حقوق وحريات

هل يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي انتهاك حقوق الإنسان؟

هل يمكن للذكاء الاصطناعي تمييز الصواب من الخطأ؟ - أرشيفية
هل يمكن للذكاء الاصطناعي تمييز الصواب من الخطأ؟ - أرشيفية

ليس الإنسان وحده المتهم بانتهاك حقوق أخيه الإنسان، لكن الاتهامات أيضا بدأت تتوجه إلى "الذكاء الاصطناعي" و"الخوارزميات"، وإن كان البعض يعيد الاتهامات من جديد لمن كتب هذه المعادلات الرياضية بالأصل.

فهل يمكن فعلا للذكاء الاصطناعي أن ينتهك حقوق البشر، وأن يقرر الصواب من الخطأ؟ ومن يتحمل وزر الخطأ إن حصل من كتب "خوارزميات" الآلة أم الآلة نفسها؟

وكانت آخر مظاهر انتقاد "الخوارزميات" واتهامها بالتمييز على أساس الجنس، ما كتبه المستثمر الأميركي، ديفيد هاينماير هانسون، في تغريدة عبر تويتر بأن "أبل كارد برنامج ينطوي حقا على تمييز جنسي"، بعد أن قررت "خوارزميات" الشركة أنه مؤهل لنيل حد أقصى من القروض أعلى بعشرين مرة من ذلك المتاح لها.

وإثر التغريدة، فتحت هيئات الرقابة المالية في نيويورك تحقيقا في شأن اتهامات بالتمييز الجنسي موجهة إلى مجموعة "أبل" العملاقة.

 

اقرأ أيضا: تحقيق بتمييز جنسي في خوارزميات "أبل" ضد النساء

وليس الجنس هو الأساس الوحيد الذي وجهت الاتهامات فيه لشركات التكنولوجيا العملاقة بالتمييز عبر معادلاتها الرياضية التي تتحكم في ما ينشر، ولا ينشر على منصات التوصل الاجتماعي على سبيل المثال.

فقد وجهت اتهامات واسعة لموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بحجب المحتوى الفلسطيني على صفحاته، وإغلاق بعض الصفحات، بحجة أنها تخالف قواعد "مجتمع فيبسوك".

ومن المؤكد أن الجهد البشري في حذف المنشورات وحجب الصفحات ليس هو العامل الأكبر، بل المعادلات الرياضية التي وضعها القائمون على المواقع لتمييز الصواب من الخطأ، والتصرف على هذا الأساس.

وكانت منظمة "سكاي لاين" الدولية قالت وقتها إن إدارة "فيسبوك" نفّذت حملة واسعة ضد حساباتٍ وصفحاتٍ فلسطينية، استهدفت إغلاقها وحظرها، خلال الأيام الماضية.

وقالت المنظمة بحسب ما اطلعت عليه "عربي21" إنها تنظر لهذه الإغلاقات بأنها انتهاك لحق التعبير عن الرأي، حيث تتستر شركة "فيسبوك" بادعاء "ارتباط الحسابات بالإرهاب"، بحسب بيان المنظمة.

وحاول النشطاء الذين تأثرت صفحاتهم وقتها كتابة المنشورات بتغيير بعض الكلمات، وإضافة رموز بين الأحرف، وتجنب عبارات معينة، في محاولة للتحايل على "الذكاء الاصطناعي" وأملا في ألا تطالها "الخوارزميات".

البيانات هي الأساس

خبير أمن المعلومات والاتصال الرقمي، الدكتور عمران سالم، أشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن الذكاء الاصطناعي يستطيع عمل كل شيء، من ناحية القدرة.

ولفت إلى أنه لا مستحيل إذا ما توفرت المعلومات والبيانات للمستخدمين، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في البنوك، والشركات من قبيل بطاقات الائتمان والرواتب من بين أمور أخرى.

وأكد أن الخوارزميات تتخذ القرارات بناء على هذه المعلومات، والهدف منها هو اتخاذ قرار بشأن منح القرض من عدمه لشخص ما، أو حذف منشور أو السماح به على منصة ما، أو إظهار منشور معين أكثر من غيره.

وشدد على أن الشرط هو وجود المعلومات، وهي متوفرة بطبيعة الحال لدى الشركات الكبرى، وعليها تنبى المعادلات الرياضية للذكاء الاصطناعي لتمكينه من اتخاذ القرار.

