هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ثورات الخبز العربية تضرب
دون سابق إنذار على الرغم من أن العوامل الرئيسة المساهمة في اندلاعها تراكمية،
وإن حاول النظام السياسي تجاهلها.
ثورات الخبز العربية بدأت في سبعينيات القرن
الماضي، وتواصلت بوتيرة ضعيفة، أو لفترات محدودة، وانتهت بقرارات سياسية تراجعت
فيها الأنظمة عن قرارات اقتصادية كانت سببا فيها.
في كانون الثاني 1977، اندلعت تظاهرات شعبية
في مصر احتجاجا على رفع أسعار المواد الاستهلاكية بهدف تخفيض العجز في الميزانية،
بناء على مطالب صندوق النقد والبنك الدوليين. وكان رفع أسعار الخبز بنسبة 50% دفعة
واحدة المحرك لاندفاع المواطنين إلى الشارع.. انتفاضة المصريين ليومين، التي أطلقت
الحكومة عليها «ثورة الحرامية» توقفت بالتراجع عن رفع الأسعار وإبقاء الدعم
الحكومي.
تظاهرات الخبز في سبعينيات وثمانينيات القرن
الماضي اندلعت في دول عدة منها تونس في العام 1984 والمغرب في العام 1984 والجزائر
في العام 1986 والأردن في العام 1989.
الاقتصاديات العربية ضعيفة بمجملها، وهشة
وقائمة على المساعدات الخارجية ولم تتطور خلال العقود الماضية، بل ازدادت هشاشة
وضعفا. باستثناء اقتصاديات الخليج القائمة على الاقتصاد الريعي القائم على استغلال
ثروات باطن الأرض، وعلى رأسها البترول، وتوزيعها بالطريقة التي تراها مناسبة، دون
إحداث تحول حقيقي يفضي إلى اقتصاد إنتاجي. وبالتالي فإن معظم اقتصادات الدول
العربية تزداد ضعفا مع ازدياد عدد السكان، وانخفاض نصيب الفرد من الدخل القومي.
حيث إن كثيرا من المتذمرين يقولون إن الأوضاع الاقتصادية قبل عقدين كانت أفضل من
اليوم.
لكن في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية
حصل التحول المفصلي مع الثورات العربية، حيث انطلقت الشعلة من تونس، ولسبب اقتصادي
عنوانه الفقر والبطالة، وكان عود كبريت كافيا لأن يشعل بائع بسطة النار في جسده
فتندلع الثورة، وتمتد لدول أخرى انتهت بسقوط أنظمة اعتقدت لفترة طويلة أنها راسخة.
نيران الثورة امتدت إلى مصر ثم ليبيا واليمن
وفي الأشهر الأخيرة إلى الجزائر والسودان ولبنان وربما في الأشهر المقبلة إلى
مناطق أخرى إذا ما تواصلت حالة الإفقار والبطالة.
قد يقول البعض إن الثورات كانت تبحث عن
الديمقراطية وهذا مطلب ثانوي وليس أساسيا لأن المطلب كان وما زال الخبز، وهذا
تؤكده الشعارات التي رفعت وما زالت ترفع في الثورات، وحتى المطالبة بإسقاط الأنظمة
جاء على قاعدة الفساد والإفساد.
بالنسبة للحالة الفلسطينية، الأمر فيه اختلاف
عن باقي الدول العربية بسبب ارتباط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي من
جهة، إضافة إلى عوامل خارجية تبعدنا عن حافة الهاوية الاقتصادية.
فلسطينيا أيضا هناك حالة الانقسام التي أدت
إلى وضعين اقتصاديين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
في الضفة الغربية دخل الفرد أفضل من القطاع،
ولكن كلما تدهورت الأوضاع الاقتصادية يكون هناك تدخلات من أجل عدم الوصول إلى حافة
الهاوية.
فعلى سبيل المثال، عندما لاحظت سلطات الاحتلال
تدهور الأوضاع الاقتصادية مع عدم تمكن السلطة من دفع الرواتب، فتحت الأبواب أمام
العمالة الفلسطينية حيث وصل عدد العمال الفلسطينيين في الداخل إلى أكثر من 170 ألف
عامل من الضفة الغربية، دخل العامل منهم أكثر بثلاثة أو أربعة أضعاف دخل موظف
السلطة من درجة مدير أو أدنى. حتى أصبح دخل العمال المحرك الرئيس للاقتصاد خلال
الأشهر الماضية وبالتالي حال دون انهيار الوضع الاقتصادي.
في قطاع غزة كان البديل عن العمل داخل الخط
الأخضر هو حقائب المال التي تصل من قطر، بموافقة إسرائيلية حتى لا ينهار اقتصاد
القطاع، وبالتالي مواجهات مباشرة مع الاحتلال لا يرغب فيها.
الاقتصاد الفلسطيني بحاجة إلى رافعة وطنية
واجتثاث الفساد والمفسدين من أجل الحفاظ على قضيتنا.. حتى لا نصل بعد سنوات إلى ما
تعانيه البلاد العربية.
عن صحيفة الأيام
الفلسطينية