سياسة عربية

وفد قطري يضم شخصيات رسمية في الرياض قريبا

خبير: نشهد سلسلة مبادرات دبلوماسية مثيرة للاهتمام من السعودية وحلفائها بهدف تحديد طرق للخروج من الصراعات الإقليمية
خبير: نشهد سلسلة مبادرات دبلوماسية مثيرة للاهتمام من السعودية وحلفائها بهدف تحديد طرق للخروج من الصراعات الإقليمية

كشفت وكالة الأنباء الفرنسية عن قرب وصول وفد قطري يمثل شخصيات رسمية إلى الرياض، فيما سيزرو مسؤول من الجامعة العربية قطر لحضور مؤتمر خلال كأس الخليج، ما يؤذن بقرب انفراج الأزمة الخليجية.

 

ويمثّل قرار السعودية وحليفتيها الإمارات والبحرين المشاركة في بطولة لكرة القدم في قطر، مؤشرا على احتمال وجود رغبة لدى المملكة لإنهاء الأزمة الدبلوماسية مع جارتها الثرية والتخفيف من حدة سياستها الخارجية.


ومنذ وصول الأمير محمد بن سلمان إلى مواقع قيادية في الحكم، اعتمدت الرياض سياسة هجومية بدأت بتدخل عسكري في اليمن، واعتمدت مقاطعة لقطر ومواجهة مع الخصم اللدود إيران. 


لكن الهجمات الأخيرة ضد منشآت شركة أرامكو في أيلول/سبتمبر الماضي، والتوترات الإقليمية التي تسبّبت بها سياسة واشنطن المتشدّدة ضد طهران، يبدو وكأنها تدفع السعودية نحو بعض الاعتدال في استراتيجيتها الهجومية.


ويقول الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن حسين أبيش لوكالة فرانس برس: "السلام لن يزهر بين ليلة وضحاها، لكننا نشهد سلسلة مبادرات دبلوماسية مثيرة للاهتمام من السعودية وحلفائها، بهدف تحديد طرق للخروج من الصراعات الإقليمية العسيرة".


وأضاف: "وصلوا إلى طرق مسدودة في سياسات مقاطعة قطر، والحرب في اليمن، والتدهور الخطير بشكل كبير مع إيران. في ظل هذه الظروف، تبدو الدبلوماسية والمصالحة الخيار الواضح بدل استخدام التكتيكات العدائية".


وقرّرت السعودية والإمارات والبحرين الثلاثاء مشاركة منتخباتها لكرة القدم في بطولة كأس الخليج العربي في الدوحة، ابتداء من 26 تشرين الثاني/نوفمبر رغم المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية للإمارة الثرية منذ حزيران/يونيو 2017.


وتواصل الدول الثلاث، إضافة إلى مصر، قطع العلاقات مع قطر ومنع مرور طائراتها في أجوائها، متّهمة إياها بدعم تنظيمات متطرّفة، وهو ما تنفيه الدوحة.


وفي مؤشرات أخرى على تقارب محتمل، سيزور مسؤول في جامعة الدول العربية التي تتخذ من القاهرة مقرا، الدوحة للمشاركة في مؤتمر خلال فترة بطولة الخليج، ما يزيد الآمال بإمكانية ولادة وساطة.

 

كما من المقرّر أن يزور وفد قطري يضم شخصيات رسمية الرياض في الأيام المقبلة، بحسب مصادر مطّلعة على فحوى الزيارة.

 

"كأن شيئا لم يكن"

 

في المقابل، يرى المحلل الخبير في شؤون الشرق الأوسط أندرياس كريغ، أن الخطوات التصالحية قد تكون مؤقتة فقط؛ كون القطريين "لن يتنازلوا عن القضايا الرئيسية".


ويقول لوكالة فرانس برس، إنّ السعوديين "يريدون أن تعود الأمور إلى ما قبل أيار/مايو 2017 (بداية الأزمة) كأن شيئا لم يكن، لكن هذا الأمر لن يتحقّق".


على خط آخر، قال مسؤول سعودي لصحفيين الأسبوع الماضي، إنّ الرياض تقيم "قناة مفتوحة" مع المتمردين الحوثيين في اليمن للعمل على إنهاء الحرب.


وبدأت السعودية في آذار/مارس 2015 حملة عسكرية على رأس تحالف لمواجهة المتمردين المدعومين من إيران، آملة في القضاء على الحوثيين خلال أشهر، إلا أنها وجدت نفسها عالقة في مستنقع وحرب طويلة تسبّبت بأزمة إنسانية كبرى في البلد الفقير.


وفي بادرة انفراج، أوقف المتمردون هجماتهم ضد المملكة منذ نحو شهرين، في وقت تجنّبت الرياض تأكيد أو نفي وجود محادثات مع إيران لخفض التصعيد.


وفي هذا الصدد، قال مسؤول كويتي مؤخّرا إنّ بلده نقل رسالة إيرانية إلى السعودية والبحرين تتعلق بالتوترات في منطقة الخليج.


ويرى مراقبون أنّ الرياض قد تكون لها يد عليا في المفاوضات، إذ إنّ طهران تواجه عقوبات أمريكية مشدّدة وضغوطا دولية متصاعدة منذ أن استأنفت نشاطاتها النووية في مواقع مهمة.


ويرى أبيش أنّه في ظل "الظروف الحالية، تشعر السعودية التي رفضت لسنوات التفاوض مباشرة مع إيران، أنّها مجبرة على استكشاف ما قد تنتجه الدبلوماسية".


ويتابع أنّ "مصاعب إيران تشجّع السعودية على دراسة اتفاق مع الحوثيين في اليمن، مبني على شروط معقولة لمحاولة (...) إخراج نفسها من الصراع الذي وصل إلى طريق مسدود".


استقرار وهدوء 


وكانت الهجمات ضد أرامكو وناقلات النفط في مياه الخليج بمنزلة إنذار أن للسياسة الخارجية الهجومية ثمنا.


ويقول باحث إقليمي تحدّث شرط عدم الكشف عن هويته: "سيحتاج السعوديون إلى استراتيجية لحفظ ماء الوجه؛ لأن سياستهم العدوانية في قطر واليمن وإيران لم تسفر عن النتائج المرجوة".


ويتابع: "لن يخاطروا بإخراج التغييرات في السياسة إلى العلن، إلا إذا كانت نتائج النجاح مضمونة".


وقد يسهم تراجع التوترات الإقليمية في مساعدة الرياض على تجنّب صراع شامل.


وتقول الباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية تشينزيا بيانكو: "تسعى السعودية إلى وقف التصعيد (...) وقد استجابت الرياض للرسائل التصالحية من جانب طهران".


وتستبعد "وقوع هجوم آخر في ظل استمرار محاولات إجراء الحوار".


ويقول مراقبون، إنّ التغيير في السياسة قد يكون أكثر ارتباطا بتهيئة الظروف لإدراج أرامكو في السوق المالية.


ويوضح كريغ أنّ "الاكتتاب العام الأولي لأرامكو، يؤدي بالتأكيد دورا لدى السعوديين الراغبين في إبراز الاستقرار والهدوء" في البلاد.

 

اقرأ أيضا: MEE: هذه بوادر ذوبان جليد الحرب الباردة بين قطر والسعودية

التعليقات (0)