مقالات مختارة

إلى أين تسير أزمة السودان الاقتصادية؟!

محجوب صالح
1300x600
1300x600

النهج الذي تسير عليه الحكومة السودانية حتى الآن، أبعد ما يكون عن الطريق الذي اقترحناه (إجراءات توقف التدني المستمر في قيمة العملة الوطنية وتبني نهج الشفافية الكاملة)، وما زال السكوت هو سيد الموقف، وسعر الدولار يتصاعد كل صباح، وليس هناك أي رد فعل حكومي البتة، أو محاولة لتطمين المواطنين، وأسعار السلع الضرورية في زيادة يومية، دون أن يسمعوا عن أية محاولات للحل، أو لتثبيت الأسعار، ولا نسمع عن اجتماعات للقطاع الاقتصادي مخصصة لبحث معاش الناس، ولا بيانات حول ماذا حققت اتصالات الحكومة الخارجية من نجاحات، أو فشل في علاج الأزمة الاقتصادية، ويجتمع أصدقاء السودان في الخرطوم، وتبشرنا الحكومة بأنهم سيبحثون أمر دعم الاستثمار في السودان، وسيدعمون الميزانية القادمة، ثم ينفض الاجتماع دون كلمة عن استعدادات محددة، ولا أرقام لدعم تعهدوا به، كل ما قالوه هو أنهم سيدعمون الميزانية في نيسان/أبريل المقبل، ولا نعرف لماذا اختاروا نيسان/أبريل تحديدا، ولكننا نعرف أنه في نيسان/أبريل تكون سنة الميزانية قد انقضى ثلثها وانكشفت عوراتها الاقتصادية، بينما غاب الدعم الذي كان من الممكن أن يصلح الحال، وأن يعالج بعض أوجه الخلل في الميزانية.
وفي غيبة المعلومات المؤكدة من جانب الحكومة، نشطت سوق التكهنات والتسريبات، خاصة بالنسبة لقضية بالغة الأهمية، هي قضية الدعم، كل تصريحات الحكومة تشير إلى أنها ضد الدعم الذي يحدث تشويها في الواقع الاقتصادي، خاصة أن جزءا كبيرا من الدعم يذهب لغير مستحقيه، مؤكدة أنها لا تعتزم سحب الدعم في الميزانية الجديدة، ولكنها تفكر في حلول توجه الدعم تحديدا للفئات الضعيفة، بطريقة تضمن وصول الدعم فعلا لمستحقيه فقط، دون أن يستفيد منه أصحاب الدخول العالية الذين لا يحتاجون له.
ولكن، مع تكرار الحكومة مرارا لهذه التصريحات، فقد نشرت تسريبات تقول إن رفع الدعم لن يحدث عند إعلان الميزانية الأسبوع المقبل، ولكنه سيطبق على المحروقات خلال السنة المالية، بحيث لا يعلن في كانون الثاني/يناير، ولكنه يعلن جزئيا في نيسان/أبريل، ويطبق فورا، وإن رفعا آخر مقرر لآب/أغسطس المقبل، ولا أحد يعرف مدى مصداقية هذه التسريبات، لكن الحكومة من جانبها أعلنت أنها ستدير حوارا مع المواطنين وأصحاب المصلحة حول مسألة الدعم وكيفية التعامل معه، باعتباره يشكل ضغطا غير محتمل على الميزانية، ويحدث تشوها كبيرا في الوضع الاقتصادي، ومع ذلك فأكثر الدعم يذهب لغير مستحقيه.
لا أحد يتمسك بالدعم إذا كان من الممكن أن يحتمل الوضع الاقتصادي للمواطنين رفعه، ولكن الحكومة تعرف تماما، أن الدعم يطال سلعا ضرورية واستراتيجية، وأن أي ارتفاع في أسعارها يزيد أسعار سلسلة من السلع الأخرى والخدمات، وبيع الوقود بسعره الحقيقي العالي والمتقلب في السوق العالمي سيرفع قيمة المحاصيل الزراعية، حتى تلك الموجهة للسوق المحلي إلى مستوى فوق القدرة الشرائية للمواطن، وفي بلد نصف سكانه يعيشون تحت خط الفقر، فإننا نعرّض حياتهم للخطر لو حرمناهم من السلع الضرورية التي يتجاوز سعرها قدرتهم الشرائية، بل زيادة سعر المحروقات يضعف الموقف التنافسي للمحاصيل السودانية في السوق العالمي.
ومهما كان إصرار البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على الرفع الفوري للدعم، فإن الواقع على الأرض في السودان لا يسمح بذلك، والحكومة ظلت تتحدث عن أنها ستطرح مشروعا يوجه الدعم النقدي لمستحقيه فعلا، وإنهاء التشوهات الناتجة عن دعم السلع، ولكنها حتى الآن لم تطرح هذا المشروع لنقاش عام، وقد وعدنا وزير الإعلام بطرح القضية للمناقشة هذا الأسبوع، وما زلنا في الانتظار، وربما كان الأجدى أن تطرح الحكومة خطتها الاقتصادية بكاملها، وليس الدعم وحده، لنقاش عام، بل وربما كان الأفضل أن تعقد مؤتمرا اقتصاديا جامعا تطرح فيه الحكومة رؤيتها الاقتصادية، وتسمع لرأي الاقتصاديين السودانيين، وغيرهم من أصحاب المصلحة في خطة الحكومة، لعل الحوار يوصلنا إلى خطة يتوافق عليها الجميع.

 

(العرب القطرية)

1
التعليقات (1)
عبدالله محمد علي
الخميس، 02-01-2020 08:16 ص
الواضح أن هذه الحكومة ليس لها خطة ولا تستطيع أن تدير هذا البلد ومشاكله المتعددة 1/ الوضع الاقتصادي 2/ السيولة حتي لو كانت من الوضع الاقتصادي 3/ رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب 4/ مفاوضات السلام ذات المسارات المتعددة 5/ تثبيت الوضع.الأمني ودرء التفات الأمني في الخرطوم 6/ تدهور الوضع الأمني في غرب دارفور وهروب المواطنين لتشاد 7/ تململ المواطنين من استفزاز وزراء الحكومة للدين الإسلامي والقرآن 8/ إلغاء المنظمات العاملة والتي تدعم الأيتام والفقراء والذين فقدوا دعمهم الذي كان يصل لهم بانتظام من الخارج علي الحكومة الانتباه وحل كل هذه المعضلات والترتيب للانتخابات والتفكير في إعادة الدستور للعمل قبل الانتخابات لأن ذلك سيجعل الوضع القانوني أكثر شفافية من الوضع القانونى المضحك الحالي م عبد الله