحجين لابن عوف بأنه رفيق درب البشير منذ انقلاب عام 1989، تنازل ابن
عوف في 12 نيسان/ أبريل عن منصبه، واختار الفريق الأول عبد الفتاح البرهان رئيسا
للمجلس العسكري، وهو ما رفضته قوى إعلان الحرية والتغيير، وطالبت بتنحي النظام
ونقل السلطة لحكومة مدنية انتقالية فورا.
وفي
2 أيار/ مايو، أمر النائب العام المكلف في السودان باستجواب الرئيس المعزول عمر البشير،
في قضايا تتعلق بغسيل الأموال وتمويل "الإرهاب"، تزامنا مع خروج مئات
الآلاف من المحتجين للمطالبة بتسليم إدارة شؤون البلاد للمدنيين.
مجزرة فض الاعتصام
وتعثرت
المفاوضات في 19 أيار/ مايو بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري
الحاكم، بعد خلافات حول ممثلي الجيش والمدنيين في المجلس السياسي، الذي يحكم
البلاد في الفترة الانتقالية التي تبلغ 3 سنوات، وبدأت القوى بتنفيذ إضراب عام في
البلاد.
وفي
3 حزيران/ يونيو ارتكبت قوى الأمن السودانية مجزرة في ساحة الاعتصام أمام مقر
القيادة العامة للجيش بالخرطوم، ما أدى إلى سقوط ما يزيد على 100 قتيل، واتهمت قوى
إعلان الحرية والتغيير المجلس العسكري بمحاولة تأزيم الموقف والالتفاف على الثورة.
اقرأ أيضا: اتهامات لشيوعيي السودان بتكرار نماذج الإقصاء والاستبداد
وفي
7 حزيران/ يونيو قبلت قوى الحرية والتغيير باستئناف المفاوضات مع المجلس العسكري،
بوساطة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بشرط إقرار المجلس بمسؤوليته عن قتل
المتظاهرين أثناء فض الاعتصام، وأن يبدأ تحقيق دولي في هذه الواقعة، بالإضافة إلى
الإفراج عن مسجونين سياسيين.
وفي
12 تموز/ يوليو، أعلن المجلس العسكري الانتقالي في السودان، إحباط محاولة انقلاب،
نفذها عدد من الضباط ممن هم على رأس عملهم وآخرون متقاعدون، قبيل توقيع اتفاق مع قوى
إعلان الحرية والتغيير في 17 تموز/ يوليو، لوضع خارطة طريق للمضي قدما بالبلاد.
حكومة حمدوك
وجرى
التوقيع الرسمي على الإعلان الدستوري بين قوى "الحرية والتغيير" والمجلس
العسكري في 17 آب/ أغسطس، تمهيدا لبدء مرحلة انتقالية تؤدي إلى حكم مدني، وذلك
خلال احتفالية حضرها رؤساء دول وحكومات إفريقية، وممثلون عن الاتحادين الإفريقي
والأوروبي والولايات المتحدة، إلى جانب حضور وزراء ومسؤولين من دول خليجية وعربية.
وأدى
عبد الله حمدوك اليمين الدستورية رئيسا للحكومة السودانية الانتقالية في 21 آب/
أغسطس، أمام رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ورئيس القضاء، وتألف المجلس
من 11 عضوا، إلى جانب مجلس الوزراء، لقيادة المرحلة الانتقالية، التي ستدوم 39
شهرا.
وفي
5 أيلول/ سبتمبر، أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك تشكيل أول حكومة بعد
عزل البشير، تحت وطأة احتجاجات شعبية، وتكونت الحكومة من 18 وزيرا، وبدأت الحكومة
مفاوضات سلام في العاصمة جوبا، مع الحركات المسلحة.
تفكيك نظام البشير
ووقعت
الحكومة السودانية الانتقالية وفصائل "الجبهة الثورية" في 21 تشرين
الأول/ أكتوبر، على اتفاق لوقف إطلاق النار، في إطار خريطة جديدة تسمح باستئناف
محادثات السلام المتعثرة، وذلك في القصر الرئاسي بعاصمة دولة جنوب السودان جوبا،
وسمح الاتفاق بنقل المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي مزقتها الحرب في السودان
للمرة الأولى منذ ثماني سنوات.
وفي
28 تشرين الثاني/ نوفمبر، أقر مجلسا السيادة والوزراء في السودان، قانون تفكيك
نظام الرئيس المعزول عمر البشير ليصبح قانونا ساريا، وإزالة التمكين في مؤسسات الدولة.
وأجرى
رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في بداية كانون الأول/ ديسمبر، زيارة إلى الولايات
المتحدة، وهي الأولى لمسؤول سوداني رفيع منذ انقطاع العلاقات بين البلدين قبل 23
عاما، وجرى خلالها الاتفاق على عملية تبادل السفراء بين الجانبين، ويسعى السودان
لإزالة اسمها من القائمة التي تصنفها الولايات المتحدة بأنها من الدول الراعية
لـ"الإرهاب".
وفي
14 كانون الأول/ ديسمبر، حكم القضاء السوداني، بالتحفظ علي الرئيس السوداني المعزول
عمر البشير، المتهم بالفساد، لمدة عامين في مؤسسة الإصلاح الاجتماعي ومصادرة
أمواله المضبوطة.