وعن الاتهامات لهذه الشركات بكتابة خوارزميات تميز بين الناس على أسس معينة، قال سالم إنه لا يمكن الجزم بذلك ما لم تعترف الشركة، أو تثبت التجربة ذلك.

واستدرك قائلا: "بعض الظواهر تؤكد أن هنالك خوارزميات تعمل بشكل صحيح وواضح أنها عميقة".

ذكاء قاتل

وليس الحق في التعبير أو ما شابه هو الوحيد الذي تطاله المخاوف، بل أحيانا الحق في الحياة، الذي يهدده الذكاء الاصطناعي، بسبب دخوله في مجال الأسلحة التي تقرر من يعيش ومن يموت أيضا.

وفي العام السابق، أيد 26 بلدا صراحة حظر الأسلحة ذاتية التحكم. كما طالب آلاف العلماء وخبراء الذكاء الاصطناعي، وأكثر من 20 من الحائزين على جائزة نوبل للسلام، وأكثر من 160 من القادة الدينيين ومنظمات من مختلف الانتماءات بالحظر.

وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، فقد دعت البلدان في اجتماعات "الأسلحة التقليدية" إلى الاحتفاظ بأحد أشكال الرقابة البشرية على استخدام القوة.

يذكر أن "شرط مارتنز" الوارد في "القانون الدولي الإنساني" ينصّ على ضرورة الحكم على التكنولوجيات الناشئة اعتمادا على "مبادئ الإنسانية" و "الوعي العام".

وتعهدت شركة "غوغل" بعدم استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الأسلحة العسكرية، أو أي شيء قد يضعف حقوق الإنسان، لكنها نفسها أيضا متهمة بأنها تنتهك هذه الحقوق.

وحذرت منظمة العفو الدولية، في تقرير جديد لها، من أن المراقبة التي تقوم بها شركتا "فيسبوك" و"غوغل" في كل مكان لمليارات الأشخاص إنما تشكل تهديداً ممنهجاً لحقوق الإنسان؛ بينما طالبت بحدوث تغيير جذري في صلب نموذج أعمال عمالقة التكنولوجيا.

ويوضح عمالقة المراقبة كيف أن نموذج العمل المستند إلى المراقبة من قبل الشركتين يتعارض بطبيعته مع الحق في الخصوصية، ويشكل تهديدًا ممنهجاً لمجموعة من الحقوق الأخرى بما في ذلك حرية الرأي والتعبير، وحرية الفكر، والحق في المساواة وعدم التمييز.

 

اقرأ أيضا: غوغل تتعهد بعدم تطوير أسلحة الذكاء الاصطناعي

وقالت المنظمة إن منصات "غوغل" و"فيسبوك" تعتمد على خوارزميات تقوم بمعالجة كميات هائلة من البيانات لاستنتاج خصائص مفصلة بشكل مذهل عن الأشخاص، وصياغة تجربتهم عبر الإنترنت. ثم يدفع المعلنون المال لفيسبوك وغوغل لتمكينهم من استهداف أشخاص بالإعلانات أو برسائل محددة.

وقال الأمين العام للمنظمة، كومي نايدو: "يجب عدم السماح لفيسبوك وغوغل أن يفرضا علينا طريقة تواصلنا على الإنترنت. لقد اختارت هذه الشركات نموذجًا محددًا لأعمال المراقبة يؤثر على الخصوصية وحرية التعبير وحقوق الإنسان الأخرى.

وليس موقع "تويتر" بمنأى عن الاتهامات، إذ سبق أن وجه النشطاء اتهامات إلى إدارة موقع "تويتر" بالتلاعب في قيم الوسوم وقوائم أعلى الوسوم تداولا في مصر، وذلك بعد اختفاء وسم #نازلين_الساعة_تلاته الذي دشنه رجل الأعمال محمد علي.

ويتهم النشطاء "تويتر" بإزالته الوسم من قائمة أعلى الوسوم تداولا ،وتقديم وسوم أخرى رابطين ذلك بوجود مكتب "تويتر" في الشرق الأوسط بدولة الإمارات.

يذكر أن تقرير أخيرا لمنظمة "فريدوم هاوس" لاحظ تراجعا في الحرية على الإنترنت في 33 دولة حول العالم، من بين 65 دولة شملها، مع ملاحظة تراجع واضح في السودان على سبيل المثال.

وأشار إلى جهود بعض الدول في فرض رقابة أوسع ومحاولات للتحكم في الإنترنت في عدد من البلدان، أبرزها الصين والسعودية وإيران.

التعليقات (0)