هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أبدت أوساط سورية معارضة ترحيبا حذرا بالاتفاق التركي الروسي على تسيير دوريات مشتركة في المناطق التي ستنسحب منها قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، في شرق الفرات حتى عمق 32 كيلومترا، وفي ريف حلب (تل رفعت، منبج).
وكان الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، توصلا إلى اتفاق جديد، خلال اللقاء المطول في سوتشي، مساء الثلاثاء.
ووفق بنود الاتفاق، تتولى روسيا مهمة إخراج "قسد" وأسلحتها حتى مسافة 30 كيلومترا عن الحدود التركية، تليها تسيير دوريات مشتركة غرب وشرق منطقة "نبع السلام"، أي المنطقة الممتدة بين مدينتي رأس العين وتل أبيض بعمق 32 كيلو مترا، والتي ستبقى تحت السيطرة التركية.
وتتضمن بنوده، إخراج "قسد"، مع أسلحتها من منبج بريف حلب الشرقي وتل رفعت بريف حلب الشمالي خلال 150 ساعة.
رئيس المكتب السياسي في تل رفعت، بشير عليطو، قال في حديث خاص لـ"عربي21" إن الاتفاق شكل مبعث ارتياح، كونه سيرغم "قسد" على الانسحاب من منطقة تل رفعت، الانسحاب الذي سيمهد لعودة السكان إلى المدينة.
مجالس محلية
وفي قراءته لبنود الاتفاق، أضاف: "الاتفاق كان واضحا لجهة انسحاب "قسد" من مدينتي منبج وتل رفعت، غير أن الإجراءات التي ستعقب الانسحاب، والجهة التي ستتولى إدارة المدينة وغيرها من التفاصيل الأخرى لا زالت غامضة".
اقرأ أيضا: أردوغان: أبلغني بوتين أن "قسد" لن تتواجد تحت عباءة نظام الأسد
واستدرك عليطو بالإشارة إلى الاتفاق المبدئي غير المنجز، الذي توصلت إليه تركيا وروسيا في صيف العام الماضي حول تل رفعت، موضحا أن "بنود الاتفاق في حينها، كانت تنص على انتشار عسكري روسي تركي في المدينة، وحصر حمل السلاح بهما فقط، أي اعتبار المدينة منطقة "منزوعة السلاح"، وإدارتها من قبل مجلس محلي يتم تشكيله بالاتفاق بين روسيا وتركيا".
وأردف عليطو، بأن أغلب التوقعات تشير إلى إعادة تفعيل ذلك الاتفاق، وتطبيقه في منبج وتل رفعت، وسريان ذلك إلى حين التوصل إلى حل سياسي شامل للملف السوري.
وبسؤاله عن احتمال دخول قوات النظام إلى هذه المناطق، قال: "الواضح أن تركيا حرصت على استثناء القامشلي من الاتفاق بسبب وجود النظام فيها، فهي لا تريد أن تنسق مع النظام عسكريا، وغالبا هي ترفض الأمر ذاته في منبج وتل رفعت، ولذلك سيقتصر الوجود العسكري في هاتين المنطقتين على تواجد الشرطة العسكرية الروسية، والجيش التركي".
صيغة غير مرضية
ومقابل ذلك، لم تستبعد مصادر أن يكون الاتفاق قد نص على إلحاق منبج وتل رفعت إداريا للنظام السوري، والتوصل إلى صيغة مرضية للجميع "النظام، المعارضة، روسيا، تركيا".
وأوضحت المصادر المطلعة في حديثها لـ"عربي21" أن الصيغة لن تكون مرضية لكل الأطراف، غير أنها ستضمن عودة جميع السكان، من دون أن توضح أكثر.
الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد أحمد حمادة، قال لـ"عربي21": لا زالت هناك العديد من التفاصيل غير الواضحة، غير أن ما يمكن قراءته أن تركيا وروسيا اتفقتا على صيغة لملأ الفراغ، بعد إجبار "قسد" على الانسحاب.
اقرأ أيضا: مسؤول أمريكي: قسد انسحبت من المناطق الآمنة ونحذر الأتراك
وبسؤاله عن قدرة روسيا على إرغام "قسد" على تطبيق ذلك، قال: لا تملك قسد الخيرة من أمرها، فهي باتت وحيدة بعد تخلي الولايات المتحدة عنها، وروسيا قادرة على الضغط عليها لدفعها إلى تطبيق بنود الاتفاق، وكذلك دفعها نحو عقد اتفاقات مع النظام السوري.
من جانبها، تبدو "قسد" ممتعضة من الاتفاق التركي- الروسي، حيث أعلن قائدها العام "مظلوم عبدي"، أنهم لن يعتمدوا على روسيا ولن يسمحوا لها بإجراء تغييرات في المنطقة.
وفي تصريحات لإذاعة "صوت أمريكا"، أضاف عبدي، أنه لا يمكن لهم الاعتماد على روسيا لكونها حليفة دمشق وتنسق مع تركيا، مشيرا إلى أن السياسة الروسية تقوم على دعم النظام السوري وليس حماية الكرد في المنطقة.
وأشار عبدي إلى أن لديهم خبرة وتجربة سابقة مع الروس، ولا سيما في عفرين، حيث سمحت موسكو لأنقرة بالتوسع في المنطقة، وعليه فأنه لا يمكن لهم أن يعتمدوا على روسيا بهذا الصدد، لافتا إلى أن السياسية التي يتم إتباعها من قبل موسكو ودمشق ليست لحماية الكرد، وإنما لحماية مصالحهم.