هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يتداول الناس بصفة لافتة وصفات علاجية تتكون من خلطات عشبية معدة لمعالجة أمراض مزمنة كأمراض القلب والشرايين، والضغط والسكري، وتكسر كريات الدم، وحالات العقم وعدم الإنجاب، وبعضها توصف للسرطانات المختلفة.
وفيما يحذر عامة الأطباء من التداوي
بالأعشاب ويصفونها بالسلوكيات الخاطئة، يدافع خبراء وممارسون للطب البديل عن تلك
الوصفات، ويسردون عشرات القصصص والوقائع لحالات مرضية مزمنة وفقوا لعلاجها بوصفات
عشبية، وأخرى مستفادة من صيدلية النحل بمنتوجاتها العديدة وفي مقدمتها العسل.
من جهته لفت أخصائي التحاليل الطبية أسامة مطير إلى أن التداوي بالأعشاب "منتشر بكثرة خاصة في الدول النامية، ومنها العالم العربي، حتى أن بعض الأطباء
تركوا الطب الرسمي وتحولوا إلى المعالجة بالأعشاب، ووصفات الطب البديل".
وأضاف: "لا أحد ينكر وجود مواد
كيميائية نافعة ومفيدة في الأعشاب الطبية، وهذا من اختصاص علم الصيدلة، وهي تخضع
لدراسات وأبحاث علمية، وليس كما هو شائع ومتدوال شعبيا في محلات العطارة وفي أوساط
العشابين".
وأكدّ في حديثه لـ"عربي21" على
توافر فوائد عديدة في تلك الأعشاب، لكن السؤال المهم هنا: من هو المؤهل لتقديم
وصفات علاجية من تلك الأعشاب؟ وما هي الشروط والمواصفات اللازمة حتى يكون مؤهلا
لممارسة تلك المهنة؟ إذ من الضروري أن يعرف خواص الأعشاب، وآثارها الجانبية،
وتداخلاتها الدوائية، والكميات والمقادير المطلوبة لكل حالة مرضية.
وأوضح مطير أنه من خلال بحوثه ومتابعاته
في هذا المجال لما يزيد عن ثلاثين سنة، لم يجد بين يدي من يمارسون العلاج
بالأعشاب، حتى الأطباء منهم، أي دراسات علمية موثقة يعتمدون عليها في إعطاء
الوصفات للأمراض المختلفة.
وانتقد مطير بشدة "توسل بعض الأطباء والمعالجين بالأعشاب بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية في الترويج
لمنتوجاتهم ووصفاتهم العشبية المختلفة عبر الفضائيات، وهي بالمناسبة باهظة
الثمن، وغير مجازة من الجهات الصحية المختصة، إضافة إلى أنهم يستشهدون بعشرات الأحاديث
الضعيفة والموضوعة".
وعن الطب البديل ذكر مطير أنه "ليس معترفا به في منظمة الصحة
العالمية، وكذلك لا يوجد اعتراف به من أي أكاديمية طبية عالمية محترمة" بحسب
اطلاعه.
وفي السياق ذاته أشار مدير عام مركز الحسين للسرطان الدكتور عاصم
منصور إلى أن "العديد من الدراسات
التي أُجريت لبحث إن كان للعلاجات بالأعشاب نتائج إيجابية في الشفاء من السرطان لم
تثبت أي منها ذلك"، مضيفا: "لكن بعض هذه العلاجات قد تحسن من درجة تحمل
المرضى وتقبلهم للعلاج، وتساهم كذلك في التخفيف من آثاره الجانبية".
واستدرك في تصريحاته لـ"عربي21" بالقول: "لكن في نفس
الوقت هنالك تأثيرات سلبية كبيرة لبعض الأعشاب والمركبات التي لا نعرف كنهها، ولا
تفاعلها مع الأدوية، فمثلا هناك آثار سلبية لمضادات الأكسدة، إذا ما أُخذت خلال
جلسات العلاج بالأشعة إذ تضعف من مدى الاستجابة لدى المريض".
وعن أهمية التغذية السليمة في معالجة السرطان، ذكر منصور أنه
مما لا شك فيه أن "للتغذية السليمة دورا في الوقاية من السرطان، وفي مساعدة الجسم
على تقبل العلاج وتحمله، لذلك فإننا نجد مختلف مراكز السرطان تستعين بمختصين في
التغذية السريرية، لكن أي نظام غذائي يجب أن يؤخذ في سياقه الصحيح، وتحت إشراف
المختصين، من غير مبالغة في التوقعات".
وردا على سؤال إن كان مر به خلال عمله في هذا الميدان حالات شُفيت
من السرطان عن طريق العلاجات العشبية، أكدّ منصور أنه طيلة فترة عمله في هذا
المجال والتي جاوزت العشرين عاما، لم يمر به مريض واحد شفي من السرطان عن
طريق تناول علاجات عشبية.
وتابع: "لكن في المقابل مر بي العديد من الحالات التي راجعتنا
بسبب الأعراض الجانبية لبعض الخلطات العشبية"، مشددا على أنه "لا توجد
حاليا أدلة علمية قوية تثبت قدرة العلاج بالأعشاب على علاج السرطان، أو اجتراح
المعجزات، لكن في حال أراد المريض تناول هذا العلاج، فيجب عليه استشارة الطبيب
المعالج أولا، والتعامل مع شخص خبير في هذا المجال".
وحذر منصور من التردد على غير الخبراء في هذا المجال، لأن هذا
الحقل بالذات "مرتع خصب لكثير من الباحثين عن الثراء السريع، ولو على حساب آلام
الآخرين، وأن يضع نصب عينية أنه ليس كل ما هو طبيعي آمن" على حد قوله.
"آمنة وفعالة"
بدوره أوضح خبير العلاج بالأعشاب، محمد خضر السوالمة، المعروف
بـ"أبو أيمن العطار" أنه يمارس العلاج بالأعشاب منذ عشرات السنوات، وأنه
يعتمد على مراجع علمية موثوقة، لمعرفة خواص الأعشاب وآثارها الجانبية، والأمراض
التي توصف لعلاجها.
وجوابا عن سؤال "عربي21" حول آلية تشخيصه للأمراض، قال السوالمة: "أنا لا أقوم بتشخيص الأمراض أبدا، بل أطلب من أي مراجع الذهاب إلى الأطباء
المختصين حتى يقوموا هم بتشخيص المرض، وأنا أقوم بتقديم الوصفات العشبية المجربة
والمضمونة بناء على تشخيص مؤكد من طبيب مختص".
وعن الأمراض المزمنة التي يعالجها بالوصفات والخلطات العشبية، ذكر
السوالمة أنه وُفق في علاج العديد من الأمراض والحالات المزمنة، وبعضها حالات ميؤس
منها طبيا، مثل عدة حالات سرطانية، وحالات عقم وعدم إنجاب، وتكسر في كريات الدم،
وحالات مرضية أخرى مستعصية.
ودعا السوالمة في ختام حديثه الأطباء ومراكز البحوث الطبية إلى
الاستفادة من تجارب خبراء الطب البديل والمعالجين بالأعشاب، وأنه على استعداد
لإطلاعهم على عشرات الحالات الميؤوس منها طبيا، والتي لم تتجاوب مع العلاجات
المقررة لهم، لكنها شُفيت تماما عن طريق الوصفات العشبية، ومنتجات مملكة
النحل" وفق وصفه.